خبر التوقع: اوباما وبيبي- هآرتس

الساعة 10:53 ص|12 أكتوبر 2012

 

بقلم: عيران يشيف

بروفيسور في الاقتصاد ورئيس دائرة السياسة العامة في جامعة تل أبيب

عند توقع العديد من الناس لنتائج الانتخابات في تشرين الثاني القريب القادم في الولايات المتحدة وفي 2013 في اسرائيل، فانهم يقعون في "اخطاء نظرية". ولهذه الاخطاء معانٍ هامة في هذا الوقت، وعليه فيجدر الوقوف عليها. خطأ نظري واحد، بالنسبة للولايات المتحدة، هو أن السباق بين براك اوباما وميت رومني متلاصق. خطأ ثانٍ بالنسبة لاسرائيل هو أن لاي مرشح من الوسط – اليسار يوجد احتمال في أن يشكل حكومة، او على الاقل ان يكون عنصرا هاما في داخلها. القاسم المشترك بين الخطأين هو عدم مراعاة الحقائق الحاسمة بالنسبة للوضع الانتخابي الاساس.

بالنسبة للولايات المتحدة، يعتقد الكثيرون منذ فترة طويلة بان السباق بين اوباما ورمني متلاصق. هذا الراي تعزز بالطبع في أعقاب المواجهة التلفزيونية الاولى التي جرت في 3 تشرين الاول واعتبرت انتصارا لرومني. وبالغ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لوقت طويل، حتى قبل المواجهة في أن "يضع كل البيض" في سلة رومني.

عمليا، هذا رهان لا يصدق. لماذا؟ يمكن الادعاء بان ليس فقط قبل المواجهة اشارت بعض الاستطلاعات الى فارق صغير فقط في صالح اوباما (حتى ثلاث نقاط)، بل بعد المواجهة نشر استطلاعان تصدر فيهما رومني. بمعنى أنه في كل الاحوال الفارق يبدو صغيرا والسباق متلاصق. ولكن يجب الانتباه الى جانبين: الاول، للمواجهات تأثير محدود (هناك من يدعي بانه يكاد لا يكون لها تأثير)، وفي كل الاحوال فان قوة نفوذها تقل مع الوقت. والثاني هو أن الرئيس ينتخب في المجلس الانتخابي (Electoral College) الذي يعد 538 صوتا انتخابيا. في الانتخابات في العام 2000 حظي بالرئاسة جورج بوش الابن، رغم أنه لم يحصل على اغلبية أصوات الناخبين، وذلك لانه نال تأييد 271 صوتا انتخابيا مقابل 266 أيدوا ال غور.

في الولايات المتحدة يسود استقطاب كبير في أوساط جمهور الناخبين: فالشعب ينقسم الى مؤيدين للديمقراطيين ومؤيديين للجمهوريين، ومن يحسم نتائج الانتخابات هم مصوتو الوسط "المترددون". بطريقة الانتخاب هذه، التي تقوم على أساس هيئة ناخبة، تحسم "الولايات المترددة". الاستطلاعات في هذه الولايات، ولا سيما في فلوريدا، اوهايو، بنسلفانيا وفيسكنسون، والتي لها معا 77 صوتا انتخابيا، تدل منذ فترة طويلة على فارق بين 6 و 12 نقطة في صالح اوباما. اذا ما انتصر اوباما بالفعل في الانتخابات في هذه الولايات، فسيحسم السباق للرئاسة حسب 314 صوت انتخابي (على الاقل) لصالح اوباما مقابل 224 لرومن، او بتعبير آخر نتيجة 40 – 60 في الهيئة الناخبة. بل ان اوباما كفيل بان يجرف كل الدول المترددة ويكرر انجازاته في 2008. في مثل هذه الحالة سيحصل على 359 صوتا انتخابيا، مقابل 179 لرومني، بمعنى انتصار بنسبة 33  - 67 في المائة. الانتصار في الهيئة الناخبة من المتوقع بالتالي أن يكون ساحقا. ليس سباقا متلاصقا على الاطلاق.

وعليه، فلا عجب في أنه في المراهنات على الانترنت، فرص اوباما في الفوز، عند كتابة هذه السطور هي نحو 65 في المائة. صحيح أنه قبل المواجهة فرصه كادت تكون 80 في المائة، ولكن فرصه لا تزال عالية. المواجهات التالية ستكشف على نحو شبه مؤكد رئيسا مقاتلا أكثر وأثر المواجهة الاولى سيتبدد. كما أنه ينبغي الاشارة الى أن بعض الاستطلاعات الاخرى في الشهر الماضي أشارت الى فارق 4 حتى 7 نقاط في صالح اوباما في أوساط عموم جمهور الناخبين في الولايات المتحدة. في هذا المنظور، سلوك حكومة اسرائيل بالنسبة لاوباما، والرهان الذي أخذته على أن رومني سينتصر، مقلقان. وهذا حتى قبل وقت طويل مما بدا بان لرومني اي احتمال حقيقي. عندما يكون الموضوع الايراني الهام جدا متعلقا بقدر كبير بالنسبة الطيبة لاوباما – فان الامر يكون أكثر اقلاقا باضعاف.

