خبر الطائرة « ايوب » تمنع الحرب ام تستدعيها؟ ..بقلم : العميد د. امين محمد حطيط

الساعة 02:00 م|20 أكتوبر 2012

ما ان اقرت اسرائيل بخيبتها وبالصدمة التي تلقتها من حزب الله عبر طائرة الاستطلاع بدون طيار "ايوب" التي اطلقت من لبنان بايد لبنانية، والتي اخترقت سبع منظومات مراقبة محدثة لها العمى الراداري من لبنان الى البحر المتوسط الى فلسطين المحتلة، ما ان تم ذلك حتى خرج الفريق الذي يحمل الجنسية اللبنانية ويعمل لمصلحة الغرب "متباكيا" على السيادة اللبنانية، ومبديا "رعبه" من حرب ستستدعيها هذه الطائرة على لبنان فهل في قول هؤلاء حجة يؤخذ بها او منطق؟
  للاجابة  نبدأ بمناقشة موضوع السيادة وموقف "الجماعات الـ 14 اذارية" الحقيقي منها حيث نتوقف عند ما يلي :


أ) ان  السيادة اللبنانية خاصة في الجنوب لم تكن استعادتها بعد الاحتلال الا نتاج بندقية المقاومة والارادة الوطنية التي عملت لنيف و22 سنة منذ العام 1978 (يوم صدر القرار 425 ولم ينفذ) اما المتابكون دعاة الشرعية الدولية والمتسكعين على ابواب الغرب في سفاراته في لبنان او مراكز الحكم في العواصم الاجنبية فانهم لم يستطيعوا ان يستنقذوا من اسرائيل حبة تراب او قطرة ماء اغتصبتها، لا بل انهم وقعوا معها اتفاق التفريط بالسيادة  .
ب) ان السيادة اللبنانية تؤمنها وتحرسها القوة الوطنية، والقوة في الاساس هي القوة الرسمية التي تجهزها الدولة والتي يعبر عنها بالجيوش، وان الجيش اللبناني وبفضل سياسة "فريق مدعي السيادة" لا زال يشكو من نقص فاضح في التسليح ما جعله غير قادر على المواجهة الدفاعية المتكافئة وفقا للاخطار التي تشكلها اسرائيل، وهنا نسأل اين منظومات الدفاع الجوي التي تمنع الطيران الاسرائيلي من انتهاك الاجواء اللبنانية، واين منظومات المراقبة والدفاع البحري التي تمنع البحرية الاسرائيلية من انتهاك مياهنا الاقليمية، وأين....واين السلاح الذي نرد به على عدوان او نخرج به محتل من الغجر و مزارع شبعا.
ج) ان السيادة اللبنانية لا تتحقق مع ايواء الارهابيين والمسلحين الوافدين من اربع رياح الارض  برعاية ودعم من "فريق مدعي السيادة" من اجل التحشد في لبنان والعمل ضد سورية قتلا وتدميرا، بل ان السيادة و الممارسة الحقة تفرض اقفال الابواب بوجه هؤلاء حتى لا يكون يتسبب وجودهم في فتح ابواب عكسية تهدر الامن اللبناني وتنتهك السيادة اللبنانية.
د)  ان السيادة اللبنانية تفرض عدم التدخل بشؤون الاخرين حتى لايقدموا وكردة فعل على التدخل بشؤون لبنان، وهنا نسأل دعاة السيادة الكاذبة كيف يبررون ارسال نواب منهم للانخراط في العمل الارهابي المسلح ضد سورية انطلاقا من الاراضي التركية، كانه لم تكفهم جبهة لبنان فحاولو التمدد الى خارجها.
ه) ان السيادة اللبنانية تفرض الحرص وعدم التفريط باي شبر من الارض اللبنانية و المناطق الاقتصادية اللبنانية، تماما كما حصل في العام 2000 عندما رفض لبنان التنازل عن حبة تراب لاسرائيل وواجه العالم المتمثل بمجلس الامن الدولي في 16 حزيران من ذاك العام، واضطر مجلس الامن ورغم الضغوط الاميركية ان يستجيب الى المطالب اللبنانية ما ادى  الى استرجاع 17765500 م2 كانت اسرائيل وبدعم اممي تريد اغتصابها ، اما ان يقدم ممثلو" فريق مدعي السيادة" في الحكم في العام 2007 وفي غياب وزراء طائفة كبرى على ابرام اتفاق مع قبرص يضيع على لبنان مساحة 862 كلم2  من منطقته الاقتصادية  البحرية فانه لايمكن ان يعتبر الا تفريطاً  بالحق والسيادة كما فعل فؤاد السنيورة يومها.
و)  ان السيادة اللبنانية تفرض تطبيق القانون اللبناني على الارض اللبنانية وعلى كل ما يجري عليها، ولا يكون بالتنازل الطوعي عنها ووضع لبنان تحت الانتداب القضائي الاجنبي ورهنه الى محكمة اسميت دولية وتتصرف بما يناسب اميركا واسرائيل، كما انه  لايكون طبعا بتسليم كل ماهو متعلق بقاعدة معلومات شخصية للبنانيين جميعا، تسليمها الى جهات تؤدي في النهاية الى اسرائيل .
ز)  ان السيادة البنانية تفرض ان تكون قوى الامن الداخلي عاملة بالقرار اللبناني غير خاضعة باتفاق او بغير اتفاق لوصاية اجنبية مهما كان نوع وحجم هذه الوصاية وهو امر يتنافى طبعا مع مشهد السفير الاميركي يترأس احتفال ويسلم الشهادات  للقوى الامن الداخلي التي ابرمت اتفاقا مع اميركا تخطى الكثير الكثير من عناصر السيادة اللبنانية (بالمناسبة لانعرف مصير هذه الاتفاقية الامنية اليوم بعد كل الذي اثير حولها منذ سنتين).
