خبر « لماذا فشل الشاباك في الحصول على معلومات عن شاليط؟ »

الساعة 02:04 م|18 أكتوبر 2012

القدس المحتلة

تناول الكاتب يوسي ملمان، في موقع "واللا" الإخباري، وبمناسبة مرور سنة على صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس والتي أطلق فيها سراح الجندي الإسرائيلي غلعاد شاليط ،ما أسماه "فشل الشاباك في الحصول على معلومات عن شاليط".

ويشير الكاتب إلى أنه بعد عام من إطلاق سراحه، وبعد أن تم استجوابه حول ظروف أسره، لا تزال الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية تجد صعوبة في شرح أسباب "الفشل المدوي للعمى الاستخباري الذي استحوذ على إسرائيل طيلة 64 شهرا". وهذا الفشل، بحسب الكاتب، منع إسرائيل من تخطيط وتنفيذ عملية لإطلاق سراحه بدلا من الحاجة إلى إجراء صفقة تبادل أسرى مؤلمة "منحت حركة حماس إنجازا عسكريا واستخباريا وسياسيا ونفسيا مذهلا".

وبحسب الكاتب فإن الفشل أولا هو فشل الشاباك المسؤول عن التغطية الاستخبارية في الضفة الغربية وقطاع غزة. وبحسبه فإن رئيس الشاباك السابق يوفال ديسكين كان نزيها بما يكفي للاعتراف بفشله الشخصي. كما أن وريثه في المنصب يورام كوهين اعترف بفشل الشاباك أيضا. ولكن الحديث عن فشل أجهزة، وليس عن جهاز واحد فقط. ويشير الكاتب إلى أن الوحدة 8200، وحدة جمع المعلومات المركزية التابعة لشعبة الاستخبارات في الجيش، تتحمل مسؤولية الفشل أيضا وإن كان بنسبة أقل. وحتى رئيس الموساد السابق مئير دغان ومع تركه لمنصبه في مطلع العام 2011 اعترف بالفشل في الحصول على معلومات عن مكان احتجاز شاليط، مشيرا إلى أن ذلك كان الفشل الأكبر في ولايته في رئاسة الموساد.

ويشير الكاتب إلى أن الشاباك هو المسؤول عن جمع معلومات استخبارية من مصادر بشرية حول ما يجري في الضفة الغربية وقطاع غزة، وعن إحباط "عمليات إرهابية". أما الوحدة 8200 فهي تساعد الشاباك في جمع المعلومات الاستخبارية في الأراضي الفلسطينية المحتلة من مصادر تكنولوجية، مثل الهواتف والحواسيب، في حين يمكن الافتراض بأن الموساد حاول تفعيل علاقاته خارج البلاد وقدراته خاصة في مجال تفعيل عملاء خارج إسرائيل.

ويضيف أنه في ظروف "العمى الاستخباري" لم يبق أمام الجيش الإسرائيلي أو القيادة السياسية أي خيار آخر سوى صفقة تبادل الأسرى، منوها إلى أنه بسبب النقص في المعلومات الاستخبارية فإنه لم يجر أبدا فحص الجاهزية العملانية كمرحلة سابقة للتخطيط لعملية إطلاق سراح شاليط، من قبل شعبة العمليات الخاصة في الجيش، والوحدة الخاصة في الجيش ووحدات العمليات في الشاباك.

ولا يمكن الاستنتاج، بحسب ملمان، أنه لو كان لدى إسرائيل معلومات استخبارية جيدة حول مكان احتجاز شاليط، وحول نظام الحماية الخاص بحركة حماس، لكان بالإمكان إخراج عملية إطلاق سراحه إلى حيز التنفيذ، حيث أنه حتى في الحالات التي تتوفر فيها المعلومات الجيدة والمحتلنة يجب الأخذ بالحسبان وجود فجوات في المعلومات قد تؤدي إلى الفشل، مثلما حصل في عملية إطلاق سراح الجندي نحشون فاكسمان الفاشلة في تشرين الأول/ أكتوبر من العام 1994، والتي قتل فيها فاكسمان نفسه وضابط في "متكال".

وفي المقابل، يشير الكاتب إلى أنه في حالة شاليط فقد كان لدى الجيش الإسرائيلي معلومات مسبقة تحذر من إمكانية تنفيذ عملية أسر جنود. وبالرغم من ذلك تمكنت حركة حماس من مفاجأة الجيش الإسرائيلي وأسر شاليط، ما أدى إلى تبادل التهم بين الجيش والشاباك، حيث ادعى رئيس أركان الجيش في حينه دان حالوتس أنه لم يكن لدى الجيش أي إنذار مسبق، في حين قال ديسكين إن الشاباك نقل تحذيرا مفصلا حول "نية منظمات الإرهاب تنفيذ عملية نوعية مع إمكانية شن هجوم على هدف قرب السياج الحدودي"، مع الإشارة إلى أن "العملية قد تنفذ بواسطة الأنفاق في منطقة كرم أبو سالم خلال الفترة الزمنية الآنية".

ولفت الكاتب إلى أن تفاصيل الإنذار كانت كافية لمنع عملية أسر شاليط لو أبدى الجيش المزيد من التيقظ، مشيرا إلى أن تقرير جنرال الاحتياط غيورا آيلاند، الذي عين لفحص القضية، قد أكد ذلك، وفي الوقت نفسه لم يوص باستخلاص النتائج الشخصية تجاه القيادة العليا في الجيش، وبذلك، بحسب الكاتب، بقي القائد العسكري لمنطقة الجنوب يوآف غالانط مشرحا لرئاسة أركان الجيش، في حين جرت ترقية قائد كتيبة "أوغدات عزه" آفيف كوخافي إلى منصب رئيس الاستخبارات العسكرية (أمان). وفي هذا السياق يشير الكاتب إلى أن تقرير آيلاند يتناقض مع تقرير أسر جنود آخرين، إلداد ريغيف وأودي غولدفاسر من قبل حزب الله، حيث كان تقرير الجنرال احتياط دورون ألموغ عينيا ونقديا تجاه قائد الكتيبة غال هيرش ما أدى إلى استقالة الأخير من منصبه.

