خبر بوسي كركل -هآرتس

الساعة 04:11 م|27 سبتمبر 2012

ترجمة خاصة

بوسي كركل -هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: تأثر المجتمع الاسرائيلي ووسائل الاعلام تأثرا شديدا لأن جندية اسرائيلية قتلت "مخربا" ولا يعني هذا ان المرأة الاسرائيلية أصبحت قريبة من مساواة حقوقها بحقوق الرجل - المصدر).

قتل جندي اسرائيلي مخربا. هذا أمر عادي تقريبا. وقتلت جندية مخربا – فخرجت اسرائيل عن طورها من شدة التحمس لبطلة اللحظة العريفة ش. من كتيبة كركل. عند الروس بوسي ريوت، وعندنا بوسي كركل القطة، أو لنقل كركل الذي هو مفترس من عائلة القطط على صفيح ساخن.

ان صورتها وهي تقف مُفرجة بين قدميها فوق غطاء محرك سيارة جيب، في وضع قتالي سخيف، مسلحة من أخمص قدمها الى أعلى رأسها، وبندقيتها القوية "تبور" مسددة الى أعلى، زينت الصفحات الاولى. ولم يمكن هذه الصورة ألا تُذكرنا بصفحات كراسات ستالغ المريضة في حداثتنا. "انقضضت وفكرت في والديّ"، صاحت العناوين الصحفية الرئيسة تؤجج غرائز مختلفة عجيبة، وما كان ينقص ش. سوى القليل لتذكر جدها وجدتها وربما جدها الأعلى من المحرقة.

من الجيد ان قُتل المخرب. وقد عملت ش. بصورة جيدة ومنعت قتلا أكثر على حدود مصر. ويبدو أنها بطلة وإن كان تحقيق الجيش الاسرائيلي لم يستكمل بعد، لكن المسافة طويلة من هنا الى هذه النشوة المريضة. وقد نشرت الايماءات بصورة جيدة، فليس جندي رجل هو الذي قتل المخرب بل هي فتاة شابة غامضة الصورة – فقد طُمس على وجهها لكن الصورة أظهرت شيئا من جسمها الرشيق في الملابس العسكرية، في صورة حرب واغراء جنسي. فهي رامبو في جسم امرأة من انتاج اسرائيلي، والفيلم قادم.

بعد الجنديات اللاتي قتلن في جوي ستيك، وخُصصت لهن تقارير صحفية ساجدة، أصبح عندنا الآن الشيء الحقيقي وهو جندية تقتل ببندقية. ان اسرائيل التي أثارت حماسة العالم في بدء طريقها بسبب المساواة بين النساء والرجال التي كانت آنذاك أكثر حقيقية شيئا ما، والطلائعيات والطلائعيين والمقاتلات والمقاتلين – تفعل هذا مرة اخرى.

لكن اسم اللعبة لم يتغير وهو الرجولية الذكورية المسلحة والعنيفة والشوفينية وإن كانوا يدعون للنساء في كتيبة من كتائب الجيش الاسرائيلي ان يلعبن فيها شيئا ما. تنكرت ش. بلباس رجل، فهي تلبس ملابسه وتنتعل حذاءه وتُمسك ببندقيته وتقتل مثله، ولهذا فانها بطلة. أتعلمون ما قاله مُجلو غولدا مئير؟ قالوا انها "الرجل الوحيد في الحكومة".

ان الطريق الى المساواة بين الجنسين ما تزال طويلة ومؤلمة، فالظلم ما يزال في ذروته، لكن عندنا ش. من كركل وهي برهان ناصع على المساواة المتوهمة. لن يُحرز هذا في ميادين القتل، فالطريق الى المساواة لا تمر من ماسورة البندقية وقتل المخربين لأن التأثر بـ ش. ايضا ينبع كله من غرائز رجولية. ان مجتمعا رجوليا جدا مع فروق أجور مغضبة جدا بين النساء والرجال وكل أوامره رجولية وكل متخذي القرارات المصيرية فيه تقريبا رجال، لن يشفى ولن يصبح أكثر عدلا ومساواة لأن ش. قتلت مخربا.

لكن ش. لم تكن وحدها في المعركة. فبعد تحولها الى بطلة بيوم ظهرت في سماء حياتنا ايضا رفيقتها الجندية المجهولة التي اندفعت الى المعركة واختبأت. وذكرّتنا الانتقادات التي وجهت اليها بأن الحديث في نهاية الامر عن امرأة وإن يكن ذلك بالايماء.

لم تكن هذه المقاتلة رجلا رجلا. فحينما نشب القتال كانت تهاتف أمها، ويا لنسوية ذلك، واختبأت وراء اطارات سيارة الهامر ويا لعدم رجولية ذلك. لكن هذه الجندية منعت باختبائها كما يبدو قتلها أو اختطافها. تخيلوا فقط ماذا كان سيحدث لو اختطفت، فلربما كانت تنشب حرب قاتلة اخرى من اجل اعادتها. واضطر والداها الى الخروج لمعركة عامة لتطهير اسم ابنتهما وهما يُفصلان كل واحدة من خطواتها التكتيكية وكتبت هي نفسها رسالة متأثرة في صفحتها في الشبكة الاجتماعية. ربما كانت هي ايضا بطلة اليوم وأشك كثيرا في ان يتم الاعتراف بها أنها كذلك. بعد يوم أو يومين سيفتر الاحتفال ويتابع الجنود الرجال كونهم يقتلون ويُقتلون وبين الفينة والاخرى ستفعل ذلك جندية ايضا مع صوت هتاف الجمهور. أما المساواة فستوجد بعيدا عن ميادين القتل هذه.