خبر يُسمع مختلفا بالفارسية- يديعوت

الساعة 09:42 ص|14 أكتوبر 2012

بقلم: اليكس فيشمان

يوجد خيط واضح جدا ومقلق جدا، يربط قضية الطائرة الايرانية من غير طيار التي دخلت اسرائيل من لبنان في الاسبوع الماضي بالمواقف الصارمة الصلفة من القضية الايرانية التي صدرت عن نائب رئيس الولايات المتحدة جو بايدن، في مواجهته التلفازية لخصمه الجمهوري. ويعبر هذا الخيط عما كان يجب علينا ان نستدخله في أنفسنا منذ زمن وهو ان الادارة الامريكية لم تفهم ولا تفهم ولن تفهم كما يبدو الشرق الاوسط وعالم مفاهيم الأصولية الاسلامية.

ان الفروق الفكرية والثقافية عميقة جدا حتى إن مصطلحات أساسية بسيطة كـ "السلاح الذري" الذي ذكره بايدن في المواجهة، لها معنى مختلف عن جانبي المحيط. ولهذا فان الادارة الامريكية، مع كل الاحترام، ليست مستشارة جيدة لاسرائيل في القضية الايرانية، فلها نوايا خيّرة كثيرة لكنها خبيرة صغيرة جدا بالقضايا المتعلقة بالعالم الاسلامي.

ان أجزاءا من المؤسسة الامنية السياسية عندنا ايضا مصابة بالعمى نفسه. فحينما أُسقطت الطائرة الايرانية بلا طيار على مبعدة 30 كم من ديمونة ابتهجت اسرائيل وفرحت لأن المؤامرة قد أُحبطت. وباللغة الغربية التي تستعملها اسرائيل ايضا يفترض ان يعبر وجود طائرة معادية بلا طيار عن هدف عملياتي ما. فان جهة ما قد أرسلتها لتصور ولتفحص عن يقظة اجهزة الدفاع، ولتبث معطيات الى الخلف وباختصار لتقوم بشيء ما ذي موضوع مع نتيجة محسوسة ولم يتحقق ذلك فقد فشلوا اذا.

لكن مجرد دخول الطائرة بلا طيار بلغة الايرانيين ونصر الله هو انجاز غير عادي في مستوى الوعي. فهم يرون ان هذا هو هدف العملية حتى لو كان الحديث عن طائرة بلا طيار قديمة مع جهاز توجيه أساسي مبرمج مسبقا لا يتم السيطرة عليها من الارض أو بقمر صناعي ومع اجهزة تصوير غير قادرة على بث صور الى الوراء في الوقت المناسب. ان وسيلة الطيران هذه التي تعبر عن مقاييس تقنية غربية عمرها ثلاثون سنة وأكثر قد أُطلقت الآن خاصة عن أزمة. فالاسد في ازمة وناس حزب الله يؤتى بهم ليُدفنوا من سوريا، ونصر الله يضعف في لبنان ويوحي الى المنطقة قوله: وعدت بسلاح مفاجأة وقد وفيت. عندنا قوى غير معلومة فلا تُجربونا.

ان جو بايدن باعتباره يمثل نهج تفكير الادارة الامريكية، يقرأ المعطيات الاستخبارية المتعلقة بالقدرة الذرية الايرانية ولا يفهم ما كُتب هناك. وحينما يُبين للعالم بالانجليزية ان ايران بعيدة عن السلاح الذري يُسمع ذلك مختلفا بالفارسية. وهو يقول ان تخصيب اليورانيوم غير كاف، وهو على حق لأنه يُحتاج ايضا الى صنع منظومات تحمل اليورانيوم المخصب، وما يزال الايرانيون بعيدين عن هناك. ومن هنا يبدأ الضلال الذي ينبع من الفرق الثقافي. فحينما يتحدث الامريكي عن سلاح ذري يقصد منظومة سلاح ناضجة جرت عليها سلسلة تجارب ومنها تجارب أمان. وهو يقصد الصواريخ بالمقاييس المعروفة في جيوش حديثة مسلحة بمنظومات توجيه ووسائل تفجير تُحدث أقصى قدر من الضرر.

وهنا يكمن الخلاف الحقيقي الجوهري بين اسرائيل والولايات المتحدة. فالامريكيون يرون ان الايرانيين سيبلغون الى السلاح الذري في غضون ثلاث سنين أو خمس فقط وفي مقابلة ذلك يتحدثون في اسرائيل عن قدرة ذرية لا عن سلاح ذري، ويشيرون الى مسار قد يتطور في غضون بضعة اشهر. وبحسب التصور الاسرائيلي سينشيء الايرانيون قدرة عسكرية ذرية حتى من غير توصل الى صاروخ ذي مقياس امريكي بل يكفي ان ينشئوا عددا من الرؤوس الذرية على صواريخ غير دقيقة، ووسيلة تفجير غير مُحكمة، فميزتهاالوحيدة أنها قادرة على الوصول الى اسرائيل بل ربما تنفجر، كما لم ينتظر صدام حسين الى ان يملك صواريخ سكاد مُحكمة واكتفى بصواريخ مرتجلة انفجر بعضها في الجو. فقد كان قصده الى جر اسرائيل الى حرب لا الى هزيمتها.

ان التقنية القديمة للصواريخ الذرية الايرانية، مثل الطائرة "البسيطة" بلا طيار التي دخلت من لبنان، تكفي الايرانيين لينشئوا هنا شرقا اوسط جديدا مع قواعد لعب شديدة ولاضعاف المنعة الاسرائيلية.