خبر ايران تقر بوقع تأثير العقوبات على اقتصادها والغرب يستعد للأقسى

الساعة 04:27 م|11 أكتوبر 2012

وكالات

في اول اعتراف رسمي على لسان اعلى سلطة في البلاد اقرت ايران اخيرا بتاثير العقوبات المفروضة عليها من جانب الولايات المتحدة واوروبا بسبب برنامجها النووي الذي يشتبه الغرب بانها تسعى من خلاله الى انتاج اسلحة نووية وهو ما تنفيه الاخيرة.

فقد قال المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية في خطاب خلال زيارة لمحافظة خراسان (شمال شرق)، ان "تلك العقوبات وحشية وغير منطقية، انها حرب على امة .. لكن الشعب الايراني سيعرف كيف يتصدى لها".

واقر آية الله خامنئي بان العقوبات خلقت "مشاكل" وخصوصا "تقلبات نقدية" لكنه اكد ان تلك المشاكل تعاظمت بسبب "اخطاء في الادارة"، على حد قوله، من دون اعطاء تفاصيل.

واعترف الرئيس الايراني احمدي نجاد اثر تفجر ازمة العملة الايرانية الاسبوع الماضي بالضرر الذي تلحقه العقوبات على البلاد والعملة الايرانية قائلا: "ان هذا التراجع (العملة) سببه حرب اقتصادية يشنها الغرب على بلاده وحرب نفسية على سوق الصرف".

واعتاد القادة والمسؤولون الايرانيون حتى الان على نفى انعكاسات العقوبات الاقتصادية الغربية على ايران، لكنهم عدلوا اخيرا من خطابهم واصبحوا ينددون بانتظام بـ"حرب اقتصادية" قالوا ان الغرب يشنها على بلادهم.

يتم الان الحديث في اوروبا عن توسيع دائرة الحظر على ايران. وبدأ الاتحاد الأوروبي بالفعل الاسبوع الماضي في مناقشة إمكانية فرض حظر تجاري واسع يتجاوز القيود المفروضة حاليا عليها والتي تشمل قطاعات الطاقة والأعمال والبنوك.

وقال دبلوماسي في الاتحاد الأوروبي: "العقوبات العامة على التجارة لا تزال شيئا محظورا".

لكن مؤيدي العقوبات يقولون إن الاحتجاجات المناوئة للحكومة والتي شهدتها إيران الأسبوع الماضي بسبب انهيار الريال تظهر أن اتخاذ اجراءات اخرى يمكن أن يدفع المزيد من المواطنين إلى معارضة الحكومة.

وحض إمام جمعة طهران السكان والسلطات على التعاون لمواجهة "الحرب الاقتصادية" الغربية.

واعتبر آية الله احمد خاتمي، الذي يمثل التيار المتشدد، في خطبة صلاة الجمعة الماضية، ان "الضغط الذي يمارسه علينا اليوم الاستكبار العالمي (الولايات المتحدة) يشكل حربا اقتصادية فعلية".

في غضون ذلك بدأ دبلوماسيون من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إعداد حزمة من العقوبات ضد إيران لإقرارها رسميا في اجتماع لوزراء الخارجية في 15 تشرين الأول (اكتوبر) في لوكسمبورغ.

ويبحث مشرعون أميركيون سبلا جديدة لتشديد العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران.

وتفيد التقارير ان الاقتراحات التي يقوم باعدادها السناتور الجمهوري مارك كيرك والديمقراطي روبرت مينينديز تتضمن معاقبة البنوك الأجنبية التي لديها تعاملات كبيرة مع البنك المركزي الإيراني، وفرض مزيد من القيود على تعاملات البنك المركزي الإيراني وإجراءات أخرى تستهدف التأثير على احتياطيات إيران من العملات الأجنبية. وتشمل العقوبات الحالية التعاملات المرتبطة بالنفط فقط.

يقول تقي رضا زاده المحلل الايراني ان تطبيق الحظر غير المباشر على البنك المركزي الايراني بالاضافة الى حظر واردات الغاز الايراني الى اوروبا من شأنه ان يزيد من حجم الضغوط على ايران.

