خبر ثمن إنكار صواريخ يوم الغفران -هآرتس

الساعة 11:19 ص|02 أكتوبر 2012

ثمن إنكار صواريخ يوم الغفران -هآرتس

بقلم: موشيه آرنس

        (المضمون: كان خطأ القيادتين السياسية والعسكرية في حرب اكتوبر 1973 أنهما لم تتعلما درسا من حرب الاستنزاف التي سبقت حرب 1973 حينما كانت الصواريخ المصرية تضرب الطائرات الاسرائيلية - المصدر).

        نتذكر في كل سنة في ذكرى يوم الغفران من جديد حرب يوم الغفران، فنتذكر الصدمة الاولى، وعدد القتلى الذي أخذ يزداد، والهزائم الاولى، وعبور القناة والنصر النهائي. ونتذكر ايضا الأخطاء التي اخطأها قادتنا والثمن الباهظ الذي اضطررنا الى دفعه عن هذه الأخطاء. ويوجه بعض المحللين اصبع الاتهام الى المذنبين بالأخطاء ويزعم آخرون أنه كان يمكن منع الحرب. ويتفق الجميع على أن بطولة جنودنا أنقذت الدولة من هزيمة وأحرزت نصرا هيأ لاتفاق السلام مع مصر.

        لكن لا يكاد أحد ينتبه الى حقيقة أنه ساد قبل الحرب عدم رغبة في مواجهة الحقائق البادية للعيان، كان أساس تفكير خطأ في المستويين المدني والعسكري. فقد دخلت اسرائيل حرب يوم الغفران في حال إنكار. فقد رفضت الاعتراف بحقيقة أن صواريخ الارض – جو السوفييتية التي نُصبت غربي قناة السويس قد أبطلت في واقع الامر جزءا كبيرا من طاقة سلاح الجو الاسرائيلي في حالة حرب.

        في تشرين الاول 1967 طار الرائد جون مكين الذي أصبح بعد ذلك مرشح الحزب الجمهوري لرئاسة الولايات المتحدة في طائرة سكاي هوك، في مهمة قصف فوق هانوي، ولاحظ صواريخ "اس.إي -2" سوفييتية انتصبت فوق الارض وأصاب أحدها طائرته فقص الجناح الأيمن واضطره الى الهبوط وكان ذلك بدء معركة قاتلة بين طائرات هجوم وصواريخ ارض – جو جبت بعد ذلك ثمنا باهظا من الطائرات المقاتلة الامريكية في فيتنام.

        وفي 1970، في الشهور الاخيرة من حرب الاستنزاف واجه سلاح الجو الاسرائيلي خطرا مشابها. فقد نُشرت برعاية الاتحاد السوفييتي صواريخ ارض – جو سوفييتية كثيرة في مصر. وحينما أُحرز في آب من تلك السنة اتفاق وقف اطلاق نار كان واضحا ان سلاح الجو لم ينجح في التغلب على تلك الصواريخ التي جبت منه ثمنا باهظا في أشهر الحرب الاخيرة. وعلى حسب اتفاق وقف اطلاق النار لم يكن مسموحا لأي طرف ان يغير الوضع الراهن في المنطقة الممتدة على مسافة 50 كم عن كل جانب من جانبي قناة السويس. وبعد دقائق معدودة من دخول الاتفاق حيز التنفيذ، نقضه المصريون وقربوا بطاريات صواريخ ارض – جو من القناة. وحينما نشبت حرب يوم الغفران اضطر سلاح الجو الى مواجهة نشر كثيف لصواريخ من طراز "اس.إي – 3" و"اس.إي – 2" و"اس.إي – 6" ومدافع مضادة للطائرات نُصبت غربي القناة وهيأت مظلة حماية للقوات المصرية التي عبرت القناة، ولم يكن عند سلاح الجو رد مناسب على هذا التهديد.

        كان التصور العام الذي ساد اسرائيل آنذاك والذي كان ما يزال مطبوعا بتأثير انجازات سلاح الجو الضخمة في حرب الايام الستة أنه ما لم يوجد عند مصر سلاح جو يستطيع ان يواجه سلاح الجو الاسرائيلي ويكون نداً له فانها لن تخرج لمحاربة اسرائيل. واذا خرجت مع كل ذلك للحرب وحاولت عبور القناة فان سلاح الجو سيستعمل "مدافع محمولة جوا"، ويرد فورا ويساعد الوحدات الصغيرة من الجيش النظامي التي كانت موضوعة في سيناء، وهكذا تستطيع تلك الوحدات ان تصد المصريين وراء القناة. هذا هو التصور العام الذي غلب على القيادتين المدنية والعسكرية وكان جذر الأخطاء الاستراتيجية والتكتيكية التي اخطأتها اسرائيل.

        كانت القيادتان السياسية والعسكرية آنذاك في حال إنكار ورفضتا مواجهة دروس الأحداث المؤلمة في حرب الاستنزاف التي تعلم المصريون منها. فقد أدرك هؤلاء أنهم لا يحتاجون الى سلاح جوي يكون نداً للسلاح الجوي الاسرائيلي للخروج لمحاربة اسرائيل. فبطاريات صواريخهم الكثيرة تستطيع، كما فهموا، ان تواجه سلاحها الجوي. وقد غطت هذه البطاريات القوات المصرية التي عبرت القناة في حين لم تستطع الطائرات الاسرائيلية ان تُقدم الى جنود الجيش الاسرائيلي الذين كانوا في الميدان الدعم والحماية.

        بعد مرور تسع سنين في حرب لبنان الاولى، برهن سلاح الجو بصورة ساطعة على أنه تعلم مواجهة الصواريخ السوفييتية. فدمر جميع بطاريات صواريخ ارض – جو من تلك التي نشرها السوريون في لبنان من غير ان يخسر ولو طائرة واحدة.