خبر شقيقة (الصداع النصفي) الملك- يديعوت

الساعة 09:07 ص|09 أكتوبر 2012

بقلم: سمدار بيري

ربطوا عندنا خطأ بين الأمر الملكي لحل مجلس النواب الاردني وتقديم موعد الانتخابات وبين جُهد المعارضة لاخراج "أم جميع المظاهرات" الى الشوارع. فقد خططت لتجنيد 50 ألفا وتحذير السيد الأكبر من ان الخريف العربي يطرق أبواب القصر. وفي نهاية الامر حضر سبعة آلاف متظاهر أو ثمانية آلاف متظاهر فقط. بل لم يتجرأوا حتى هم على التشهير بالرأس أو تهديده. وقد نبشت أيدٍ خفية وراء الستار واهتموا في المساجد بالتذكير بوجود مصلحة مشتركة بين مؤيدي نظام الحكم والمعسكر الغاضب: لا تنسوا لحظة ان الحفاظ على الاردن هو الأهم.

كيفما نظرنا الى المملكة الصغيرة وجدنا المشكلات تقفز: فلا مال لخطط تطوير ولا حلول للعمل. ولا يحلم أحد بأن يعِد الجيل الشاب بأن الغد سيكون أفضل. ومخيمات اللاجئين من سوريا – استوعب الاردن أكثر من 120 ألف شخص – هي قنبلة موقوتة. وبعد قليل سيأتي الغيث وفي مخيم الزعتري المكتظ لا حماية من البرد والرطوبة. والمستشفيات مزدحمة جدا. ولا يجوز للاجئين ان يخرجوا من غير ان يحصلوا على "كفيل" يضمن للسلطات ان المكفول لا يُدبر لتنفيذ عمليات (أُرسل عملاء متخفين من المخابرات السورية لتجنيد متطوعين لتنفيذ عمليات تفجيرية في كل مكان ينجحون فيه بفعل ذلك في داخل الاردن).

لكن الفساد في القيادة العليا هو المشكلة الأكثر اشتعالا. فأنت تسمع قصصا تجعل شعر الرأس يقف عن المال والسلطة. فقد نُحي مثلا رئيس الاستخبارات محمد الذهبي في عار كبير بعد ان لم يعد ممكنا الصمت عن استغلال مكانته لتعظيم الايرادات الخاصة. وتتجول وسائل الاعلام ممتلئة البطن على وزراء ومستشارين كبار واعضاء من مجلس النواب: فكل من يستطيع يأخذ ويُعد لنفسه حاشية وثيرة قبل ان يُطرد الى بيته.

وأصبحنا في خضم كل ذلك هدفا سهلا: فبعد اسبوعين سيتذكرون بلا احتفال الذكرى السنوية الثامنة عشرة لاطلاق الحمام والبالونات في مراسم التوقيع على اتفاقات السلام. أين الأحلام الكبيرة؟ نتلقى الضرب قويا على رؤوسنا، فالملك عبد الله لا يضيع فرصة لانتقاد رئيس الوزراء نتنياهو. لكن بعد قليل، وهذه هي البشرى الطيبة، سيأتي آخر الامر سفير اردني جديد الى اسرائيل. ان وليد عبيدات هو خبير في القانون أصبح ارساله (حدده الملك وصادقت الحكومة على ذلك) الى تل ابيب متأخرا سنة نوعا من ليّ الأيدي. فالملك من جهة والمعارضة ضده والامريكيون من وراء الستار واسرائيل في موقع مراقبة.

لم يحدث شيء كهذا في تاريخ الخدمة الدبلوماسية في المملكة: فالسلطة نشرت تعيينا واجتمعت القبيلة الكبيرة وأصدرت تهديدا للسفير لم يسبق له مثيل فحواه انه اذا قبلت الوظيفة فسنقطع العلاقة معك وننبذك عنا. وحدثني مروان المعشر السفير الاردني الاول عندنا كيف خرج إلينا مع مشاعر مختلطة؛ فقد كانوا يضغطون عليه حتى آخر لحظة للتخلي عن التشريف. لكن في حالته زوده الملك بدعاء سفر حار. وفي حالة السفير الحالي عبيدات، يأتي مع ملاحظة تحذير في جيبه وشعور بالكآبة. وسيضطر للتفكير في كل كلمة وفي كل صورة وفي كل لقاء. ويقوم من ورائه منتقدا منددا كبير القبيلة احمد عبيدات وهو رئيس حكومة سابق الذي استقر رأيه على ان يفحص قدر جلالة الملك.

يقضي القانون بأن الانتخابات لمجلس النواب تُجرى بعد حل مجلس النواب ومجلس الأعيان بـ 85 يوما. وستقول الايام فقط هل الملك عبد الله مستعد لقبول رئيس وزراء منتخب غير مُعين، وهل سيُدبر مجلس النواب أموره باستقلال أو ان الاجهزة ستتلاعب بالامور. وقد أعلن الاسلاميون ان ليست لديهم خطط للوصول الى صناديق الاقتراع الى ان يلغوا طريقة الاقتراع المزدوج – وهي التعويق الذي يسعى الى مضاءلة وزنهم السياسي سلفا.

كان أصح شيء اذا جاز لنا ان نقدم النصيحة من بعيد ربط "الاخوان" بمسار اتخاذ القرارات بأن يجلسوا في مجلس النواب ويحصلوا على وزيرين أو ثلاثة. فنحن نعلم من قبل ان الاخوان اذا لم يكونوا ساكنين فليسوا صداعا بل هم شقيقة مضايقة قد تستولي على السلطة في أكثر اللحظات غير المناسبة.