خبر أمم متحدة – مقفرة ولا شيء- معاريف

الساعة 11:36 ص|11 أكتوبر 2012

أمم متحدة – مقفرة ولا شيء- معاريف

بقلم: د. تشيلو روزنبرغ

مؤرخ وخبير في الامن القومي

        (المضمون: حوار مباشر بين اسرائيل والولايات المتحدة وحلفائها الاخرين هو الضمانة لامن اسرائيل اكثر من أي خطاب أمام منظمة فارغة من أي جوهر حقيقي - المصدر).

        للشبان من بين القراء نُذكر بان قول "امم متحدة – مقفرة" يعود الى بن غوريون جراء تخوف وزير خارجيته في حينه من أن يكون رد الامم المتحدة على نشاط اسرائيل ضد الفدائيين حاد. وفيما يلي يقتبس عن رئيس الوزراء الاول قوله: "لا يهم ما يقوله الاغيار، مهم ما يفعله اليهود". منذ ذلك الحين مرت عهود كثيرة، والعالم تغير حتى لم يعد أحد يعرفه والامم المتحدة وحدها بقيت كما قال  بن غوريون: مقفرة، او للدقة لا شيء.

        اجتذبت الجمعية العمومية للامم المتحدة الانتباه، ولا سيما وسائل الاعمال، رغم أن الجميع على علم بحقيقة أن ليس لانعقاد الجمعية أي معنى، لم يكن ولن يكون أيضا. السيد نتنياهو يعرف هذا، ولكن ليس شخصا مثله من يفوت فرصة ذهبية لتحقيق هدفين: النزول عن شجرة "الخطوط الحمراء" بالنسبة لايران وكتف حارة لرومني، وبدء حملة الانتخابات في اسرائيل. والجميع يعرف ما هو معنى الانتقال من تخصيب اليورانيوم بمعدلات منخفضة نسبيا وتخصيب بمعدل 90 في المائة أو أكثر بقليل. أي ممن جلس في قاعة الجمعية واستمع الى السيد نتنياهو لم يعرف، قبل الخطاب، ما هي المخاطر الكامنة في تخصيب اليورانيوم والانتقال الى اعداد القنبلة النووية.

        فهل كانت هذه نية السيد نتنياهو قبل الجمعية العمومية للامم المتحدة؟ معقول الافتراض أن لا. ترسيمه للخط الاحمر هو في واقع الامر نزول عن شجرة الخطوط الحمراء التي تسلق اليها في الموقف من اوباما وحكومته. واذا كان هناك من توقع ان يقف رئيس الوزراء جبهويا ضد اوباما، فقد خاب ظنه وحسن أن هكذا. رئيس الوزراء لم يضع خطوطا حمراء اخرى غير تلك التي للادارة الامريكية، باستثناء أن الادارة الامريكية لا ترسم خطوطا حمراء بقلم أحمر. فقول الرئيس اوباما ان الولايات المتحدة لن تسمح بايران نووية هو ترسيم لخط أحمر. والمرء بحاجة الى عينين دبلوماستين حادتي النظر كي يلاحظ الخطوط.

        وينقل عن البروفيسور عوزي أراد كمن قال: "في السنوات الاخيرة اجتاز الايرانيون الكثير من نقاط اللا عودة. وصحيح حتى اليوم، فان لديهم معظم العتاد والمعلومات اللازمة. وفي طهران يقتربون من وضع تكون فيه قدرة تركيب السلاح قائمة وكذا وسائل اطلاقه قائمة ولا ينقص سوى مادة انتاج القنابل. وهذا ما يعملون عليه. السؤال هو متى يقول الامريكيون لهم كفى".

        وهذه بالضبط هي النقطة. يعرف البروفيسور أراد أفضل من أي شخص آخر بان الخطوط الحمراء تأتي تظاهريا فقط وذلك لان الجميع يجتازونها. الخط الاحمر هو خط وهمي، حتى عندما يرسم على الخريطة. ويعرف أراد جيدا بان الخطوط الحمراء من النوع الذي يتحدث عنه نتنياهو لا تتقرر على شاشات التلفزيون ولا على صفحات الجرائد ولا في التصريحات الحماسية. من يطرح خطوطا حمراء يوجد في وضع دون. وتحديد خطوط حمراء هو مدعاة الى ضغط دولي هائل، وبالتأكيد تجاه قوة عظمى. من تهمه الاستراتيجية، يبحث عن السبيل لحوار مباشر مع الولايات المتحدة. من يريد الانشغال بالتكتيك الاعلامي – يبحث عن الامم المتحدة.

        إن حوارا مباشرا بين اسرائيل والولايات المتحدة وحلفائها الاخرين هو الضمانة لامن اسرائيل اكثر من أي خطاب أمام منظمة فارغة من أي جوهر حقيقي. اذا كانت نية نتنياهو مساعدة صديقه رومني، فان الخطاب في الامم المتحدة ساهم في ذلك. اما ما معنى هذه المساهمة، فلن نعرفها الا بعد الانتخابات.

        وبالضبط هنا يأتي الربط بين خطاب السيد نتنياهو وبين هدفه الثاني: مواطني اسرائيل. لقد كان رئيس الوزراء يعرف بان موعد الانتخابات سيقدم. فاعلانه الرسمي عن تقديم موعد الانتخابات بعد اسبوعين فقط من خطاب الامم المتحدة يساعده جيدا. فقد كان الخطاب جزءً من بدء حملة السيد نتنياهو الانتخابية. ورئيس الوزراء سيركز، وعن حق من ناحيته، على التهديد الايراني. فالجمهور الاسرائيلي الانتخابي، في أغلبيته الساحقة، استوعب الرسالة التي تنقلها اليه هذه الحكومة.

        لا يمكن للموضوع الاقتصادي أن يكون الورقة المنتصرة لنتنياهو. وهو يعرف ذلك جيدا. أما شعار "ميزانية مسؤولية" في ظل اجراءات متشددة قاسية، فيأتي لتخفيف آلام أزمة المواطنين. اوباما والسيد نتنياهو يوجدان قبيل انتخابات. ومصلحتهما هي الانتصار، قبل كل شيء. لقد فهم السيد نتنياهو بطريقة غير عاطفة بان التدخل في الحملة الانتخابية من جانب اسرائيل، وليس فقط السيد نتنياهو، يجبي ثمنا.

        اوباما لا يتباهى بانجازاته السياسية وبالعلاقات الخارجية. وعليه فانه يبرز المواضيع الاقتصادية. اما السيد نتنياهو فيعمل العكس: أولا ايران والعلاقات الخارجية، وبعد ذلك الاقتصاد. ليست الخطابات في الامم المتحدة وليست الخطابات الانتخابية هي التي ستحسم مصير الدولتين بل أفعال زعمائهما بعد الانتخابات. ما سيحصل بعد ذلك سيكون اوبيرا مختلفة عن تلك التي سمعناها حتى الان.