خبر اخطأنا، لكن ..هآرتس

الساعة 09:16 ص|29 أكتوبر 2012

بقلم: جدعون ليفي

       (المضمون: برغم وقوع خطأ في استعراض استطلاع للرأي بيّن عن نسبة عالية من المواطنين الاسرائيليين اليهود الذين يلتزمون بمواقف عنصرية وقومية فان هذا الخطأ لا يغير من الصورة شيئا لأن المجتمع يبقى في نسبة كبيرة منه عنصريا وقوميا حقا - المصدر).

       ترمي هذه المقالة الى اصلاح عدة اخطاء، ما كان يجب ان تقع، ويجب الاعتراف بها والاعتذار عنها واصلاحها. وهي لم تقع عمدا بل بسبب اهمال نبع من ضغط الوقت وهذا هو وقت اصلاحها.

          بيّن استطلاع معهد "ديالوغ"، "كيرن اسرائيلا غولدبلوم"، الذي نُشر في صحيفة "هآرتس" في الاسبوع الماضي (23/10)، معطيات قاسية ومقلقة جدا، فقد رسم صورة اشكالية للمجتمع الاسرائيلي بصفته مجتمعا قوميا وعنصريا. وليس هذا هو الاستطلاع الاول ولا الأخير للأسف الشديد، الذي يشير الى هذا الاتجاه. وكان العنوان الذي أُعطي للخبر المفصل عن الاستطلاع مضللا. ان أكثر الاسرائيليين يؤيدون الفصل العنصري – اذا ضُمت اراضي الاحتلال فقط؛ ويعارض أكثر الاسرائيليين هذا الضم. وقد بينت صحيفة "هآرتس" هذا أمس.

          في الخبر نفسه الذي هو بقلمي، لم يقع أي خطأ، فقد بسط بدقة وتفصيل نتائج الاستطلاع. وفي تفسيري للخبر وردت جملة واحدة ووحيدة اخطأت حقيقة الاستطلاع وخالفت ما كتبته قبل ذلك بزمن قصير. فقد كتبت خطأ: "لا تريد الأكثرية ناخبين عربا للكنيست ولا جيرانا عربا في البيوت ولا طلابا عربا". والحقيقة كما كتبتها في الخبر مختلفة وهي ان 33 في المائة "فقط" من المستطلعة آراؤهم لا يريدون ناخبين عربا للكنيست، و42 في المائة "فقط" لا يريدون جارا عربيا، وقالت مثل هذه النسبة انه يضايقهم ان يكون طالب عربي في الفصل الدراسي لأبنائهم. فليست الأكثرية بل جزء (كبير) فقط من الاسرائيليين يؤيدون هذه المواقف المخيفة، وفي هذا شيء من العزاء. تخيلوا استطلاعا مشابها في فرنسا يقول ان ثلث الفرنسيين لا يريدون ان يكون لليهود حق انتخاب، ولا يريد نصفهم تقريبا جارا يهوديا ولا طالبا يهوديا. ان دعائيي اليمين خاصة الذين يصرخون الآن احتجاجا على الخطأ كانوا سيكونون أول الصارخين قائلين انها معاداة السامية، لكن يجوز لنا نحن اليهود.

          ومن هنا بدأ الانقضاض الثابت. هل تعرض المرآة صورة قاسية؟ فلنهشمها؛ هل يزل الرسول مخطئا؟ عليهم، وليذهب الى الجحيم كل ما أثارته مقالته حتى لو لم تكن مخطئة. هكذا يسلك الدعائيون دائما. ان واحدا منهم بنى حياة مهنية من النبش في اخطاء هامشية فقط. وبدل ان تتناول الردود الغاضبة معطيات الاستطلاع – التي كان يجب ان تثير الفضيحة – تناولت ردود كثيرة لقراء وكُتاب الأخطاء المؤسفة التي وقعت وهي لم تغير شيئا مما وجد استطلاع الرأي، لكنها كانت كافية لتصرف الانتباه عن السمين الى الغث. وهذا الصرف عن السمين والتحريض على الأخطاء هو الذي تم عمدا. وهو يرمي الى الطمس على الحقيقة التي بينها الاستطلاع الذي أثار وبحق ردودا قاسية في العالم. وكانت هذه آخر وسيلة دعاية بقيت في أيدي من يريدون الطمس على الصورة الحقيقية للمجتمع وعرضه بصورة متخيلة غير واقعية.

          كان السمين وما يزال ان جزءا كبيرا من المجتمع اليهودي في اسرائيل يلتزم بمواقف لا سبيل اخرى لتعريفها سوى ان نقول انها قومية وعنصرية. هل نحو من النصف لا يريدون جارا عربيا أو طالبا عربيا؟ ألا يريد الثلث مصوتا عربيا؟ أيريد النصف تقريبا تمييز العرب في الدولة؟ أليس ذلك كافيا لاخافة كل من يخشى على مستقبل هذه الدولة؟ لكن اليمين وأبواقه لا يهمهم كل ذلك. لا يعنيهم سوى خطأ يتكرر دائما ووقع للأسف الشديد ولم يكد يغير شيئا. وها هو يوضع التحدي على أبواب من لا تقلقهم نتائج الاستطلاع ويقلقهم الى حد الرعب عدد من الأخطاء وقعت في استعراضه وهو أننا نقول لهم جيئونا باستطلاع صادق واحد يبرهن على ان المجتمع في اسرائيل ليس كذلك وسيكون ذلك هو الاصلاح الحقيقي.