خبر رويترز: « مرسى » كسب احترام منتقديه.. ووعود الـ100 يوم تلاحقه

الساعة 04:40 م|05 أكتوبر 2012

وكالات

كسب الرئيس المصرى محمد مرسى احتراما يحسد عليه من منتقديه فى الأيام المئة الأولى من رئاسته بإعادته الجيش إلى ثكناته بأسرع مما كان يتوقع الجميع، وتعزيزه لمكانة مصر الدولية فى عدد من زياراته الخارجية التى حظيت بتغطية إعلامية كبيرة.

لكن حظوظه السياسية وحظوظ جماعة الإخوان المسلمين التى جاءت به إلى السلطة ربما تعتمد على ما سيكون قد حققه فيما يتعلق بقضايا أكثر تأثيرا على الحياة اليومية مثل الازدحام المرورى ونقص الخبز والوقود بحلول السابع من أكتوبر تشرين الأول عندما تنقضى المئة يوم الأولى من حكمه كما وعد.

وشملت الاختبارات الصعبة التى واجهها المهندس المدنى الذى حكم مصر "بالصدفة" بعد استبعاد المرشح المفضل للإخوان المسلمين إدارة فترة ما بعد أحداث العنف التى شهدتها الاحتجاجات عند السفارة الأمريكية فى سبتمبر أيلول والتى أثارها الفيلم المسىء للإسلام. وشعر دبلوماسيون أن استجابته كانت بطيئة لكنها كانت فعالة فيما يبدو، حيث لم تلحق أضرار تذكر بالعلاقات بين مصر والولايات المتحدة فى حين حظى مرسى فى الداخل بمصداقية لما أبداه من حساسية تجاه الغضب الشعبى.

وتجنب مرسى فى أغلب الأحيان الاستغراق فى قضايا حساسة مثل الدور الذى ستلعبه الشريعة الإسلامية فى الحكم والقوانين فى مرحلة ما بعد الرئيس المخلوع حسنى مبارك. ويدور هذا الجدل بين أصحاب الفكر العلمانى وبين الإسلاميين داخل اللجنة التأسيسية المكلفة بوضع دستور جديد للبلاد.

لكن نجاحات مرسى كانت تطغى عليها فى وسائل الإعلام المصرى دائما المشكلات المحلية ومنها الاحتجاجات العمالية التى تذكر بعمق المشكلات الاقتصادية التى أثارت الانتفاضة الشعبية التى أطاحت بحكم مبارك.

وقال حسن أبو طالب المحلل السياسى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إن التكهنات بأنه يمكنه معالجة كل المظالم بسرعة أوجدت آمالا كبيرة غير واقعية، وأضاف أن الفجوة بين التوقعات والآمال والواقع كبيرة.

وقد يكون تلبية هذه التوقعات حاسما فيما يتعلق بأداء الإخوان فى الانتخابات البرلمانية المنتظرة فى بداية العام المقبل أو ربما قبل ذلك.

لكن ليست هناك حلول سريعة فى دولة تعانى من البيروقراطية المتجذرة والفساد والحاجة لإعادة هيكلة نظم الرعاية الصحية والتعليم، وتصنف مصر فى المرتبة 101 بين 169 دولة على مؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية.

ويعيش نحو خمسى سكان مصر البالغ عددهم 83 مليون نسمة حول خط الفقر ويعتمدون على الدعم الذى يثقل كاهل خزينة الدولة مما دفع مرسى فى أولى خطواته لطلب قرض بقيمة 4.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولى لدعم ماليات الدولة.

وكان التكدس المرورى فى القاهرة على سبيل المثال من المهام العسيرة وزاد من صعوبة الأمر أن عمال هيئة النقل العام كانوا بين المشاركين فى الإضرابات.

ويقول إبراهيم عوض الله وهو سائق سيارة أجرة يسعى للإعفاء من سداد أقساط قرض قال إن سائقى السيارات الأجرة اضطروا للحصول عليه لتمويل شراء سيارات جديدة "أعطيناه صوتنا على أساس أنه سيعيد لنا حقوقنا".

وقال: "حان الوقت لأن يفى بوعوده"، وكان الأطباء أحدث من انضموا لموجة الاحتجاجات والإضرابات. ومن بين مطالبهم زيادة الأجور فى قطاع يتقاضى فيه الخريج الجديد 200 جنيه (30 دولارا) فقط فى الشهر. ويقول سامح عبد العظيم أحد منظمى إضراب الأطباء "لا نرى سببا للتأجيل".

