خبر وحده تماما- يديعوت

الساعة 10:47 ص|12 أكتوبر 2012

 

بقلم: ناحوم برنياع

ان الصف الاول في القاعة في الطابق الارضي من ديوان رئيس الوزراء محفوظ على نحو عام لكبار مسؤولي الديوان. فرئيس الوزراء يفضل ان يلقى وجوها مشجعة حينما يقرأ تصريحاته على الأمة. ويجلس بحسب النظام مدير الديوان، والسكرتير العسكري والمدير العام للديوان، ورئيس فرع الاعلام والمتحدثون. ويأتون الى المؤتمر وقد التفوا جيدا بحُللهم. وفي الأطراف على منصة مرتفعة توضع آلات تصوير التلفاز. وفي الوسط يجلس المصورون والصحفيون وفريق منهم اجانب وفريق اسرائيليون. لا مجد في هذه المؤتمرات ولا فخامة، هناك توتر في الهواء. ان هالة رئيس الوزراء تسير أمامه وكذلك الحراس. والشعور هو بأن شيئا ما مهما يحدث والأهمية تُشع على كل من يوجد هناك من الصغير الى الكبير.

في مساء يوم الثلاثاء أطلق نتنياهو المعركة الانتخابية للكنيست السادسة عشرة. ولم يُحفظ الصف الاول لأحد فقد أُبعد المسؤولون الكبار؛ وغابت زوجة رئيس الوزراء؛ وغاب محاموه ايضا الذين يصاحبونه في مفترقات حاسمة. وتوقعت ان أرى وكيله شلدون ادلسون وزوجته مريم اللذين كانا معه في جميع الافتتاحات الاخيرة لكنهما لم يأتيا.

يفتتح زعماء في العالم الديمقراطي كله أحداثا كهذه وهم يصافحون الأيدي ويلوحون بأيديهم لمعرفة من المعارف أو يهنئون مصورا يحتفل بيوم ميلاده. فهذه طريقتهم ليقولوا نحن انسانيون ونحن لا نخشى الملامسة. كان نتنياهو ايضا يسلك هذا السلوك ذات مرة الى ان كف عنه. لا يوجد في القاعة كلها أحد لا يريد ان ينشيء صلة عين به. فالجميع أعداؤه. وكذلك الامر حول مائدة الحكومة، فليس له صديق واحد يثق به هناك. وكذلك ايضا في كتلة الليكود البرلمانية. وأسفت من أجله. ان منصب رئيس الوزراء مقرون بالوحدة لكن لا بوحدة كهذه. استمرت تلاوة البيان اربع دقائق واربعين ثانية وقد قرأه جيدا بالحدس الصحيح وحركات الأيدي الصحيحة ثم انصرف بعد ذلك من غير ان يقول شيئا وكأنه لم يكن.

من المهم لنتنياهو مثل كل رئيس وزراء ان يبرهن انه هو الذي يبدأ الامور. وقد استقر رأيه على تقديم موعد الانتخابات هو لا غيره. وهو الذي سيقرر موعدها ويُملي برنامج سيرها. ان ما حدث له هذا الاسبوع كان درسا مثيرا في حدود القوة.

قبل بضع ساعات من البيان هاتف نتنياهو رئيس الكنيست روبي ريفلين. وكان ريفلين في موسكو على رأس وفد برلماني. أراد نتنياهو انتخابات خاطفة في غضون 45 يوما اذا أمكن. وبيّن ريفلين ان هذا غير ممكن فعرض نتنياهو 90 يوما. فقال ريفلين ولن يكون هذا ايضا. بل هي 90 يوما يُضاف عليها 10 ايام، هذه هي القاعدة. لأنه يجب على لجنة الانتخابات المركزية ان تنظم نفسها.

أراد نتنياهو ان يفض الكنيست فورا. وبيّن له ريفلين ان الامور لا تجري كذلك بل رويدا رويدا. يجب على الحكومة ان تقترح قانون فض الكنيست ويجب ان يمر القانون بالقراءة الاولى والثانية والثالثة. ويجب ان يؤيده 61 عضو كنيست. ويجب ان يُفاوضوا مفاوضة تفضي في نهاية الامر الى موعد متفق عليه.

في صباح يوم الاربعاء هبط رئيس الائتلاف زئيف الكين في موسكو. وفي طريقه من المطار أجرى تفاوضا هاتفيا مع رؤساء الكتل الحزبية. وسمع من اعضاء الكنيست العرب انهم يريدون تأجيل الموعد قدر المستطاع فهم يخشون المطر. وسمع من كديما انهم يريدون التأجيل الى التاسع عشر من شباط مؤملين معجزة. ولن يحدث هذا بالطبع. فالانتخابات ستكون كما يبدو في الثاني والعشرين من كانون الثاني.

