بقلم: الدكتور/ أيوب عثمان
كاتب وأكاديمي فلسطيني
جامعة الأزهر بغزة
أيخطئ أي أحد- مهما استعصى عليه الفهم والتحليل أو ضلَّ السبيل- ليظن أنني بمخاطبتي اليوم اللجنة القانونية في مجلس الأمناء قد بدأت أتلوّى تحسباً ووجلاً، ما دفعني إلى التوجه إليها استجداء لها واستدراراً لعطفها؟! لا أظن أن هناك أحداً في رأسه عقل يمكن أن يذهب إلى ذلك الفهم الضال والمضلل، لكننى أملك جرأة وشجاعة تدفعانني إلى بذل جهد ليس لاستجداء هذه اللجنة، بل إلى الاستقواء بها، وهذا من حقي، موضحاً لها ما أرى أنه كان يتوجب عليها أن تتساءل وتستوضح وتستفتي لتفتي وتقرر، لا أن تترك الأمور- هكذا- تذهب إلى الاستقواء على الحق والاستعداء ليس على القانون الإلهي فحسب، وإنما على القوانين الوضعية، المحلية منها والإقليمية والدولية!!!
وعلى الرغم من قناعتي الراسخة بأنه ليس من واجبي أن أوضح، وإنما من واجب اللجنة القانونية في مجلس الأمناء أن تستوضح، إلا أنني أرى أنه ليس من الخطأ أن أقدم للجنة القانونية ما يحفزها على الاستيضاح والعمل، كما يحفزها على ما من شأنه أن يستنهض همتها في اتجاه النهوض بما هو ملقى عليها من واجب مقاومة الفساد والتخريب والانطلاق نحو الإصلاح والتطوير. وعليه، فإنني أرجو أن أستأذن اللجنة القانونية في مجلس الأمناء لأعيد لها ما سبق أن كتبت في سياق ردي على قرار الباب العالي الذي قضى- على نحو جزافي غير محسوب العواقب- بتشكيل لجنة للتحقيق معي، حيث قلت في مقال بعنوان: "أتحداه... وأتحداهم":
"فقبل أن تحققوا مع من أشار إشارة خفيفة إلى عيوبكم وسوءاتكم، وقبل أن تسألوه أو تسائلوه عنها، قوموا ما اعوجّ فيكم واستروا عيوبكم وسوءاتكم وأصلحوا أموركم: نظفوا قاعات درسكم.. أصلحوا أبوابكم ومقابضها وشبابيكم بمساميرها وبراغيها.. أزيلوا من على جدران قاعات الدرس والحمامات ما عليها من كتابات وقذارات وحقارات ودناءات ورذائل وسفالات تحط بكرامة الآدميين الشرفاء وتخدش حياءهم.. احترموا الطلبة ووفروا لهم ما يستحقون، ولو لقاء الرسوم الذي يدفعون.. نظفوا جدران قاعاتهم وحماماتهم مما يؤذي عيونهم ويخدش حياءهم وكبرياءهم، وهم عدة الوطن ومستقبله كما أنتم على الدوام تدعون.. نظفوا سبوراتهم.. احموهم من شبابيك قد تسقط على رؤوس بعضهم فتأتي على حياتهم فتقع الجامعة كلها ضحية مقتل أحدهم.. انجزوا المصعد في غير وقت الدراسة.. أريحوا طلبتكم الذين يتعلمون وأساتذتهم الذين يعلمون من سيارات النقل التي تفرغ أحمالها من الحجارة والإسمنت والرمل والحديد والمعدات.. أريحوهم من الدق والخبط والسجح والجلخ والقص والمرزبات وسحب قضبان الحديد.. أريحوهم من الضجيج وإفساد الهواء وتلويث البيئة.. أريحوهم من المكاره الصحية وإقلاق الراحة وإفساد البيئةالدراسية والصحية.. أمنوا لطلابكم دراسة أفضل ولأساتذتهم قدرة على العطاء أكبر.. أوقفوا- وعلى الفور- أعمال البناء والدق والجلخ والقص والسحب وحولوها في فترة المساء بعد انتهاء الدراسة لتؤمنوا يوماً دراسياً هادئاً لطلبتكم ويوماً دراسياً جيداً لأساتذتهم."
وبعد، فهل أستأذن اللجنة القانونية الموقرة في مجلس الأمناء أن تتكرم بالإجابة- عملاً أو قولاً- على أسئلة ما تزال منتصبة أمامها؟!
أما آخر الكلام، فألا ترى اللجنة القانونية في مجلس الأمناء أنه يحسن بالمعيب أو الطعين قبل أن يعد نفسه للبطش بمن عاب عليه عيوبه أو طعن في سوءاته أو انحراف تصرفاته أن يستر عيوبه وعوراته ويعالج مسوغات الطعن فيه، ذلك أنه لا يجوز لمن تلفه عيوبه وتحتويه سوءاته وتنهكه سلبيات سلوكه دون أن يحاسب نفسه عليها، أن يعيب على من يتقزز منها وينفر عنها، كما لا يجوز له أن يحاسبه على عدم قدرته على التناغم معها وعلى جديته في فضحها، وعلى استنهاضه همة الناس لمقاومتها.