خبر يريد سلاما آمنا- معاريف

الساعة 09:16 ص|15 أكتوبر 2012

يريد سلاما آمنا- معاريف

بقلم: عاموس جلبوع

        (المضمون: الادعاء بان نتنياهو وافق على الانسحاب من هضبة الجولان هو تشويه مغرض للواقع. يجب الثناء على رئيس الوزراء لادارته المفاوضات الاولية ومحاولته قطع سوريا عن "محور الشر" - المصدر).

        عندما أعلن بنيامين نتنياهو عن تقديم موعد الانتخابات كنت في ميدان معركة فاردان، في شمال شرقي فرنسا، حيث وقعت في 1916 معركة مضرجة بالدماء بين أكثر من مليون جندي فرنسي والماني.

        ارواح اولئك الجنود ممن لم يؤمنوا بالرب كانوا يتشجعون هناك بشعار: "لا تقلقوا"، بل وشرحوا لماذا: "انتم يمكنكم ان تتواجدوا في مكان آمن أو خطير. اذا كنتم في مكان آمن، فليس لكم ما تقلقوا به. واذا كنتم في مكان خطير، فيحتمل أن تكون امكانيتان – إما ان تصابوا أو لا. اذا لم تصابوا، فليس لكم ما تقلقوا به. اذا اصبتم، فان الاصابة يمكن أن تكون سهلة أو خطيرة. اذا كانت سهلة، ليس لكم ما تقلقوا به. اذا كانت خطيرة، توجد امكانيتان – الاولى، أن تنتعشوا، والثانية أن لا. اذا انتعشتم فليس لكم ما تقلقوا به. أما اذا متم، فعندها بالتأكيد لن يكون بوسعكم أن تقلقوا".

        هذا هو النموذج المجرب للتشويه المقصود للواقع بالطريقة المنطقية ظاهرا للعقل السليم. هذا بالضبط ما واجهته عند وصولي الى البلاد يوم الجمعة، عندما رأيت الصفحة الاولى لـ "يديعوت احرونوت". فالعنوان الرئيس كان يصرخ: "نتنياهو وافق على النزول من الجولان". في الخبر نفسه قيل، استنادا الى وثائق امريكية، ان نتنياهو سار شوطا أبعد من أي من أسلافه في رئاسة الوزراء وكان مستعدا للنزول من كل هضبة الجولان، حتى خط مياه بحيرة طبريا. هذا مقابل السلام الكامل، الذي يتضمن ايضا توقعا اسرائيليا – دون التزام صريح من الاسد، بقطع العلاقات الخاصة بين سوريا وايران.

        لقد أديرت المفاوضات غير المباشرة من خلال الامريكيين ابتداء من نهاية 2009 وانقطعت في اذار 2011، مع اندلاع الاضطرابات في سوريا. عدد شركاء السر في اسرائيل كان ضيقا للغاية. وقد ارفقت بالخبر تصريحات لنتنياهو في الماضي ضد النزول من هضبة الجولان (تحت عنوان "الاقوال على حده") وكذا خريطة والى جانبها تفصيل قصير لخطوط الانسحاب التي وافق اسلاف نتنياهو عليها.

        ما الذي ينبغي للمواطن المعقول أن يفهمه، الذي لا يؤمن بالرب، من العنوان في الصحيفة ومن الخبر؟ ماذا يتبقى له في الرأس؟ شيء مركزي واحد: نتنياهو كذاب، مضلل، سبق أن باع للسوريين كل هضبة الجولان حتى آخر ملم، ولا ينبغي تصديق أي كلمة له. وعليه، الويل لكم اذا ما صوتم له.

        أنا أدعي بان من يشوه هنا بشكل مغرض الواقع ويقدم عرضا عابثا هو الصحيفة. صحيح أنه اديرت مفاوضات أولية غير مباشرة مع السوريين من قبل نتنياهو بواسطة الامريكيين، ولكن في هذه المفاوضات الاولية غير المباشرة لم يعلن نتنياهو عن اي موافقة للنزول من هضبة الجولان، وبالتأكيد ليس الى بحيرة طبريا.

        ما كان في المفاوضات هو التالي: السوريون عادوا وكرروا العودة على الشروط الاساس المسبقة لهم من كل رؤساء وزراء اسرائيل. قبل كل شيء التزام بالانسحاب الى خطوط 4 حزيران 67. نتنياهو رفض وعرض على السوريين سلسلة مطالب على المستوى الاستراتيجي (فك ارتباط عن ايران، حزب الله ومنظمات ارهابية اخرى). الحد الاقصى الذي وصل اليه كان: أيها الاسد، اذا تعهدت بفك الارتباط، وهذا أرضانا، فسنكون مستعدين للنظر في بحث مطالبك الاقليمية في هضبة الجولان.

        برأيي، يجب ان نرفع القبعة أما نتنياهو على إدارته المفاوضات الاولية. أولا، أبقيت بالسر ولم تتسرب للصحافة.

        ثانيا، خلافا للماضي، لم تسارع اسرائيل الى التحلل من ذخائرها حتى قبل أن تبدأ المفاوضات، فقد قلبت هنا ترتيب البحث: أولا فحص المسائل الاستراتيجية ولا يتم البدء باي حال بالنقاش العابث عن خطوط 4 حزيران 67.

        ثالثا، نتنياهو أظهر بانه مع ذلك لا يقعد في صفر فعل سياسي. على الاقل حاول أن يفحص امكانية قطع سوريا عن "محور الشر".