انحصر جزء كبير من قلق نتنيباهو في حزبه. ففي كتلة الليكود في الكنيست 26 عضوا معه. والجميع معني بأن يستمر في الكنيست القادمة. انتُخب 19 منهم في القائمة القطرية والآخرون في قطاعات ومناطق. وعلى حسب دستور الليكود يجب على الـ 26 جميعا ان ينافسوا في القائمة القطرية. وهناك آخرون – موشيه فايغلين وتساحي هنغبي، وعوزي ديان وآفي ايتام مع ان احتمال منافستهما أقل. هناك 19 كرسيا و30 مؤخرة فستكون حرب عالمية.

عرض على الكين ان ينافس في المكان الواحد والعشرين المحفوظ للمهاجرين الى اسرائيل وبذلك يحظى بتثبيت. واقترح تغيير الدستور بحيث يستطيع أيوب قرا ان ينافس في المكان المحفوظ للأقليات، فقال الكين لا، شكرا: فهو يريد ان يصبح وزيرا في الحكومة القادمة، والمكان الواحد والعشرون سيدفعه جانبا. فعرض نتنياهو بناءا على ذلك ان تزيد القائمة القطرية بمكان واحد على حساب المهاجرين، ويبدو ان أيوب قرا سيوافق. لكن هذا لن يُعزي سبعة اعضاء كنيست الى تسعة في منتهى قوتهم سينتهي الامر بهم في الخارج.

ان الفرق بين العرض والطلب يترك القائمة للصفقات. لا يستطيع أي عضو كنيست ان يعتمد على معسكره بل هو محتاج كي يُنتخب الى الحصول على تأييد معسكرات اخرى وان يهب تأييد معسكره مقابل ذلك. وهناك تأثير كبير في تأليف القائمة للجماعات المنافسة من المستوطنين المتدينين ويصعب جدا ان يُنتخب أحد من غيرهم. ان دان مريدور الذي انتُخب مؤخرا في القائمة القطرية في الانتخابات التمهيدية السابقة سيكون الامر أصعب عليه هذه المرة. وستكون قائمة الليكود أكثر تطرقا من جهة سياسية لأن الجدد سيكونون أكثر تطرقا من سابقيهم وسيضطر القدماء الى الالتزام بمواقف متطرفة وسيتحول وزراء الليكود، مؤقتا على الأقل، الى رهائن. ولن يستطيع نتنياهو حتى لو شاء انقاذهم.

سيكون غد ايضا

ما يزال القرار الذي سيحدد شكل المعركة الانتخابية أو ربما نتائجها، لم يُتخذ بعد فهو ينتظر الى الاسبوع القادم. يجب على اهود اولمرت ان يبت أمره الى أين يتجه، هل ينافس هذه المرة أم ينتظر الى ان تنتهي الاجراءات القضائية عليه. لم أتحدث الى اولمرت وهو حائر على حسب ما سمعت من بعض المقربين. فزوجته وأبناؤه يعارضون بشدة. ويُلح عدد من اصدقائه عليه ان ينقذ الوطن  (وان ينقذهم هم ايضا في نفس الفرصة). ولست على يقين من أنهم يُقدرون تقديرا صحيحا الرد العام على عودة اولمرت الى الميدان بعد انتهاء محاكمته بزمن قصير جدا، ومبلغ وسواس كارهيه. ان اولمرت وعائلته ما كادوا يخرجون من الجحيم فهل يجب ان يدخلوا جحيما جديدا طائعين.

شخصت تسيبي لفني في ليلة يوم الاربعاء الى الولايات المتحدة. وقرارها ينتظر قرار اولمرت، ويبدو أنها قريبة من قرار ايجابي وهو ان تنافس على رأس قائمة جديدة أو تنضم الى قائمة ينشئها اولمرت في المكان الثاني. ويملك حاييم رامون استطلاعات رأي تعطيها نسب تأييد أعلى من اولمرت وهو يؤمن بأنه يجب عليها ان تنافس الاولى. لكن احتمالات ان تنشيء حكومة أدنى من احتمالاته لأن ليبرمان يفضله عليها، وكذلك شاس برئاسة يشاي أو برئاسة درعي. ولا يتناول هذا السؤال فقط اليوم التالي: فاحتمال ان ينشيء اولمرت ولفني ائتلافا سيكون واحدا من موضوعات المعركة الانتخابية (هل يمكن ان تنشأ في أعقاب الانتخابات حكومة وحدة؟ يقول الكين ان اولمرت يستطيع ان يتولى وزارة تحت نتنياهو فالعلاقات بينهما معقولة. وسيكون ذلك صعبا مع لفني لأن بينهما شحناء).