بالنسبة للانتخابات في اسرائيل هناك من يعتقد بان لمرشح من الوسط – اليسار يوجد احتمال للانتصار في الانتخابات أو أن يكون عنصرا هاما في الحكومة، كونه يلوح واضحا في الاستطلاعات انخفاض معين في قوة نتنياهو والليكود. هذا أيضا خطأ نظري. يجدر بنا أن نتذكر حقيقتين: اولا، قبل نحو عشرين سنة بدأت الاحزاب الكبرى في الكنيست تضمحل جدا وعدد المقاعد – ليس 40 حتى 55 مقعدا، مثلما كان حتى ذلك الحين، بل في اقصى الاحوال بين 30 و 40 مقعدا لكل حزب كبير. في الانتخابات الاخيرة حصل الحزب الاكبر على 28 مقعدا فقط. وقد اتسع الانقسام الانتخابي جدا، وأهمية كتل الاحزاب ازدادت بما يتناسب مع ذلك.

ثانيا، كتلة اليمين – الاصوليين – المتدينين تعززت وباتت مستقرة. منذ الانتخابات للكنيست العاشرة في 1981، والتي فازت فيها بـ 61 مقعدا، لم تنخفض هذه الكتلة عن نحو 60 مقعدا في تسع جولات انتخابية. وحتى في العام 1992، حين صعدت الى الحكم حكومة اسحق رابين، كان لها 59 مقعدا. في الكنيست الحالية توجد لكتلة اليمين 65 مقعدا، وهكذا ايضا في معظم الاستطلاعات قبل انتخابات 2013. ونظرا لحقيقة أن الاحزاب العربية تنال عشرة مقاعد ولا تشارك في الائتلافات، يتبقى في اقصى الاحوال نحو 45 مقعدا.

في المستقبل ستحتدم هذه الوضعية أكثر، وذلك لان السياقات الديمغرافية تعمل باتجاه صعود وزن المتدينين والاصوليين بين السكان على حساب العلمانيين. في هذا الوضع، كل ما هو ممكن هو تغيير داخلي داخل الكتل، بمعنى حزب واحد يتعزز على حساب نظيره في الكتلة. وبالفعل، فان التغييرات التي تجري عمليا منذ فترة طويلة هي اساسا داخل الكتل نفسها. بشكل خاص، حزب من كتلة الوسط – اليسار، مثل كديما في الماضي والعمل في المستقبل، يجد صعوبة في تشكيل الحكومة لانه ليس لهذه الكتلة أغلبية، ومعقد "جذب" حزب ما من داخل كتلة اليمين، والكتلة نفسها منقسمة الى وسط والى يسار. وهكذا، في الانتخابات في السنة القادمة من المتوقع للعمل، يوجد مستقبل، بواقي كديما، وبقدر ما ميرتس أيضا أن يتنافسوا على ذات مخزون الاصوات. هذه لعبة نتاجها الصفر. يجدر الانتباه بان هذه هي الظروف السائدة في نحو نصف عمر وجود الدولة.

زعماء كتلة اليمين برئاسة نتنياهو يفهمون تركيبة هذه القوى، وعليه فانهم يفضلون اقامة حكومات تعتمد حصريا على الكتلة. في أقصى الاحوال يبدون الاستعداد لان يعرضوا منصبا صغيرا لشريك من الكتلة الاخرى. المخرج المحتمل الوحيد لكتلة الوسط – اليسار هي توحيد الاحزاب المختلفة في تجمع واحد كبير، على امل ايجاد شريك واحد من الكتلة الثانية. ولكن فرص مثل هذه الخطوة هزيلة، الامر الذي يبقي المبنى الذي وصف أعلاه على حاله. الخطأ النظري هنا يكمن في النظر الى احزاب منفردة بدلا من النظر الى الكتل، وبالتفكير في أنه يحتمل تغيير جوهري. عمليا، هذا المبنى البرلماني من المتوقع أن يستمر. وحتى لو تغيرت طريقة الانتخابات، معقول أن يبقى على حاله المبنى الاساس لليمين مقابل الوسط – اليسار. هذا هام لان الجمود في المبنى ثنائي الكتلة مع تفوق لليمين يؤدي الى جمود سياسي .