ح)  ان السيادة اللبنانية تتنافى مع مشهد السفراء الغربيين وهم يتجولون بين الادارات و المراكز الرسمية يستطلعون ويوجهون، دون ان يجرؤ دعاة السيادة على التلفظ ببنت شفة لا بل ينصاعون لاوامرهم مذعنين ومفاخرين بانهم تلقو ا الثناء او التوجيه منهم.
ح) وطبعا تتنافى السيادة اللبنانية مع استمرار اسرائيل بانتهاك جوي يومي للاجواء اللبنانية واحتلال مقيم في الجنوب لمساحة تتعدى العشرات من الكيلومترات المربعة، كما تتنافى مع الدخول المستمر للدوريات الاسرائيلية على طول الحدود واختطاف لبنانيين، او تهديد باقفال هذا المنتجع السياحي او ذاك دون ان نسمع او نرى موقفا من" فريق مدعي السيادة".
 لائحة انتهاك سيادة لبنان على يد مدعي السيادة وبموافقتهم لائحة طويلة وتطول ان شئنا الاسهاب اكثر في عرض مواطن انتهاكها بسكوت ورضى ضمني من  هؤلاء "حيث لم نسمع منهم كلمة او موقفا بحقها لابل كان انخراط منهم وتسهيل لها وعليه  نقول ان السيادة ليست كلاما للتلفظ والاجترار بل انها فعل ممارسة وعمل وحماية وصيانة.
2)    اما عن خرق القرار 1701 واستدعاء الحرب على لبنان فاننا نستغرب مواقف" جهابذة الفكر العسكري والاستراتيجي" لدى تلك الفئة المصابة بعمى المنطق والمدعية الحرص على الامن والاستقرار اللبناني، ونذكر من لديه استعداد للفهم و المعرفة بما يلي:
أ‌)    ان القاعدة الذهبية هي "ان اردت السلام استعد للحرب" لان من يجهز القوة للمواجهة والدفاع يمتلك القوة الرادعة التي تمنع عدوه من مهاجمته، حتى ان هذه القاعدة يعمل بها على صعيد الجريمة الفردية، حيث يقال "القاتل والقتيل شريكان في الجريمة الاول لانه اعتدى والثاني لانه بضعفه اغراه بالاعتداء عليه" اذ لو كان يملك القوة التي تخيف الخصم لما ترك له فرص الاعتداء.
ب‌)    ان اسرائيل اذا ارادت عدوانا فانها لاتنتظر ذريعة او حجة للاعتداء، لا بل تختلق ما تريد منه، فهي تشن هجوما وعدوانا في كل مرة ترى ان مصالحها تبرر ذلك وبان لديها القدرة على تحقيق الانجاز الميداني المطلوب، وانها قادرة على احتمال ردة فعل الخصم واستيعابها، وقادرة على تثمير نتائج العدوان سياسيا.
وهذه الامور كما بات معلوما غير متوفرة في الواقع القائم، حيث ان قدرات المقاومة التي يناصبها دعاة السيادة الكاذبة العداء، قدرات في حجم يمنع اسرائيل من تحقيق انجازفي الميدان كما انها قادرة على زعزعة امن الجبهة الداخلية الي لم تتمكن اسرائيل من تحصينها وسد الثغرات التي اكتشفت فيها في العام 2006 و جاءت "الطائرة ايوب" لتؤكد هذا العجز الاسرائيلي، وليثبت المشهد القاطع بان اسرائيل غير جاهزة للحرب الان كما يشهد الاسرائيليون انفسهم.
ت‌)    ان اسرائيل كما الغرب مغتطبون لما يجري من عدوان على سورية بايد عربية واسلامية (ودعاة السيادة منهم) من اجل تدمير الكيان السوري المقاوم وشطب سورية من المعادلة الاقليمية ومن معادلة الصراع العربي الاسرائيلي، وهي ليست بحاجة الان الى حرب تشنها بايديها طالما ان دعاة الحرية والسيادة الكاذبة وملفقي مقولة حقوق الانسان والديمقراطية يقومون بما تريد اسرائيل ويشنون الحرب البديلة وينفذون بالوكالة عن الغرب والصهيونية العدوان الموصوف ضد السوريين.
على ضوء ذلك نقول، ان السيادة حتى تحفظ يجب ان تجهز لها القوة التي تؤمنها وان الحروب تمنع بامتلاك القوة الرادعة، وهذا بالضبط ما تقوم به المقاومة وجمهورها، و تكون "الطائرة ايوب" هنا عنصرا جديدا يراكم القوة ويمنع الحرب على لبنان خاصة وانها احدثت في اسرائيل انهيارا يلزمه الاشهر الطوال حتى يرمم، اما الخنوع والعمالة والارتهان الذي يمارسه اعداء المقاومة ومناهضيها فهو استدعاء لانتهاك السيادة واستجلاب للحرب، وبالتالي لنفسر هجوم "تيار مستقبل الحريري" وملحقاته واتباعه الاذاريين، لا نفسر هجومهم على المقاومة و"طائرة ايوب" الا امعانا في هدر السيادة وارتهانا للخارج، وسير عكس المنطق الذي يعمل به العقلاء وعلى اي حال ليس الامر غريبا عنهم، اذ في الوقت الذي اجمع العالم كله في العام 2006 على هزيمة اسرائيل حتى اسرائيل نفسها اقرت بالهزيمة ونصر حزب الله (والفضل ما شهدت به الاعداء) فقط بقي على الكرة الارضية جماعات مستقبل الحريري واتباعهم يقولون بعكس ذلك.