مهما يكن الامر فلن يكون نتنياهو حرا من المنافسة في هذه الانتخابات لأن لفني أو اولمرت سيواجهانه. كان الفراغ في المنافسة في رئاسة الوزراء وهما وسيمتليء كما يبدو إن لم يكن بالواقع فبالانطباع الذي سينشأ. ان سياسة نتنياهو ستُمتحن من جميع جوانبها من ايران والفلسطينيين الى الوضع الاقتصادي. اقتبس أحد الساسة أمامي قول متصفح مجهول لخص الشأن الايراني على النحو التالي: جعل بيبي ايران مشكلة اسرائيلية وجعل اسرائيل مشكلة دولية. وأرى ان تسيبي لفني تتبنى هذه المقولة بفرح وكانت ستتبنى مقولة اخرى بفرح وهي ان نتنياهو يحيا على التهديدات: ولفني تحيا على الفرص. وسيقول الليكود في هذا: التهديدات حقيقية؛ والفرص باطلة.

حينما نافس رونالد ريغان في رئاسة الولايات المتحدة في 1980 صاغ سؤالا واحدا للناخبين وهو: هل وضعكم اليوم أفضل مما كان قبل اربع سنين حينما انتخبتم جيمي كارتر. وكان الجواب بـ لا، ففاز ريغان وعاد كارتر الى مزرعة فوله السوداني في جورجيا. وعرض ميت رومني سؤالا مشابها على الناخبين عشية المواجهة مع براك اوباما.

سيصاحب السؤال نفسه المعركة الانتخابية القريبة. هل تحسن وضعنا في السنين الاربع الاخيرة؟ لا بيقين. فالمشروع الايراني على حاله، والصواريخ من غزة تصيب السكان في الجنوب بالجنون، والمواجهة مع امريكا لا داعي لها، والاقتصاد في ازمة، وأمن العمل والتقاعد قد انخفض، والاسعار ارتفعت وأجور الطبقة الوسطى لم تلحق بالتضخم المالي.

ومن جهة ثانية عانت دول كثيرة في العالم ازمات أشد. وكان يمكن ان يعاني الاسرائيليون أكثر. ان المستقبل يجب ان يقلقنا أكثر من الحاضر. ويمكن ان نقول هذه الجملة بطريقة ايجابية كالتالي: اليوم أفضل كثيرا هنا مما سيكون الغد.

كتلة مقابل كتلة

ان احدى الطرق المعتادة للنظر الى الانتخابات هي من خلال الكتل: فكتلة اليمين تشتمل على عناصر الائتلاف الحالي وعلى الاتحاد الوطني؛ وتشتمل كتلة المركز – اليسار على الآخرين جميعا. ستنضم جهات في اليمين – الليكود وليبرمان وشاس – الى كتلة اليسار فقط بعد ان تحرز 61 نائبا في الكنيست.

واللعبة أشد تعقيدا. فليبرمان في ظاهر الامر ذو مصلحة في ان يتجه الى حكومة مركز – يسار ويصرف الليكود الى المعارضة. وسيعتزل نتنياهو السياسة ويُفتح الباب للوحدة بين الليكود واسرائيل بيتنا وتنصيب ليبرمان زعيم اليمين. ان خواطر من هذا القبيل تصاحب ليبرمان منذ سنين. وهو يتسلى بها بحسب طريقته. وهو مثل كل دجاجة في الخُم يطمح الى الطيران الى أعلى، ومثل كل دجاجة في الخم لا يتجاوز أبدا علو الجدار. انه يُتم لقاءات مغطاة اعلاميا مع الطرف المقابل ويعود الى نتنياهو يستخرج منه وزيرا آخر وحقيبة اخرى في الحكومة.

وهذا شأن ايلي يشاي أو القوائم الحريدية. فهم هناك يرددون أسماء الحاخامين لكنهم يصغون الى الشارع. والشارع الحريدي في اثناء ذلك يميني. وسيزن السير مع المركز فقط اذا ضمنوا له طائفة من التنازلات المبالغ فيها ومنها تنازل عن واجب التجنيد.

هذا الى كون حزب العمل مع رجل خارج الكتلة. ان قرار شيلي يحيموفيتش على رفض اولمرت مسبقا يجعلها تقف في كتلة تؤيد نتنياهو بالضرورة – اذا رشح اولمرت نفسه هذه المرة. ولا طريقة لرفض الاثنين والجلوس في الحكومة.

حذارِ، كلب عقور (عضاض)

ان نفتالي بانت وهو في الاربعين من عمره وخريج دورية هيئة القيادة العامة ووحدة ميغلان، جمع ماله من الهاي تيك، وفي 1995 انشأ شركة اسمها "سيوتا" وباعها في 2005 بـ 145 مليون دولار واتجه الى السياسة فكان رئيس مقر عمل نتنياهو ثلاث سنوات.

