خبر تنقص: شروط الثقة.. هآرتس

الساعة 11:29 ص|23 أكتوبر 2012

بقلم: اسرائيل ميخائيلي

سفير اسرائيل السابق الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية وقائم بأعمال رئيس مجلس الامن القومي

(المضمون: لا يمكن بحث مسألة النووي الاسرائيلي في غير سياق السلام والامن في كل المنطقة - المصدر).

في الاسابيع الاخيرة نشرت عدة تقارير عن سياسة النووي الاسرائيلية (ضمن امور اخرى "الرفض النووي الاسرائيلي" بقلم روبين بدهتسور، "هآرتس" 30/9 و "وزير الخارجية السوري: يجب نزع السلاح النووي عن اسرائيل"، بقلم جاكي خوري، "هآرتس" 1/10). لشدة الاسف تجاهلت كل التقارير السياق الواسع.

بطبيعة الحال، تفحص اسرائيل موضوع النووي في السياق الاقليمي. فالدولة ملزمة بان تأخذ بالحسبان الجوانب الخاصة لمنطقة مفعمة بالنزاع في الوقوف عند أمنها ومسألة الامن الاقليمي. فاسرائيل تخضع لجملة من التهديدات: من الارهاب، عبر تهديدات الحرب وحتى التهديد باسلحة الدمار الشامل (الكيماوي، البيولوجي والنووي). وهكذا، مثلا، يوجد خطر واسع من أن يشكل مخزون الصواريخ لدى منظمات الارهاب في لبنان وفي قطاع غزة تهديدا أمنيا ذا مغزى. موضوع النووي لا يقف على انفراد بعيدا عن جملة المواضيع الامنية التي تتطلب الحل.

اسرائيل، التي تحدت دول المنطقة وتتحدى وجودها، مقتنعة بان علاقات سلام مستقرة واعتراف متبادل بين دول المنطقة هي عنصر حيوي في كل تسوية. خصومنا يطلبون البحث في "النووي الاسرائيلي" على نحو منقطع عن باقي المسائل الامنية في المنطقة، خلافا لكل سابقة دولية. في كل المناطق الخمسة في العالم، المجردة من السلاح النووي، تقيم الدول بينها علاقات سلام وتوافق على حل النزاعات بالطرق السلمية. وقد أعربت اسرائيل عدة مرات عن تأييدها لمبدأ تجريد المنطقة من السلاح، ولكن ليس على نحو منفصل عن الجوانب الاخرى.

دول في منطقتنا تواظب في السنوات الاخيرة على الطلب في أن تنضم اسرائيل الى ميثاق منع انتشار السلاح النووي (NPT)، ولكنها تتجاهل حقيقة لا يمكن لاسرائيل أن تتجاهلها: الميثاق، في بنود مركزية في ديباجته، يفترض واقع سلام وأمن وغياب تهديدات على الوحدة الاقليمية لاعضائه. كما أن تلك الدول تتجاهل خروقات خطيرة للميثاق من جانب دول في الشرق الاوسط هي عضو فيه. فالعراق بقيادة صدام حسين وليبيا بقيادة القذافي وان لم يعودا يشكلان تهديدا (على افضل علمي) الا ان سوريا وايران لا تزالان توجدان تحت تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وكلتاهما تضعان أمامها عوائق عديدة.

واضح لاسرائيل أن ميثاق الـ NPT لا يشكل حلا كافيا في منطقتنا. فنظام الـ NPT يهدده بالذات اعضاء الميثاق في الشرق الاوسط الذين يستخدمونه للتغطية على سعيهم نحو السلاح النووي. فضلا عن ذلك، فان الميثاق لا يشكل حاجزا امام نشر النووي في الشرق الاوسط. المفتاح لحل هذه المشاكل يوجد في تسوية أمنية اقليمية شاملة، تسندها آليات تحقق متبادل ناجعة. ويكاد يكون غنيا عن البيان الاشارة الى أنه في الوضع الحالي لم تنضج الظروف بعد لتسوية كهذه في منطقتنا.

تاريخيا، لم تشكل مسألة "النووي الاسرائيلي" عائقا في وجه اتفاقات السلام مع مصر والاردن. فضلا عن ذلك، اذا ما أنصتنا فسنفهم بان الانظمة المعتدلة في المنطقة تخشى بالذات المساعي الايرانية لنيل السلاح النووي.

لو أن الدول العربية أرادت حقا تحقيق هدوء في المنطقة لبحثت مباشرة مع اسرائيل في كل مسائل الامن في المنطقة. بدلا من ذلك نجدها تحاول اتخاذ خطوات دولية برعاية NPT ليست اسرائيل طرفا فيها، وذلك على سبيل فرض انضمام اسرائيل الى الميثاق. وتعزز جهودها هذه الموقف السلبي لانظمة متطرفة في المنطقة وتمنع الحوار الناجع مع اسرائيل في مسائل الامن القومي.

لشدة الاسف، فان الظروف السائدة اليوم والتجربة التاريخية في خرق التعهدات من جانب دول في المنطقة، تفشل حتى خطوات بناء ثقة متواضعة في الطريق الى تسويات أمنية. دليل أخير على ذلك يمكن أن نجده في السلوك المقلق للنظام السوري في سياق مخزونات السلاح الكيماوي التي بحوزته، والذي نفي وجوده رسميا في الماضي.