خبر أمير قطر يقطع شعرة معاوية في غزة ..كتب إبراهيم إبراش

الساعة 05:44 م|22 أكتوبر 2012

كتب إبراهيم إبراش 

يوما بعد يوم ينكشف مستور مخطط تدمير المشروع الوطني الفلسطيني على أشلاء فلسطين التاريخية ،مخطط صيرورة حل الدولتين إلى دولة الكيان الصهيوني التي تشمل الضفة والقدس من جانب وإمارة غزة الإخوانية من جانب ثاني. ففي الوقت التي تستباح فيه الضفة الغربية والقدس وفي الوقت الذي يتطلع فيه الفلسطينيون للشعوب العربية ولجامعة الدول العربية والعالم لاتخاذ إجراءات عاجلة لوقف الاستيطان وإنقاذ مدينة القدس ، تأتي أخبار زيارة أمير قطر لغزة ،وهذا لعمري يعتبر التفافا على جوهر القضية الفلسطينية وهروبا من الاستحقاق المطلوب لمواجهة إسرائيل وواشنطن إن لم يكن إنقاذا لهما من الحرج ،وإلهاء للفلسطينيين بإمارة غزة  وكفى المؤمنين شر القتال.

زيارة أمير قطر وزوجته - إن تمت - ليست زيارة لأسباب إنسانية كما يزعم البعض،فتدشين مشاريع اقتصادية لا يحتاج بالضرورة لزيارات رؤساء دول،إنها زيارة غير بريئة ستكون تداعياتها السياسية أكثر خطورة من فوائدها الإنسانية حتى وإن كان عنوانها كسر الحصار.لو كان هدف الزيارة إنساني لتمت من خلال التنسيق الكامل مع الرئاسة الفلسطينية،لأن غزة جزء من شعب ووطن وليست كيانا قائما بذاته،وهذا الشعب عنوانه (حتى الآن) منظمة التحرير والرئيس أبو مازن، وهذا ما تعترف به جامعة الدول العربية وكل المنظمات الإقليمية والدولية،وحسب البروتوكول المعمول به في كل العالم زيارات رؤساء الدول لا تتم إلا من خلال الرئاسة ،ومهاتفة رفع العتب من أمير قطر للرئيس لا تكفي ،فحال الرئيس والسلطة والمنظمة ليس بالحال الذي يسمح لهم بالدخول في مواجهة مع قطر العظمى،وصمت الرئيس هو صمت العاجز وليس الموافق،وإن يطلب أمير قطر من الرئيس أبو مازن مرافقته لزيارة غزة فهذه إهانة بحق الرئيس ،فكيف لرئيس فلسطين أن يزور مدينة فلسطينية  تحت عباءة وحماية زائر أجنبي حتى وإن كان أمير قطر؟ !.

 إن كان المال القطري يعمي بصيرة البعض الذين يمنحون ولاءهم لمن يدفع أكثر- بالأمس القريب تم رفع صورة مرسي وبعد أيام تم رفع صورة قطر ولا نعرف صورة مَن ستُرفع في شوارع غزة غدا - ،فالشعب الفلسطيني يعرف بوصلته وهو على درجة من الذكاء ليعرف كل ما يحاك بعيدا عن الخطاب الذي بات ممجوجا عن كسر الحصار ودعم الصمود.الشعب الفلسطيني يعرف أن غزة محتلة كبقية فلسطين ،وأن مشاكلها غير ناتجة عن الحصار فقط بل عن الاحتلال وعن ممارسات فاشلة لحكومة غزة ،وبالتالي من يريد دعم الشعب الفلسطيني في غزة فعليه أن يذهب مباشرة لسبب معاناته وهو الاحتلال والانقسام .

  إن كان أمير قطر يعتقد أنه من خلاله ملايينه ومشاريعه الموعودة سينال في غزة وسام البطولة والنصر مرصعا بعظام وأشلاء شهداء فلسطين سيكون واهما،فكل ملايينه لن تنسي الفلسطينيين أن غزة مجرد مدينة كبيرة في فلسطين وان القدس والضفة إن لم يكن الجليل واللد ويافا وحيفا أكثر أهمية وقدسية من غزة،شعب فلسطين عودنا دائما أن يمنح الأوسمة للشهداء والمقاتلين والجرحى والأسرى وليس لمن يقدم مالا أكثر.إن كانت حركة حماس وحكومتها يريدان رد الجميل لمن مهد لهم الطريق للخروج من مربع الجهاد والمقاومة لمربع الحكومة والسلطة فهذا شانهم ،إلا أن القول الفصل ليس لحركة حماس أو لأي حزب بل للشعب الفلسطيني الذي تعدداه أكثر من 11 مليون نسمه ،وغالبية الشعب الفلسطيني تقول لا أهلا ولا سهلا بزيارة أمير قطر لغزة .

منذ سنوات ونحن نكتب ونحذر من مخطط التقسيم ومن مساعي أطراف متعددة  لتدمير المشروع الوطني الفلسطيني من خلال فصل غزة عن الضفة وتمكين حركة حماس من سلطة في قطاع غزة.إن كانت إسرائيل المخطط والمستفيد الأول من هذا المسعى فهي التي بدأته بخطة شارون بالانسحاب من غزة 2005 ،إلا أن هذا المخطط الصهيوني تقاطع مع مصالح واستراتيجيات أطراف أخرى وخصوصا واشنطن التي قررت إعطاء الأولوية لمحاربة الإرهاب وإعادة ترتيب الأوضاع في المنطقة على حساب استكمال عملية السلام التي ترفضها إسرائيل،أيضا تقاطع مع سياسة جماعة الإخوان المسلمين التي قررت وبمباركة أمريكية الدخول في معترك الحياة السياسية العربية رسميا– ونُذكر هنا أن واشنطن ضغطت على كل من مصر والمغرب والأردن والرئيس أبو مازن خلال سنتي 2005 و 2006 لتمكين الإخوان المسلمين من المشاركة في الانتخابات وهذا ما جرى - ،وجاء ما أطلقت عليه واشنطن اسم الربيع العربي والمعادلة الجديدة أو النظام الإقليمي ليعطي دفعة لدولة غزة موظفين الحصار من جانب وفشل المفاوضات وأزمة السلطة ومنظمة التحرير من جانب آخر.

أمير قطر يزور غزة ليستكمل الدور الذي بدأته قطر من خلال وزير خارجيتها كعرابة للانقسام ولدولنة غزة منذ عام 2004 ،أمير قطر سيأتي لغزة ليس لتدشين مشاريع الإعمار بل ليضع لمسته الأخيرة على إمارة غزة .زيارة امير قطر لغزة ستقطع شعرة معاوية بين الضفة وغزة وستقضي على آخر الأمل عند الفلسطينيين بالمصالحة ،لأن المصالحة بعد قيام دولة غزة ستكون أكثر صعوبة إن لم تكن مستحيلة .

وسؤال أخير نطرحه على المجاهدين في حركة حماس وعلى كل من يراهن عليها كحركة مقاومة ،كيف يمكن لحركة جهادية ترفض الاعتراف بإسرائيل وتسعى كما تقول لتحرير فلسطين من البحر إلى النهر أن يكون حليفها دولة قطر ،الحليف الاستراتيجي لواشنطن بعد إسرائيل والمُحتَضِنة لأكبر قاعدة عسكرية أمريكية ؟ من لديه الجواب فانا أنتظره مشكورا.