خبر الأسرى المحررون حقوق مرهونة بقلة الدعم

الساعة 05:28 م|29 سبتمبر 2012

وكالات

عكست محاولة الأسيرة المحررة عبير عودة إحراق نفسها قبل أسبوع وسط مدينة رام الله بالضفة الغربية الأوضاع الصعبة للأسرى المحررين نتيجة غياب الدعم المادي والمعنوي.

وعزّزت تلك الحادثة مطالبات هؤلاء الأسرى وتصدّرها للواجهة لنيل كامل حقوقهم دون أي نقص أو تفريط، واتهم بعضهم -كالأسيرة عودة- السلطة ووزارة الأسرى والجهات الأخرى التي تعنى بشؤونهم بعدم منحهم تلك الحقوق والحاجات.

وكانت عبير قد اعتقلت منتصف مارس/آذار 2003 وقضت تسع سنوات بسجون الاحتلال منها خمس سنوات ونصف السنة بالعزل الانفرادي، وأفرج عنها ضمن صفقة وفاء الأحرار (شاليط) منتصف أكتوبر/تشرين الأول  الماضي.

وتقول عبير للجزيرة نت إن معاناتها تضاعفت عقب تحررها، فهي كانت تعرضت لأشد أنوع التعذيب النفسي والجسدي أثناء الاعتقال وأُصيبت بأمراض في العمود الفقري والمعدة والقولون وأجرت عمليات جراحية عدة.

وتضيف أنها طالبت -عقب الإفراج عنها- بصرف مستحقات مالية للعلاج، إضافة إلى إلحاقها بأحد برامج التأهيل النفسي والاجتماعي الذي تقدمه وزارة الأسرى لتسهيل الاندماج في المجتمع بعد سنوات الاعتقال تلك.

لكن هذه الأمراض وصعوبة أوضاعها -حسب الأسيرة عودة- لم تكن مقنعة للمسؤولين بوزارة الأسرى وغيرها لتقديم المساعدة لها.

وتابعت قائلة إنها ذهبت قبل أسبوع لمقابلة الرئيس الفلسطيني بمقر المقاطعة برام الله أو أحد المسؤولين هناك، ولكنها منعت من الدخول، ودعاها أحد الضباط متهكما إلى حرق نفسها وقال إنها مريضة نفسيا، "وبالتالي قمت بما قمت به".

 

معاناة متكررة

وحال الأسيرة عودة ليس أحسن من حال كثير من الأسرى الذين تتشابه معاناتهم إلى حد كبير معها، وخاصة فيما يتعلق بالإهمال في تقديم برامج تأهيلية نفسية واجتماعية ورعايتهم بما يتناسب ووضعهم الذي يكونوا عليه عقب التحرر.

وتفتقر المراكز الصحية التي كانت تتوجه إليها الأسيرة عودة للرعاية الطبية الكاملة وخاصة فيما يتعلق بتقديم الأدوية، "ولهذا كنت أدفع راتبي ثمنا للعلاج".

وأشارت عودة إلى أن ما تطالب به هو حق من حقوقها وحقوق الأسرى، ورفضت أي مساومة عليها داخل السجون أو خارجها، متهمة الجهات المسؤولة بالتفرقة بين أسير وآخر في صرف المستحقات وتقديم الدعم الكامل.

 

ظروف قاهرة

من ناحيته أقرّ مدير برامج التأهيل بوزارة شؤون الأسرى والمحررين محمد البطة بوجود خلل في تقديم برامج الإرشاد النفسي في الفترة الحالية. وأكد أن الأمر خارج عن إرادتهم نتيجة لتوقف الدعم المالي بتوفير متخصصين لذلك، وبين أنهم يحاولون الاستعانة بمؤسسات أهلية تُقدم الخدمة ذاتها وفق آلية معينة.

وقال البطة للجزيرة نت إن الأسرى يحصلون على حقوقهم الكاملة بشقيها المادي والمعنوي وتعرف ببرامج الحماية والرعاية كتلك المتعلقة بمنَح الإفراج وأموال الغرامات، إضافة لأية مستحقات قديمة للأسير وراتب شهري لمدة ستة شهور يتلقاه عقب التحرر بدل البطالة، وأحيانا يتأخر صرف هذه الأموال لظروف قاهرة.

 

كما تقدم الوزارة دعما معنويا يتمثل في تقديم برامج الإرشاد النفسي لتسهيل الاندماج بالمجتمع، ويتم مساعدتهم لتسهيل احتياجاتهم في التعليم الجامعي والتأهيل المهني، وتُقدم لهم قروضا لمشاريع صغيرة "وهذه متوفرة دوما"، إضافة لتأمين صحي يتوفر لجميع الأسرى المحررين لعام كامل ويستمر لبعض الأسرى المعوزين.

ولفت إلى أن الخلل يكمن في مدى فهم الأسرى لطبيعة احتياجاتهم نتيجة لفترات اعتقالهم، وحقوقهم بعد التحرر وكيفية الحصول عليها.

ضمانة القانون

ولا تنتهي قضية الأسرى بمجرد الإفراج عنهم كما تقول محامية مؤسسة الضمير لرعاية حقوق الأسرى سحر فرنسيس، فهناك حقوق مضمونة ومكفولة كإعادة التأهيل وتوفير التعليم والرعاية الصحية، لكن كل ذلك مرهون بالقدرات الاقتصادية للوزارات المختصة، معترفة بوجود نقص بذلك فعلا.

ورأت فرنسيس أن المسؤولية لا تتحملها وزارة الأسرى وحدها، وأن الخلل يكمن في عدم وجود مؤسسات أهلية ترعى الأسرى المحررين، "فمعظمها يهتم بالجوانب الحقوقية والقانونية للأسير ويتابع حالته وهو معتقل".

وقالت إن القانون ضمن حقوق الأسرى وجرت تعديلات عليه مؤخرا من ناحية الرواتب، "فمن يعتقل لخمس سنوات أو أكثر يتلقى راتبا مدى الحياة".