خبر الجهاد الإسلامي ... معينٌ لا ينضب >> افتتاحية صحيفة الاستقلال

الساعة 07:08 ص|01 أكتوبر 2012

يمتد نور الجهاد الإسلامي نحو عام جديد من العطاء والتضحية يضفي دلائل ومؤشرات تعزز انسجام هذه الحركة مع نفسها ومع منطلقات تأسيسها.

اليوم وبعد 31 عاماً على التأسيس تبدو الجهاد أكثر تنظيماً وقوةً. وما المهرجان الذي تعتزم الحركة إقامته في ذكرى انطلاقتها وتأسيسها إلا رسالة تحدٍ لـ"إسرائيل" التي حاولت من خلال اغتيال مؤسسها قبل 17 عاماً أن تصفي هذا المشروع، ما جعل الحركة وقيادتها في ذلك الوقت تواجه تحدٍ حقيقي حيث فقدت مؤسسها في وضع عصيب تزامناً مع اتفاق أوسلو المشؤوم الذي صمم للقضاء على المقاومة.

لا شك أن الحركة دفعت مبكراً فاتورة أوسلو باغتيال قيادات مهمة فيها وملاحقة آخرين .. فقدت هاني عابد وفتحي الشقاقي ومحمود الخواجا بينما زجّ بآخرين في السجون .. كل هذا جاء في وقت عصيب وفي زمان كان يعز فيه الرجال.

ولذلك واجهت الحركة تحدي القضاء عليها ، وورثت قيادتها وضعاً صعباً في ظروف بالغة الحساسية والتعقيد.

كان لا بد لهذا المشروع أن يستمر ولهذه الحركة أن تواصل طريقها ودورها، ولذلك هيأ الله تبارك وتعالى لها رعاية وعناية كبيرة.

اليوم بعد 31 عاماً من التحديات نستطيع القول إن الحركة التي باتت ملئ السمع والبصر، بهذا الحضور وبهذا الزخم الكبير من الشهداء والأسرى الذين مثلوا حالة صمود تكاملت مع إرادة شعبنا التي لا تقبل الانكسار. هذه الحركة اليوم تمتد في كل ساحات الوطن والشتات. بفضل الله أولاً ثم بفضل قيادتها الواعية التي قادت المشروع الجهادي بحكمة وعزيمة مكنتها من التمدد بين كل فئات الجماهير ومنحتها احتراماً واسعاً ليس فلسطينياً فحسب بل على المستوى العربي والإسلامي.

لقد مرت الجهاد بمرحلة العمل النخبوي وانتقلت إلى العمل الشعبي والجماهيري، وتحولت من طور النشء والتكوين إلى طور الممارسة والفعل ثم المشاركة والتأثير،  ومع هذا الانتقال وهذه التحولات كان لا بد من وضع أساسات البناء التنظيمي القادر على مواجهة التحديات القادمة.

لقد استطاعت قيادة الحركة بناء مؤسسات وهياكل وأطر تنظيمية وهو ما حقق لها هدفين، الأول: استيعاب تزايد وتوسع امتدادها  الشعبي والجماهيري. والثاني: القدرة على تخطي العقبات ومواجهة أصعب الظروف والمحافظة على قدراتها وقوتها في حال التعرض للمحن والضربات الموجعة.

وعلى مستوى الخطاب تميزت الحركة بخطاب وطني وإسلامي وسطي، ينسجم مع الانتماء الديني للجماهير ولا يتعارض مع طبيعتها الثقافية وهويتها الحضارية.

وحافظت على قدر كبير من المرونة التي خلقت داخل الحركة قدرة على التجدد والبناء، هذه المرونة جعلت أداء الحركة يتسم في كثير من المناسبات بقدر كبير من التحرر من الإطار الحزبي الضيق الذي ابتليت به كثير من الحركات والقوى الفلسطينية، ولقد انعكست هذه المرونة في كثير من المواقف التي تميزت بها الحركة عندما كان الأمر يتعلق بالحديث عن تقاسم ما يتصوره البعض بالمغنم، غاب حضور الحركة في المغانم بينما كان حضورها قوياً في سجل التضحيات الذي لا ينتهي.

قدمت الحركة الواجب على الإمكان فتميز أداؤها الجهادي وكان ميدان التضحية هو ميدان التنافس بالنسبة لقيادة الحركة ومجاهديها، وكان لها السبق والتميز في العديد من المواجهات التي لن يكون آخرها ما حققه مجاهدوها من انتصارات في معارك الكرامة والعزة التي خاضها قادة الحركة في سجون الاحتلال وفي المقدمة منهم الشيخ خضر عدنان وإخوانه الأبطال.

اليوم حُق لحركة الجهاد الإسلامي أن تتفاخر ببناء جهاز عسكري قوي وفرت له قيادة الحركة كل الإمكانات المتاحة في ظروف الحصار الصعبة، ولقد تميز جهازها العسكري بعقيدته القتالية العنيدة التي تجلت في معركة بشائر الانتصار التي فاجأت العدو.

لقد رحل القائد الشهيد فتحي الشقاقي مبكراً عن زملائه وإخوانه، غرس نواة مشروع الجهاد الإسلامي ورحل في وقت كانت فيه الحركة أحوج ما تكون لقائد بحجم هذا المشروع، يقوده في مواجهة محن وتحديات جسام.

رحل الشقاقي وخلفه رفيق دربه رمضان شلح حافظاً العهد والوصية يروي الغرس المبارك بمداد من دم ونور.