ويقول موقع "مرسى ميتر" لمراقبة أداء الرئيس على الإنترنت إن الرئيس فى اليوم 97 من حكمه نفذ أربعة فقط من 64 وعدا قطعها قبل انتخابه وقال إنه سينجزها فى المئة يوم الأولى من حكمه.

ويقول ساسة من الإخوان المسلمين أن التقييم غير منصف، حتى بعض معارضى مرسى يقولون إن هناك تحسنا ملحوظا لكن من الصعب قياسه فى إقرار النظام وحكم القانون على سبيل المثال.

وكانت حكومة مرسى تحاول التركيز على الأجل الطويل وجذب استثمارات لمشروعات عملاقة مثل مشروع ممر قناة السويس الذى يهدف إلى زيادة دخل القناة عن طريق تحويلها إلى مركز للخدمات.

وقال وليد عبد الغفار العضو فى حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين والمهندس المكلف من الحكومة بتنسيق المشروع "هناك تحسين حتى وإن كان قليلا، لكن حجم الفساد الإدارى والعراقيل أكبر مما يتخيله البشر".

ويقول اقتصاديون إن المناخ لمثل هذه المشروعات تحسن منذ أن تم تحييد قادة الجيش.

وحتى منتقدى مرسى أعجبوا بسرعته فى تهميش المشير حسين طنطاوى وزير الدفاع فى عهد مبارك على مدى نحو 20 عاما ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى تولى السلطة من مبارك فى فبراير شباط 2011.

وأحيل طنطاوى وكبار قادة الجيش للتقاعد بمرسوم مفاجئ أصدره مرسى بعد ستة أسابيع فقط من بدء فترة ولايته.

وبث مرسى النشاط والحيوية فى السياسة الخارجية المصرية بانطلاقه فى زيارات إلى أديس أبابا وبكين وطهران ونيويورك وأنقرة مع تبنيه ما وصفها بدبلوماسية "متوازنة"، وكان الكثيرون من المصريين يرون مبارك أداة لتنفيذ السياسة الغربية أو الأمريكية.

وتحاور مرسى مع الحكومة الإسلامية الشيعية فى طهران فى مسعى لإنهاء الحرب الأهلية فى سوريا وهو معلم هام فى العلاقات بين البلدين بعد انقطاع العلاقات الدبلوماسية بينهما بعد الثورة الإسلامية عام 1979. وقدم تطمينات لإسرائيل بأن معاهدة السلام فى أمان فى حين أبقى حكومتها بعيدا وعمق علاقاته مع الإسلاميين فى تركيا.

وتمضى الأمور بسلاسة أقل مع الولايات المتحدة التى تقدم لمصر مساعدات عسكرية ومساعدات أخرى بقيمة 1.5 مليار دولار سنويا. فقد علق الكونجرس مساعدات قيمتها 450 مليون دولار لمساندة الحكومة الجديدة فيما يلقى الضوء على درجة من عدم الارتياح فى واشنطن بشأن العلاقات التى كانت حجر الزاوية للسياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط.

وزادت الاحتجاجات أمام السفارة الأمريكية يوم 11 سبتمبر أيلول الطين بلة. فقد فشلت الشرطة فى منع المتظاهرين من تسلق جدران السفارة وتمزيق العلم الأمريكى.

وقال دبلوماسى غربى فى القاهرة طلب عدم الكشف عن اسمه ليتمكن من تقييم الهجوم بشكل صريح "ما فهمناه هو أنه شخص يحب أن يتروى.. يحب أن يأخذ وقته".

وأضاف: "القيادة هنا على عكس ما كان عليه الحال فى عهد مبارك، يجب أن تضع فى حسبانها مشاعر الناس، لكنهم ربما قدروا ما حدث بأقل من قدره".

ويقول حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إنه بعد أن وعد مرسى بأن يكون رئيسا لكل المصريين سيكون من معايير قياس نجاحه ما إذا كان سيختار معالجة مخاوف المصريين الليبراليين القلقين من دور الدين فى المناقشات بشأن الدستور الجديد.

ويشعر ساسة بارزون غير إسلاميين منهم محمد البرادعى بالقلق بشأن عناصر فى الدستور الذى تكتبه لجنة تأسيسية يقولون إن الإسلاميين يهيمنون عليها، ويقولون أنهم سيحملون مرسى مسؤولية كتابة دستور "متوازن".

وقال نافعة إنه لم يتضح حتى الآن ما إذا كان الرئيس مستعدا أو قادرا على تحقيق توافق وطنى بدلا من أن يحكم باعتباره ممثلا لجماعة الإخوان المسلمين، وأضاف أن الاختبار الحقيقى سيكون هو الدستور القادم.