اذ ستؤثر هذه العقوبات على علاقة البنوك الخارجية مع جميع البنوك الايرانية التي لها تعاملات مالية مع البنك المركزي الايراني.

حاليا تشمل العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي على ايران المعاملات المالية والمصرفية المرتبطة ببيع وشراء النفط وتكاليف النقل والتأمين فقط.

لكن سيتعدى توسيع دائرة العقوبات هذه المرة المعاملات المالية الخاصة بتجارة النفط، الامر الذي سيكون له تأثير مباشر على التجارة الخارجية الايرانية واستيراد البضائع.

استنادا للتقديرات المتوفرة يوجد 30 بالمئة من احتياطي ايران من العملات الاجنبية في الخارج. لذا ستواجه ايران مشاكل وعقبات قانونية في الحصول على احتياطياتها من جراء تطبيق هذه العقوبات.

لكن يضيف الخبير الايراني: "الحظر الاوروبي على واردات الغاز الايراني لن يكون له تأثير كبير. ففي ظاهر الامر ايران ليست مصدرا للغاز الطبيعي الى اوروبا. لكن القضية اكثر تعقيدا من هذا فالامر لا يتعلق بصادرات ايران المباشرة من الغاز لاوروبا".

تستورد ايران حوالي 30 مليون متر مكعب من الغاز من تركمنستان وتصدر في نفس الوقت كميات من الغاز تترواح بين 22 و 25 مليون متر مكعب الى تركيا. وتصدر ايران ايضا حوالي مليون متر مكعب من الغاز يوميا الى اقليم نخجوان الذي يتمتع بالحكم الذاتي ضمن جمهورية اذربيجان، وبنفس النسبة تستورد الغاز من الاخيرة.

كما انها تصدر قرابة 2 مليون مكعب من الغاز الى جمهورية ارمنستان. في المحصلة فان ايران ليست مصدرة بل في الحقيقة مستوردة للغاز الطبيعي.

ولا يعرف بعد هل ستشمل العقوبات الاوروبية قطع الغيار والخدمات الفنية اللازمة لقطاع الغاز في ايران وشراء الغاز الايراني بصورة غير مباشرة عبر دول ثالثة (في هذه الحالة تركيا) والاستثمارات المشتركة للشركات الاوروبية مع ايران في مجال الغاز وصادرات تركمنستان من الغاز لايران.

وفي حال تم ادراج هذه الامور ضمن العقوبات الاوروبية يمكن لذلك ان يشكل مصدر قلق للجمهورية الاسلامية.

لن يكون بوسع ايران مواصلة انتاجها من الغاز وخاصة من حقول "بارس جنوبي" الضخمة في الخليج بدون حصولها على معدات وخدمات تقنية من اوروبا.

الحظر الجديد في الحقيقة يستهدف في جوهره انتاج الغاز الايراني وليس صادرات ايران من الغاز. اذ ادى حظر مماثل على صناعة النفط الايرانية الى خفض انتاج ايران من النفط خلال العامين الماضيين الى النصف اي الى حوالي 2.8 مليون برميل يوميا.

هناك خطر آخر يهدد ايران من جراء هذه العقوبات وهو استثماراتها المشتركة في مجال الغاز وفي مقدمتها مشروع "شاه دينيز" في ادربيجان الذي تستحوذ ايران على نسبة 10 بالمئة فيه بالاشتراك مع شركات اوروبية عملاقة مثل بي بي BP البريطانية وستات اويل Statoil النرويجية صاحبتي الاسهم الاكبر في المشروع.

تضررت ايران في العام 2010 في مشروع غاز "رام" في بحر الشمال (المياه الواقعة بين اسكوتلندا والنرويج)، الذي بلغت استثماراتها فيه 500 مليون دولار، بعد انسحاب شركة بي بي وتعطيله بسبب العقوبات المفروضة عليها(ايران).

ويختم المحلل الايراني بقوله: "بالتاكيد لو تم تطبيق الحظر الاوروبي الجديد على الغاز الايراني والعقوبات الاميركية على البنك المركزي الايراني فذلك سيكون له تداعيات مباشرة وغير مباشرة على تجارة ايران الخارجية وكذلك على انتاجها من الغاز الطبيعي بالاضافة الى انها ستواجه مشاكل في تأمين حاجياتها من الوقود".