خبر سيناء.. بوابة تحدٍ أمني لمصر واسرائيل وحكومة غزة

الساعة 06:12 م|05 أكتوبر 2012

وكالات_القدس

اتت شبه جزيرة سيناء، تشكل خطراً وتحدياً امنيا لكل من مصر وإسرائيل وحكومة حماس في قطاع غزة، حيث باتت كل جهةٍ منها تسعى لاثبات قدراتها الأمنية في ردع الجماعات السلفية التي وجدت في سيناء فرصة لبناء قاعدة لها وتعزيز قوتها عبر تجييش العناصر القبلية لصالحها لتنفيذ هجمات مسلحة ضد كل من يقف في وجهها.

ويرى عدد من المتابعين، أن الفراغ الأمني الذي اعقب الثورة المصرية، أدى لتنامي قوة الجماعات السلفية في سيناء، وباتت تنفذ هجمات ضد أهداف مختلفة، مشددين على أن تلك الهجمات سيكون لها بالغ الأثر مستقبلاً على المنطقة في ظل الاطماع الإسرائيلية تجاه سيناء والعمل على "تدويلها".

وقال مصدر أمني للقدس، إلى أن عناصر "متطرفة" وصلت من دول عربية مختلفة كانت السبب الرئيسي في تنامي قوة تلك الجماعات"، مشيراً إلى أن الكثير منهم قتلوا في اشتباكات مع الجيش المصري خلال العملية العسكرية الأخيرة عقب الهجوم الذي قتل فيها 16 جندياً مصرياً في الخامس من آب الماضي.

وأدت حملة الجيش المصري الامنية للتشديد من قبضته على الانفاق بين غزة ومصر، وسط الانباء التي تحدثت عن تورط عناصر فلسطينية في الهجوم.

وأوضح لـلقدس ان "سيناء لم تكن في يوم من الأيام مصدر تهديد لنا، وفي الواقع هي خاصرة مصر الضعيفة، وأصبحت تشكل تهديداً حقيقيا للاحتلال الإسرائيلي عقب الهجمات الأخيرة ضد جنوده" نافياً ارتباط الجماعات التي وصفها بـ "المنحرفة فكرياً" في غزة بتلك الموجودة في سيناء.

ويرى الكاتب الصحفي المصري، المختص في شؤون الحركات الإسلامية الدكتور كمال حبيب، أن الثورة المصرية حين وقعت أدت لوقوع فراغ أمني كبير في سيناء.

وأضاف، "التيار السلفي الجهادي لم يبق بمعناه القديم الذي كان يُعرف عنه وهناك نزعات تكفير واضحة، والأمن في سيناء كان ضعيفاً جداً مقارنةً بمحافظات مركزية"، مشيراً إلى أن "سيناء منطقة حدودية، يغلب عليها الطابع القبلي، مما شجع على انتعاش بعض التيارات المتطرفة أو العنيفة وأن هناك عناصر في الدلتا ذهبت إلى سيناء".

وقال :"هناك ما يمكن أن نسميه ولع أو رغبة عند هذه التيارات لتنفيذ هجمات في فلسطين المحتلة، ووجدت سيناء كمعبر لتنفيذ هذه العمليات، دون إدراك لمدى تأثيرها على الأمن القومي المصري أو الأمور المتعلقة بخطة الدولة واستراتيجيتها فضلاً عن ارتباط غزة بهذه الجغرافيا وانتشار الانفاق معها".

ويوضح أن الجماعات السلفية الجهادية، موجودة في سيناء منذ منتصف التسعينات، وكان يمثلها تنظيم التوحيد والجهاد، الذي نفذ عمليات ضخمة داخل مصر لثلاث أعوام متتالية في 2004 و2005 و2006، وأن الفكر السلفي الجهادي، كان موجوداً في تلك الحقبة من التسعينات، متجاوراً مع توجهات إسلامية أخرى مثل السلفية الدعوية، والإخوان المسلمين، وكان التوحيد والجهاد أول تنظيم سلفي يحمل أفكاراً جهادية، ولا زالت بقاياه موجودة حتى الآن، وبغزة هناك تيارات متشابهة نشأت عقب حالة الصدام بين حركتي فتح وحماس.

وأضاف، نحن أمام ظواهر جديدة نُطلق عليها "تنظيمات مائعة أو سائلة" أي صغيرة وليس لها ايدلوجية، أو بنية واضحة، وليس لها أتباع كُثر وإنما هي تنظيمات متناسلة، ومقارنةً بأعدادها الموجودة في غزة، وسيناء فإنه يصعب علينا حصرها.