ويشير ملمان أيضا إلى أن تقرير آيلاند قد كشف أنه بالرغم من التحذيرات فإن ضباط الاستخبارات لم يبدوا المزيد من التيقظ كما كان متوقعا. كما كشف التقرير خللا عملياتيا خلال عملية الأسر، وبعد وقت قصير من تنفيذها وتجلى ذلك في البلبلة التي أصابت الجيش وبرد الفعل البطيء للجيش، لدرجة أنه كان بالإمكان، لو تحرك الجيش فورا، تشويش عملية أسر شاليط مع الأخذ بالحسبان أن ذلك كان قد يؤدي إلى مقتل شاليط نفسه.

ويشير ملمان إلى أن قبل تنفيذ عملية أسر شاليط بنحو 30 ساعة، وفقما كشفت عنه "معاريف" و"هآرتس"، فإن قوة تابعة لـ"متكال" قامت باختطاف شقيقين ناشطين في حركة حماس من بيتهما قرب رفح، وأن أحد الشقيقين مصطفى معمر كان يعلم بخطة حماس تنفيذ عملية الأسر، ولكن المحققين لم يعرفوا ذلك، بل تحدث عن خطة الأسر بعد ساعات قليلة من تنفيذ عملية أسر شاليط ونقله إلى مكان سري.

ويشير الكاتب إلى أن المعلومات حول هوية "الخاطفين" كان يفترض أن تساعد الاستخبارات الإسرائيلية. كما يشير إلى دور "لجان المقاومة" في تنفيذ العملية إلى جانب حركة حماس. وبحسبه فإن كثرة المنظمات ذات الصلة بعملية أسر شاليط يمس بسريتها، وبالتالي يساعد الشاباك في الحصول على معلومات، ولكن ذلك لم يحصل.

ويتابع أن الفشل الثاني كان فشل الشاباك في دفع حركة حماس إلى ارتكاب أخطاء يمكن أن تساعد الشاباك في الحصول على معلومات. وبحسبه فقد كان بالإمكان، وبواسطة سلسلة عمليات، دفع الطرف الثاني إلى ارتكاب أخطاء، ولكن ذلك لم يحصل.

ويكتب أيضا أن الشاباك بدأ بتفعيل وسائل جمع المعلومات بشكل متأخر نسبيا، وأن مرور الزمن مكّن آسري شاليط من الاستعداد كما يجب، والتشديد على السرية المطلقة. ويشير أيضا إلى أن الشاباك تمكن من الوصول إلى عدد من آسري شاليط وتشخيصهم، وتم اغتيال اثنين منهم: عماد خالد والأمين العام للجان المقاومة كمال النيرب. وبحسب الكاتب فإن النيرب كان أول من حقق مع شاليط فور أسره. كما تم اختطاف آخرين والتحقيق معهم، بيد أن التحقيقات لم تسفر عن أي نتيجة ملموسة، حيث أنه تم فصلهم عن دائرة الأشخاص، عناصر كتائب عز الدين القسام، الذين تسلموا شاليط فور حصول عملية التسليم.

ويتابع الكاتب أن حماس شددت على السرية، وأن المجموعة التي كانت تحرس شاليط كانت سرية، ولم يعرف بوجد المجموعة سوى عدد قليل من المسؤولين في حركة حماس. وكان عناصر المجموعة مرتبطين مع أحمد الجعبري، قائد كتائب عز الدين القسام. وينوه الكاتب هنا إلى أنه يمكن تخمين أن الحراس/عناصر المجموعة حافظوا على السرية المطلقة، ولم يستخدموا الهواتف الحوالة أو الثابتة أو أي جهاز اتصال أو حاسوب، وكانوا يعلمون أن الاستخبارات الإسرائيلية تكرس الساعات الطويلة في المتابعة والمراقبة، ولم يبقوا خلفهم أي "أثر رقمي" بدونه لا يمكن يفعل شيئا كل من الشاباك والوحدة 8200.

كما يشير الكاتب إلى أن الحراس، على ما يبدو، لم يتبادلوا أية رسائل مع العالم الخارجي، وأن الاتصال فيما بينهم كان بواسطة أشخاص. ولم يظهروا وجوههم لشاليط حتى لا يتمكن من تشخيصهم.

ويضيف أن الشاباك وقسم العمليات الخاصة في الجيش لم ينجحوا في تخطيط وتنفيذ عمليات خطف شخصيات مركزية في حركة حماس لهدف مزدوج: الحصول على معلومات استخبارية حول مكان احتجاز شاليط، واستخدامهم كورقة مساومة.

ويشير الكاتب في هذا السياق إلى أن اختطاف مهاوش القاضي من رفح في العام 2007، والمهندس ضرار أبو سيسي في أوكراينا في العام 2011، كان استخلاصا بائسا بكل المعايير مقابل عمليات خطف في لبنان كانت بهدف الحصول على معلومات حول رون أراد، رغم أن ذلك لم يغير الوضع في نهاية الأمر.

وينهي الكاتب تقريره باقتباس أحد المسؤولين السابقين في الشاباك "إن قضية شاليط هي إحدى الحالات القليلة التي لم يركز فيها الشاباك والجيش جهودهما فيها". وبحسبه فإنه "في حرب الظلال هذه كان حركة حماس هي المنتصرة".