خبر غولدا لم تقل لا- هآرتس

الساعة 09:08 ص|04 أكتوبر 2012

غولدا لم تقل لا- هآرتس

بقلم: شاؤول رحافي

حفيد غولدا مئير

 (المضمون: ليس صحيحا ان غولدا مئير لم توافق على اقتراح امريكي مصري لتسوية قبل حرب 1973 بل السادات هو الذي رفض الاقتراح - المصدر).

يقول أمير أورن في مقالته "الظلم الذي فعله الساسة" ("هآرتس" 21/9)، ان غولدا مئير رفضت قبل حرب يوم الغفران اقتراحا امريكيا مصريا لانسحاب من سيناء مقابل مزايا عدم قتال ولا يوجد أي أساس لذلك.

        لم تكن الخطة المتحدث عنها امريكية مصرية بل امريكية خالصة، وقد طورها هارولد سوندرز في مجلس الامن القومي في خلال الاشهر الاخيرة من سنة 1972 وبداية 1973، وكانت ترمي الى تحريك المسيرة السياسية بعد ان خلص البيت الابيض الى استنتاج أن مبادرات وزير الخارجية وليام روجرز لا تؤدي الى أي مكان. وعُرضت الخطة على حافظ اسماعيل مستشار الامن القومي لأنور السادات زمن زيارته السرية لواشنطن في نهاية شباط 1973 التي التقى فيها مع الرئيس ريتشارد نيكسون ومستشاره هنري كيسنجر. وبعد ذلك بيوم عُرضت المبادرة على غولدا مئير التي كانت في واشنطن هي ايضا في تلك الايام.

        واليكم وصف اسحق رابين الذي كان آنذاك سفير اسرائيل في واشنطن في كتابه "مذكرة خدمة": في لقائهما الاول، في السابع والعشرين من شباط، عرض كيسنجر على اسماعيل الصيغة التي تقول "يُعترف بسيادة مصر على شبه جزيرة سيناء في مقابل عدد من الترتيبات الامنية الاسرائيلية المؤقتة". وفي الثامن والعشرين من شباط بعد يوم من لقاء كيسنجر لاسماعيل، حصلت غولدا مئير على إبلاغ بهذه الاتصالات ووكلت كيسنجر ليفحص مع المصريين عن الاقتراح. وبحسب ما يقول رابين "أجازت مئير هذه الفكرة برغم تحذير كيسنجر من ان الوجود العسكري الاسرائيلي سيُحتاج الى التغطية عليه ليصبح وجودا مدنيا".

        ان موافقة اسرائيل على الصيغة الامريكية التي معناها العملي هو الانسحاب الكامل من سيناء في مقابل ترتيبات امنية، نُقلت الى مصر في اثناء اللقاء السري الثاني بين كيسنجر واسماعيل الذي تم بينهما وحدهما في العشرين من أيار في واحدة من ضواحي باريس. وإن مضمون الحديث الذي سجله كيسنجر بعده فورا تشتمل عليه وثائق امريكية سُمح بنشرها قبل أكثر من عشر سنين.

        وهذا ما ورد فيها: "سأل السيد اسماعيل الدكتور كيسنجر ما هو في رأيه أقصى قدر تستطيع مصر الحصول عليه من اسرائيل. وقال الدكتور كيسنجر انه يعتقد ان أقصى قدر يتوقع ان تعطيه اسرائيل الآن هو سيادة إسمية في سيناء مع مواقع امنية اسرائيلية في نقاط رئيسة".

        وتتابع الوثيقة القول: "قال اسماعيل انه لا يستطيع ان يعطي أي التزام الآن، فعليه ان يتحدث مع السادات. وقد يُرسل ردا الى الدكتور كيسنجر في الايام العشرة القريبة في موعد مناسب قبل مؤتمر القمة بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة (الذي كان سيُجرى في حزيران)، وبعد اللقاء مع اسماعيل قدّر الدكتور كيسنجر ان المشكلة المركزية هي مع أنور السادات؛ فمن الممكن جدا ان يستقر رأيه على أنه غير معني بدخول هذه المسيرة وينقل رسالة بأن الوضع هو كذلك".

        وكتب كيسنجر في تقرير الى نيكسون عن اللقاء في أيار يقول: "باختصار جاء اسماعيل الى اللقاء للفحص عن نوايا البيت الابيض لا ليبحث بصورة محددة عناصر اتفاق مصري اسرائيلي ممكن".

        لم يأت جواب مصري كما نعلم من تسلسل الأحداث التاريخية برغم ان كيسنجر حاول في خلال اشهر الصيف ان يستخلصه من مصر. وفي 13 آب التقى السفير الايراني في واشنطن، أرشيد زيدي، واشتكى من أنه "لا يستطيع ان يشارك مشاركة شخصية في المسيرة اذا كان اسماعيل يكرر فقط مواقف أستطيع ان أقرأها في الصحف". وصاغ كيسنجر مع السفير رسالة باسم شاه ايران نُقلت الى اسماعيل بغرض حث مصر على تسليم جوابها عن العرض الامريكي الذي تلقى مباركة غولدا مئير.

        في الاسابيع التي سبقت الحرب أُبعد اسماعيل عن دائرة المستشارين القريبة من السادات. ونبع إبعاده في رأي خبراء من معارضته للحرب عقب مشاركته في الاجراءات السرية التي تمت في الاشهر والاسابيع التي سبقتها.

        ان أنور السادات لا غولدا مئير هو الذي رفض الاقتراح الامريكي – (الاسرائيلي) بل لم يوافق على دخول تفاوض مباشر أو غير مباشر مع اسرائيل على أساسه. وقد وافق على ذلك فقط بعد آلاف الضحايا والانجازات النفسية في ميدان القتال.

        كل هذه الامور غير جديدة لكن أورن مثل كثيرين آخرين غير مستعد لأن يُبلبلوه بالحقائق. ومن المناسب ان يوزن اقتراحه تحقيقا رسميا تاريخيا بجدية. لكن يبدو في ضوء هذا الكلام ان هناك مكانا للتحقيق في أكذوبة يوم الغفران ايضا.