خبر « بين حانا ومانا ».. بقلم :بركات شلاتوة

الساعة 10:46 ص|22 سبتمبر 2012

"بين حانا ومانا".. بقلم :بركات شلاتوة

يواجه الأسرى الفلسطينيون حملة قمع صهيونية ممنهجة تحاول النيل من عزيمتهم وإحباطهم عن أي تحرك يرمي إلى إبراز قضيتهم على طريق كسر قيدهم وتحريرهم، فيما ينتابهم شعور بالحسرة بعد أن تعرض المحررون منهم لظلم ذوي القربى، حيث يُلقى بهم في سجون السلطة الفلسطينية، لا لشيء إلا للمناكفة السياسية بين شطري الوطن الجريح . فحملة الاعتقالات الأخيرة للسلطة في الضفة الغربية، استهدفت، بتأكيد مؤسسات حقوقية، أكثر من 100 شخص أغلبيتهم طلبة جامعات ومحاضرون تحرروا من سجون الاحتلال، الأمر الذي يجعلهم كما يقول المثل العربي “بين حانا ومانا” .

لم يكن هذا المشهد ليتم لولا تصاعد الخلاف بين حركتي “فتح” و”حماس” في الضفة وغزة، فالأمر لا يخرج عن هذا السياق الذي مافتئت الأجهزة الأمنية في جناحي الوطن على انتهاجه في ما يشبه سياسة عض الأصابع، بعد أن أشْبِع الشعب الفلسطيني وعوداً بإنهاء الانقسام وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين لدى الطرفين، اللذين  كانا ينفيان جملة وتفصيلاً وجود أي معتقل لديهما . وإثر تصاعد التراشق الإعلامي بين الطرفين، فقد الشارع الفلسطيني أمله في إمكان إغلاق هذا الملف، ولا سيما في ظل تصريحات ووعود تقابلها أفعال تنافي الواقع، وتثبت أن كلاً منهما ذاهب إلى الاستئثار بما وصلت إليه يداه من سلطة لم تحمل نصيبها من اسمها ومساحة جغرافية لا تتجاوز رقعة الشطرنج .

هذه المشاهد والأخبار تبث الإحباط في الشارع الفلسطيني أولاً، وفي أوساط الأسرى لدى الاحتلال الذين يحبسون أنفاسهم خوفاً من أن يكون الآتي أعظم، إذ إن ما يجري داخلياً يثير شكوكهم بوجود جهود من جانب السلطة للعمل على إطلاق سراحهم، إذ كيف يستقيم الحديث عن جهود من أجل تبييض المعتقلات الصهيونية كأولوية، في حين يزج بالأسرى المحررين في السجون الفلسطينية .

هذه الحملة تكمل ما قام به الاحتلال من إعادة الزج في السجون بالعديد من الأسرى المحررين في صفقة التبادل الأخيرة، بتلفيق تهم لهم، فبعضهم اعتقل ليكمل محكوميته الأولى، وآخرون حوكموا مجدداً بفترة تماثل تلك التي تبقت لهم قبل تحريرهم، وبعضهم الآخر سجن إدارياً من دون تهم أو محاكمة .

كل ذلك يأتي في ظل صمت مطبق من المجتمع الدولي، ومن القاهرة التي رعت الاتفاق وائتُمِنَتْ على تطبيق بنوده، كما أن القيادة الفلسطينية لم تقم بدورها في هذا الجانب برسائل احتجاج إلى الكيان أو المجتمع الدولي أو الوسيط المصري، لحثهم على التدخل، خاصة أن الانتهاكات “الإسرائيلية” للاتفاق تتم بالتزامن مع إضراب مزمن عن الطعام يخوضه عدد من الأسرى، وإجراءات تصعيدية ممن اعتقلوا قبل توقيع “أوسلو”، وفي ظل حالة غليان تشهدها المعتقلات كافة .

من هنا فإن “فتح” و”حماس” مطالبتان بالتنازل عن بعض امتيازاتهما، والانحياز إلى القضية بإنهاء انقسامهما وإعادة توحيد الوطن، لأن غير ذلك يثبت أن فلسطين والقضية مجرد شعار يتاجران به وفقاً لمصالحهما الضيقة .

السلطة أيضاً مطالبة بأن تتوقف عن شخصنة الصراع والتوقف عن استهداف الأبرياء الذين يبحثون عن إتمام ما تبقى من حياتهم في كنف أسرهم وأهلهم . وعلى “حماس” أن تتنازل عن مكاسبها وامتيازاتها التي انتزعتها في غزة، وإذا كانت تدّعي الحرص على الشعب والقضية، عليها أن تتصرف بمقتضيات ذلك لا أن تكرس الانفصال وتفتيت الوطن .