خبر مهرجان « الجهاد الإسلامي ».. حينما تفرض المقاومة كلمتها

الساعة 07:19 ص|08 أكتوبر 2012

صورة قلمية

صحيفة الاستقلال

ما إن انتهى الناس في قطاع غزة من تأدية صلاة العصر من يوم الخميس الماضي، حتى انطلقت الحشود المؤلفة من الجماهير الفلسطينية صوب ساحة الكتيبة غرب مدينة غزة، ملبين نداء الجهاد والمقاومة للاحتفال بالذكرى الـ31 لانطلاقة حركة "الجهاد الإسلامي"، والذكرى الـ17 لاستشهاد مؤسسها الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي، ليجددوا عهد البيعة والوفاء للشهداء والأسرى، على المضي قدماً نحو تحرير فلسطين كل فلسطين من بحرها إلى نهرها.

 

100 ألف مشارك هو رقم قدرته وكالات الأنباء العالمية لعدد الحضور في ساحة الكتيبة، ليدلل على ازدياد شعبية هذه الحركة المجاهدة ويقدر مستوى انسجامها مع تطلعات الشعب الفلسطيني وتحقيق مطالبه العادلة، بانتزاع دولة فلسطين من بين فكي الاحتلال الصهيوني الغاشم، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجروا منها عام 1948، وتحرير الأسرى من غياهب السجون وظلماته.

 

حضور حاشد

غطت سماء ساحة الكتيبة، بالرايات السوداء والأعلام الفلسطينية، وامتلأت مقاعد المهرجان الجماهيري بأنصار وكوادر ومؤيدي الحركة ومواقفها، ورغم ذلك إلا أن هذه المقاعد التي افترشت أرض الكتيبة بعددها الكبير والهائل، لم تكفي لسد حجم الحضور الذي فضل جزء كبير منهم الاحتفال بهذه الذكرى وقوفاً، حتى امتدت الزحوف البشرية إلى متنزه جامعة الأزهر المجاور لساحة الكتيبة والشوارع الرئيسية المحيطة فيه.

ويقول فراس المدهون، أحد الذين حضروا إلى المهرجان الجماهيري الحاشد، إنه حضر إلى هذا الحفل رغبة منه في مناصرة الفكر المقاوم، وتجديداً لعهد الوفاء لدماء الشهداء وحرية الأسرى، معتبراً أن هذا اليوم يشكل نقلة نوعية وكبيرة لمستوى شعبية حركة الجهاد الإسلامي.

وتقدم الحفل منصة ضخمة ومهيبة تدلل على الجهد البشري الكبير الذي بذل لصناعتها بما ينسجم مع مستوى الحضور وأهمية الحفل، وزينت بصور شهداء الحركة ومؤسسيها، كما أنها احتوت على صوراً أخرى لمؤسسي وشهداء منظمات فلسطينية مختلفة، منهم القادة الشهداء ياسر عرفات، أحمد ياسين، أبو علي مصطفى وغيرهم من القادة الكبار الذين ذرفوا دمائهم فداءً للوطن وللقضية الفلسطينية.

ومن أمام هذه المنصة، جلس أبرز قادة فصائل العمل الوطني والإسلامي من مختلف انتماءاتهم وأفكارهم السياسية، في مشهد يحقق الوحدة التي لطالما انتظرها الشعب الفلسطيني، ويؤكد على الدور الذي تلعبه "الجهاد الإسلامي" في تحقيق المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي، والاحترام الذي تحظى به من الفصائل الفلسطينية المختلفة.

 

نساء ماجدات

كما شهد الاحتفال المهيب، حضوراً لافتاً للنساء من زوجات وأمهات وأبناء الأسرى والشهداء. رفعن أعلام الحركة، في مشهد يجسد شمولية "الجهاد الإسلامي" بكافة فئات جمهورها، من رجال ونساء وأطفال وشيوخ، ويعيد إلى الأذهان الدور الكبير الذي لعبته المرأة الفلسطينية في مقاومتها الاحتلال وتحديهن للتهديدات الصهيونية.