ويرى الدكتور حبيب، أن "فائض طاقة المقاومة بغزة عاد لسيناء"، بمعنى أن التهدئة التي سعت لتطبيقها حماس، وتراجع عمليات المقاومة ضد الاحتلال انطلاقاً من غزة، جعلت تلك الجماعات تخطط، وتنفذ هجماتها انطلاقاً من سيناء، مستغلة الترابط الشديد بين العوائل والأفكار بين تلك العناصر التي تنتمي لهذه الجماعات. وربما تكون هذه الجماعات تسعى للاحتجاج على الفقر والبطالة والتعذيب الذي ظهر ضدهم في عهد مبارك، وتبحث عن مظلة تُعطي لهذا الاحتجاج معنى.

وأضاف، وجود إسرائيل وظلمه لغزة، يزيد من التوتر أيضاً، ويجعل الشباب العربي بشكل عام، يتحرك من أجل رفع الظلم عن إخوانه.

وعن وجود عناصر من جنسيات عربية في تلك الجماعات ودورها في تنامي قوتها، قال د. حبيب، أن الكثير من العناصر الجهادية في ليبيا وبعد قتالها ضد النظام هناك، وصلت إلى سيناء، ومن ثم سافر بعضها إلى سوريا، وهناك مصريون سافروا إليها أيضاً، ومنهم من خاض معارك كبيرة، وعاد بعضهم لسيناء، ولا يمكن أن ننسى "السجن" ودوره في تكوين جزء كبير من العلاقات بين السلفيين في تنظيم القاعدة بأفغانستان، وصلتهم بالتيار السلفي عموماً بالمنطقة، وتنقلهم لدول مختلفة، وبالتالي كل تلك الأسباب منحت القوة لتلك الجماعات لتعود مرة اخرى.

ورآى ان "النموذج الذي طرحته الثورات العربية وتعطل هذا النموذج في مصر، حين كان المجلس العسكري يتولى الحكم لأكثر من عام ونصف ادى الى قوة هذه الجماعات بمعني انه هناك علاقة عكسية بين نجاح نموذج الثورات العربية وضعف هذه الجماعات".

وأكد الكاتب المصري، قدرة إسرائيل على تنفيذ عمليات اغتيال ضد عناصر مسلحة في سيناء، مشدداً على أن إسرائيل لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي أمام هجمات الجماعات السلفية الجهادية.

وراى اننا اصبحنا أمام حالة "أقرب ما تكون من منطقة وزير ستان بين أفغانستان وباكستان، وأنه سيُفتح الباب أمام اسرائيل لتنفيذ عمليات، وقد يؤدي ذلك في المستقبل لطرح تدويل سيناء، أو على الأقل تدويل القطاع المجاور للأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي حال فُرض هذا، ستحرم في المستقبل كل القوى التي تريد مهاجمة إسرائيل، من ذلك وستخلق المسافة الفاصلة بينهما مشكلة أمنية".

وأردف، "مخططات تلك الجماعات ستستخدمها إسرائيل على نطاق أوسع، وعلى مدى أبعد، وسيشكل هذا ضرراً على الأمن القومي، واقتراح بريطانيا على مصر التدخل، والتعاون الأمني فيما بينهما في سيناء، سيؤدي إلى تعقيدات كبيرة في الموقف، لذا فالمطلوب من تلك الجماعات أن لا يستعجلوا مواجهة يظنون أنهم مطالبين بشيء منها، فهذه مهمة الدول أن تقوم بها وليس الجماعات الصغيرة التي تغيب عنها الرؤية الاستراتيجية".

ويرى المحلل السياسي والمختص بالشؤون الإسرائيلية أكرم عطا الله، أن إسرائيل منذ اتفاق كامب ديفيد كانت تسعى لإخراج سيناء من دائرة السيطرة المصرية، وهو ما نجحت فيه، حتى جعلت هذه الجزيرة مرتعاً خصبا "للمستثمرين فيها خارج القانون المصري" سواء عبر تجارة المخدرات، أو حتى للاتجار بأعضاء البشر أو لتنفيذ أي عمل عسكري.

وأضاف، إسرائيل تعرف ماذا تريد من سيناء، وكانت معنية بوجود فراغ أمني فيها، وكل ذلك مرتبط بالمستقبل الاستراتيجي لها، بمعني أن إسرائيل قرأت مسبقاً أن غزة تشكل تهديداً استراتيجياً، ومن الممكن أن تنفجر سكانياً بعد سنوات، وأن يصل عدد سكان القطاع بعد 10 أعوام إلى 4 أو 5 ملايين وأن غزة لن تكفيهم وبالتالي سيتوسعون في سيناء.

وتابع، لا بد من التنبه أن إسرائيل ربما تذهب في فكرها لأبعد من ذلك، ففي حال وصل عدد سكان إسرائيل إلى 20 مليوناً بعد 50 عاماً، فماذا سيكون مصيرهم، هكذا تخطط إسرائيل، ويتحدث المحللون وخبراء التخطيط الاستراتيجي فيها، ونتنياهو قال "إسرائيل كلها بحجم شارع في نيويورك" وهذا يدلل أن إسرائيل تطمح للتوسع، وبالتأكيد سيناء ستكون "أرض احتياط" بالنسبة لها.