خبر الفيللا في الغابة -هآرتس

الساعة 09:05 ص|09 أكتوبر 2012

الفيللا في الغابة -هآرتس

بقلم: اسحق ليئور

        (المضمون: الاقتصاد الاسرائيلي كله – لا الحملة الانتخابية التمهيدية لرئيس الوزراء نتنياهو – قد قامت على اموال التبرع السخي من جهات خارجية - المصدر).

        بين الـ 46 متبرعا لنتنياهو في الانتخابات التمهيدية كان 37 امريكيين. وقد دعا شلومو افنيري ("هآرتس"، 3/10) "المنظمات التي تخشى على مصير الديمقراطية الاسرائيلية مثل المعهد الاسرائيلي للديمقراطية"، الى معارضة هذا الاتجاه (ومن أين يأتي مال المعهد؟) الذي يمكن ان يصبح خطرا: لأن مشاركة المال – الذي لا جواز سفر له – في سياسة الدول الصغيرة، تزداد. فهو يُلاشي حدودها الجغرافية السياسية ويُفرغ حياتها الديمقراطية من معناها، أعني سيطرة الشعوب على مصيرها. وسيضاف الى عشرات الدول القومية التي نشأت بهذا المسار "المُفلسات" الجديدات من غرب اوروبا التي يصعب عليها ان تبقى ديمقراطيات من غير طاعة المال من الخارج.

        ان الدهشة من شأن المتبرعين الامريكيين تنبع من هذيان ان مؤسساتنا الديمقراطية تمثل جميع الرعايا كما يمثل البرلمان في ستوكهولم السكان الذين تسيطر عليهم الدولة السويدية بالضبط. لكن ويحنا ان الديمقراطية الاسرائيلية تسيطر منذ 45 سنة على سكانها الواقعين تحت الاحتلال الذين لا تمثيل لهم والذين لا يجوز لهم ان يقرروا أية قضية تتعلق بحياتهم، هذا الى كون حدودنا مطموسة. فهناك خريطة تُستعمل في دروس الجغرافيا، وخريطة اخرى يستخدمها الجيش وثالثة في سفر الناخبين: فكريات اربع وبيت ايل في داخل اسرائيل، والخليل ورام الله من خارجها. ولا واحدة من هذه الخرائط رسمية. "لماذا يكون لنا حد واضح؟"، هذا هو شعار القوة.

        وكأنه لا يكفي اعوجاج "يجوز لنا فقط" حتى أصبح عندنا دولة في داخل دولة، أعني الوكالة اليهودية بصلاحياتها وحقوقها وكل ما يتعلق بملكية الارض والماء واستيعاب الهجرة.

        ندرك مبلغ كون متبرعي نتنياهو شأنا صغيرا اذا فكرنا في أنه ما هي الاحزاب الوكيلة وناخبوها، ومواطنو أي الدول هم، ومن أين تأتي صلاحياتهم للبت في أمر ماء دولة اسرائيل وارضها ورعاياها الواقعين تحت الاحتلال. ونقول بعد انه لو استقر رأي الـ 37 متبرعا "فاضحا" على الهجرة الى البلاد لكان كل شيء على ما يرام لأنهم كانوا بذلك "يربطون مصيرهم بمصيرنا". ان قوانين الجنسية في اسرائيل – قانون العودة من جهة والجحيم الذي يمر به غير اليهود للحصول على الجنسية – تنتمي الى هذا الاعوجاج: فنحن نقرر القاعدة والشواذ عنها. وليس عندنا مقياس موحد عام سوى "مصالحنا".

        كل ذلك الى هنا معروف: ان اليسار في زعزعة بسبب التبرعات لنتنياهو، واليمين غاضب على "صندوق اسرائيل الجديد" وهؤلاء واولئك يوافقون على الملكية اليهودية للاراضي، والشيء المشترك حقا بين الجميع هو تصور اسرائيل لنفسها على أنها الأعظم قوة في مقابل "الآخرين". لندع لحظة سلب الاراضي بعد نشوء الدولة، ان قصة نجاحنا الاقتصادي تقوم على مال اجنبي. فالاقتصاد الاسرائيلي والنخب جميعها بُنيت وتقوم بواسطة "مساعدة خارجية" متواصلة.

        لماذا يكون فهم هذا مهما؟ لأن الاسرائيليين يعيشون مع شعور "فيلا في الغابة"، ومع الاستخفاف بالشرق والحريديين باسم الفانتازيا على دخل قومي مرتفع ومستوى حياة النخب وما تطرحه لنا – ان الجميع قد نشأوا على "التبرعات". ان تراكم المال الاسرائيلي الذي ضمن لنا المشاركة في الدول الصناعية المتقدمة لم ينشأ "بعمل أيدينا". ومن هنا تأتي أهمية اسطورة "بعمل أيدينا" – من تجفيف المستنقعات الى مدح "العقل اليهودي" ثم الى ستاف فرتهايمر باعتباره رب مال. على نواة حقيقية ما يتم استنساخ فانتازيا "نجحنا" بخلاف الجيران.

        لو طُلب الينا ان نعيد الى جميع المتبرعين لنا – الجمهوريين والديمقراطيين وأشباه المسيحيين والاشتراكيين – استثماراتهم، أي الرخاء وما مكّن ويُمكّن من التطوير الذي قام به آباؤنا (اجل ان أكثرهم قد عملوا عملا صعبا جدا)، وساءت حالنا الاقتصادية (ولتجسيم ذلك فكروا في عشرات آلاف السنوات الدراسية التي أُنفقت على 15 ألف طبيب ومهندس وعالم رياضيات ممن أعطاهم الاتحاد السوفييتي بلا مقابل، في حين كانت الدولة تضائل نفقتها على الطب). هذا بالطبع تدريب بصري: فبخلاف ملاءمة النظارتين نوصي بالوقوف أمام صورتنا في المرآة وألا نرى الصورة المعروفة بل صورة الدولة الحقيقية.