وتقول (أم بهاء) ذات السادسة والأربعين عاماً: إن حضورها اليوم لهذا المهرجان، "يدلل على حبها الكبير لفكر الحركة وتاريخها الحافل بالانجازات والتضحيات ومجاهديها وقادتها"، موضحةً أنها قدمت وزوجات أبنائها الستة، لمشاركة الحضور النسوي في تلبية نداء "الجهاد الإسلامي"، ولسماع خطاب الأمين العام د. رمضان عبد الله شلّح، الذي اتسم بالثبات على الموقف- وفق قولها. 

واتشح الحضور من كافة أطياف وشرائح الجمهور الفلسطيني، بالرايات السوداء وأربطه زينت جبينهم كتب عليها "الجهاد الإسلامي" و"سرايا القدس"، مرددين هتافات الوحدة والنصر والوفاء للأسرى، والتمسك بخيار المقاومة المسلحة، ومعاهدين الله ورسوله على المضي قدماً نحو التحرير الكامل لأراضينا المحتلة عام 1948.

 

مقاومون من رحم الشعب

وعلى مقربة من الحفل الكبير، أحاط رجال المقاومة من سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، بالحفل، في مشهد يشير إلى عدم سقوط خيار المقاومة من أيدي أولئك المجاهدين الذين يرفضون مساومة الاحتلال والخضوع لتهدئة وفق معاييره.

وما يميز الحضور العسكري في المهرجان، هو عدم ممانعته في تحقيق رغبة عدد من المواطنين في التقاط الصور التذكارية مع رجال المقاومة، الذين بدا عليهم الانسجام والانخراط في صفوف الجماهير الشعبية، كيف لا وهم حراس هذا الوطن وحاموه من مغامرات جنود الاحتلال التي عادة لا تنتهي إلا بتكبيدهم خسائر جسيمة.

 (م. ع) أحد المقاومين التابعين لسرايا القدس، لم يظهر من وجهه سوى عيناه المتشحتين بالسواد. وقف صنديداً عند مدخل ساحة الكتيبة يراقب عن كثب الحالة الأمنية في المكان.

ويقول (م. ع) لـ"الاستقلال" وهو يحافظ على تأهبه الشديد: "إن التقاط المواطنين الصور التذكارية معنا، يدلل على خيارهم الذي اختاروه لمواجهه تحديات الاحتلال، ألا وهو خيار المقاومة"، مشيراً إلى أنه وزملائه المجاهدين الذين انتشروا في المكان يعدون "جزء من هذا الشعب الذي ذاق ويلات الاحتلال ويرفض الخضوع لها".

وعلى الهامش من الحفل، تناثر الباعة المتجولون لمختلف أنواع المأكولات والمشروبات، الذين رأوا في هذا المهرجان، موسماً جيداً لكسب أرزقاهم.

ويقول أحمد الشيخ خليل، وهو أحد البائعين الذين حضروا إلى المهرجان، إن حضوره لبيع بضاعته بين المواطنين، جاء من اعتقاده بأن مستوى الحضور الكبير سيشكل عاملاً لإنفاقها بسرعة كبيرة، وهو ما حدث"- وفق تعبيره.

وأضاف: "أعيل ستة من الأبناء، ومن أجل تحقيق كسب مادي وفير رأيت في هذا الاحتفال فرصة كبيرة لبيع بضاعتي من المشروبات الباردة، كون هذا الاحتفال شهد حضوراً كبيراً فاق توقعاتنا".

 وتابع والابتسامة ترتسم على وجهه: "لو كنت أدرك أن تلبية الجماهير لدعوة الجهاد الإسلامي سيكون هكذا، لجلب بضاعة أكبر عدداً".

انتهى الحفل الجماهيري الكبير، وكلن حقق هدفه من الحضور. المواطنون الذين رغبوا في تجديد العهد والبيعة مع الحركة المجاهدة حتى تحرير فلسطين، والقادة السياسيين الذين كان لهم دوراً في إلقاء كلمات تشدد على ضرورة تحقيق الوحدة  وإنهاء المفاوضات مع الاحتلال، لمواجهه تطلعاته ومخططاته ضد الفلسطينيين في خندق واحد، والمقاومين الذين وجدوا في هذا المكان والمناسبة، فرصة للتأكيد على أنهم من الشعب ويعانون ما يعانيه، والباعة الذين حققوا كسباً وفيراً.