خبر اغتيال السعيدني واستمرار التصعيد الاسرائيلي / مصطفى ابراهيم

الساعة 03:19 م|17 أكتوبر 2012

شكلت عملية اغتيال هشام السعيدني ضربة قاسمة للجماعات السلفية في قطاع غزة، لما لهذا القائد من تأثير وخصوصية في نفوس اتباعه ومؤيديه، خاصة انه جاء بعد عدة محاولات لإعادة نشاطاتها ومشاغلة حركة حماس وإطلاق الصواريخ على المدن الاسرائيلية الحدودية ومحاولات تنفيذ عمليات عسكرية من سيناء باتجاه اسرائيل، وأيضا بعد ان انكفأت الجماعات السلفية الجهادية على ذاتها بعد مقتل عدد من قادة تلك الجماعات، وملاحقة الحكومة لها والمراجعات الفكرية التي اجرتها مع بعض عناصرها خاصة اولئك الذين حاولوا العبث في الامن الداخلي في قطاع غزة.

وأهمية الرجل تنبع أيضاً من انه حاول توحيد جماعات السلفية الجهادية في قطاع غزة، لكنه لم ينجح في ذلك، ومع هذا فان له من الأتباع والمريدين الذين تطلعوا لان يكون الموحد والملهم لهم، فجاء اغتياله ليشكل صدمة كبيرة لهم ستؤثر عليهم لفترة زمنية.

اسرائيل منذ اكثر من عامين أخذت على عاتقها محاربة تلك الجماعات واستهدافهم بشكل مباشر، وقامت باستهداف عدد من عناصر السلفية الجهادية في قطاع غزة، وقتل عدد منهم وتصفية عدد أخر، وإسرائيل تقوم بذلك وهي مرتاحة الضمير، وهي ليست بحاجة الى تبرير اغتيال عناصر وقيادات من الجماعات السلفية الجهادية، “الارهابية” وما تطلق عليهم “الجهاد العالمي”.

وهي لا تخفي تنفيذ عمليات الاغتيالات السابقة، كما لم تنفي عملية اغتيال السعيدني او أي عملية قادمة، وتفتخر بذلك، ولن تتوقف ولن تردعها أي جهة، وتدرك ان الرد الفلسطيني سيكون محدود ومحسوب، لان أي جهة فلسطينية خاصة حماس لا ترغب في التصعيد وتعمل على الحفاظ على التهدئة في قطاع غزة، كما ان اسرائيل لا ترغب في رفع وتيرة التصعيد وهي راضية عن ما تقوم به من عمليات ردع مستمرة لفصائل المقاومة، وتدعي انها تقوم بذلك كرد فعل على ما تقوم به بعض الفصائل الفلسطينية، وسواء كان هذا في السابق او في مرحلة الاعداد للانتخابات الاسرائيلية التي ستجري نهاية شهر كانون اول ( يناير) من العام 2013.

فهي ستستمر بذلك وعملية تصفية السعيدني لن تكون الاخيرة، وعندما تقدم اسرائيل على تبرير عملية الاغتيال تعلن صراحة أن ذلك للردع وإيقاع الخوف في صفوف الاخرين وان يدها طويلة، ومع كل عملية تصعيد تتزايد التهديدات الاسرائيلية بشن عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة.

وإسرائيل تدرك أن هؤلاء مطلوبون لأكثر من جهة دولية، وهي تقوم بهذا الفعل بنفسها، ولا تنتظر من احد ان يقوم بذلك عنها، وان دفعت وحرضت كثير من الاطراف لوضع حد لهم، وهي تفضل التصفية على الاعتقال، ضمن الحرب على ما يسمى ” الإرهاب”.

وهي تعلم ان تصفيتها لهؤلاء تلقى رضا وموافقة المجتمع الدولي خاصة الدول الغربية والولايات المتحدة الامريكية، وبعض الدول العربية والإقليمية والتي تستخدم هؤلاء في اكثر من منطقة عربية لإغراض خاصة بتلك الدول، وبعضها يسهل دخولهم الى سورية ويشجع بعضهم على العبث احيانا في ساحة غزة.

وقد تكون ردة الفعل فلسطينيا على اغتيال السعيدني باهتة كالعادة، وان عملية تصفيته اراحت أطراف كثيرة، لأنه وغيره يسببون إحراج ووجع راس لأكثر من جهة فلسطينية رسمية وغير رسمية، حتى التعاطف الشعبي معهم ليس بالقدر المطلوب انما من باب المزايدة على حماس وحكومتها، وان اختلف الناس معهم فكريا وسياسيا، فالناس يطالبون بالرد على اغتيال أي فلسطيني ويجب ان يكون هناك موقف واضح وصريح.

وكالعادة لن يكون موقف من جميع الفصائل كما جرى في عمليات الاغتيال السابقة بحق عدد منهم، وان كان رد فسوف يكون عشوائي من قبل بعض من عناصر السلفية الجهادية، او يكون مدروس ومنسق ومن اجل ارضاء الناس فقط ضمن ما هو قائم منذ فترة زمنية.

المهم هنا ان هؤلاء الشهداء يتم اصطيادهم كالعصافير، ويوضح قدرة الاجهزة الامنية الاسرائيلية التي لا تزال قادرة على العمل عن طريق التجنيد والابتزاز لضعاف النفوس في غزة، وتراقب وترصد عن طريق العملاء الذين تخوض الاجهزة الامنية معهم حرب قاسية للقضاء عليهم او الحد من تلك الظاهرة المقلقة للفلسطينيين.

كما أن هذه الجماعات كما تقول حماس انها تعمل بشكل عشوائي، ويتم استغلال عدد من الشباب الصغار السن، ولا يتم اتخاذ خطوات واحتياطات امنية، وربما يكونوا مخترقين من الجانب الاسرائيلي، لذا يتم استهدافهم بسهولة، كما جرى خلال تصفية السعيدني.

والسؤال المهم وفي ظل محاولات عناصر من الجماعات السلفية الجهادية اطلاق صواريخ او تنفيذ عملية عسكرية رداً على اغتياله، وفي حال عدم القدرة السيطرة على الاوضاع، هل يكون ذلك مقدمة لجولة جديدة من التصعيد الاسرائيلي وتتدهور الاوضاع الامنية وتتطور لشن عملية عسكرية اسرائيلية، واستغلال ذلك في الدعاية الانتخابية في اسرائيل، ونحن من ندفع ثمن ذلك؟