في الكراسة التي أصدرها معنونة بالاسم المغري "إكزت" يلخص الدروس التي استخلصها من قصة نجاحه. وهو يذكر في صفحة وربع صفحة اربعة اشياء تعلمها من نتنياهو: التصميم والمثابرة؛ وتحمل المسؤولية؛ والقدرة على قبول النقد؛ وحصر العناية في الاشياء المهمة بصورة وسواسية. وكتب يقول: "لا توجد صلة كبيرة بين السياسة والهاي تيك وهذا أمر جيد. لكن كل ذي مشروع ومدير عام يحسن الصنع اذا تعلم هذه الامور الاربعة من نتنياهو".

بانت فتى مهذب. والاطراء الذي أطرى به نتنياهو يلخص قصة غرامية بدأت كما هي الحال دائما بحماسة غامرة للمشترى الجديد اللامع وانتهت كما هي الحال دائما الى شعور بالمرارة وخيبة أمل متبادلة. ان مقربي نتنياهو يعملون الآن في داخل حزب البيت اليهودي الذي هو وارث المفدال التاريخي من اجل إفشال ترشح بانت لرئاسة الحزب فهم يخشون ان يسرق اصواتا من الليكود.

ان الصراع بين بانت والليكود يثير الاهتمام لأنه يكشف عن التغيير التاريخي الذي يجري على الحزب الحاكم. في بداية الولاية أرشدني رئيس الائتلاف زئيف الكين الى ان أكثر منتسبي الليكود متدينون. فقلت له لا يمكن هذا لكن الكين كان على حق: فالليكود هو المفدال الجديد. ولو أراد ناخبو المفدال فجأة ان يعودوا الى بيوتهم لتضرر نتنياهو مرتين بأن يخسر الاصوات في صناديق الاقتراع ويعلق مع مؤيدي فايغلين (توجد اليوم في الليكود اربع مجموعات ضغط متدينة – يمينية: لموشيه فايغلين من القيادة اليهودية، وغرشون مسيكا من السامرة، وشيفح شتيرن من بنيامين وآفي ايتام من الجولان).

"هناك 17 – 18 نائبا من ذوي القبعات المنسوجة موزعين في عدة احزاب"، يقول بانت. "لا أعرف أحدا عمره تحت الاربعين يصوت للمفدال"، يقول بانت.

ويقول: "لو لا يحسبون لنا حسابا في لحظات حاسمة، لا في القضايا السياسية ولا في القضايا الدينية. ان أكثر حاخامي الحاخامية الرئيسة ينتمون الى احزاب حريدية. حينما جئت لأسجل الزواج في الحاخامية في القدس عرض علي الحاخام ان اصوت لشاس. الى هذا الحد. ويريد مئات الآلاف من المهاجرين من روسيا ان يكونوا يهودا. وتريد الصهيونية المتدينة تهويدهم لكن الحاخامين الحريديين يبقونهم في الخارج".

قلت ان الصهيونية المتدينة كفت منذ 1967 عن الاهتمام بالشؤون الدينية. وقد احتلتها المناطق أكثر من ان تحتل هي المناطق.

قال بانت: "كلنا ناس ارض اسرائيل. كان الشأن التأسيسي في الجيل السابق هو يهودا والسامرة وقد نجحنا بقدر كبير. لكن حينما قعدنا على أنقاض غوش قطيف أدركنا أننا خسرنا الشعب في الطريق. وقد كنت في تلك الفترة في الهاي تيك وخرجت مع زوجتي للتظاهر في مفترقات الطرق. ورد الناس بعدم اكتراث فالشعب لم يكن معنا. نريد الآن ان نتحول عن التباكي الى التعلق بالمهمات والاشتغال بالهوية اليهودية وتوسيع دراسة التاريخ اليهودي في المدارس. ان الدراسة عن الهيكل الثاني ليست دينا بل هي تاريخ. وينبغي تجنيد نوى (جمع نواة) توراتية – توجد اليوم ستون ويمكن الزيادة. وفي البلاد خمسة آلاف كنيس للصهيونية المتدينة ويمكن تحويلها الى نوع من المراكز الجماهيرية".

ان الجانب التبشيري في حلم بانت يقلقني كثيرا، لكنه يثير حماسة مؤيدي المفدال. وعلى حسب الاستطلاع الوحيد الذي تم يفوز بـ 55 في المائة من اصوات المنتسبين. ويؤيد 33 في المائة زبولون اورليف ويؤيد 11 في المائة دانيال هيرشكوفيتس ممثل الحزب في الحكومة. انتسب 58 ألف شخص وهذا عدد مدهش. وستُجرى انتخابات الرئاسة في السادس من تشرين الثاني في اليوم الذي ينتخب فيه مواطنو الولايات المتحدة رئيسا – وهذان حدثان عالميان في موعد واحد.