خبر طبول الحرب..بقلم : أمجد عرار

الساعة 10:38 ص|22 سبتمبر 2012

طبول الحرب..بقلم : أمجد عرار

 

التدريبات العسكرية المفاجئة التي أجراها الجيش “الإسرائيلي” في هضبة الجولان المحتلة لا يمكن أن تكون ذات طبيعة روتينية . ففي منطقة ملتهبة تعلن الدول عادة عن مناوراتها بشكل مسبق تجنّباً لأي سوء فهم أو خطأ يتحول إلى مواجهة . وعندما نتابع ما يصدر عن قادة “إسرائيل” من تصريحات تقرع طبول الحرب، وما يجري فيها من نقاشات سياسية وإعلامية وما تعقده من مؤتمرات ذات طبيعة استراتيجية، يجعل من أي إجراء عسكري على ارتباط وثيق بهذه الأجواء . “إسرائيل” عوّدتنا إشعال الحروب من دون أن تسبقها أجواء متوتّرة، أو من دون ذرائع تستحق حرائق كالتي أشعلتها، كما حصل ضد لبنان في 2006 وغزة 2008 - ،2009 ففي الحالتين لم تكن الذريعة توحي بالحربين اللتين أشعلتهما وما نجم عنهما من مآس على اللبنانيين والفلسطينيين، وكذلك على “الإسرائيليين”، وبخاصة من جراء عدوانها على لبنان .

المناورات الأخيرة أجريت على إيقاع تهديدات “إسرائيلية” متتالية، تارة بمهاجمة إيران مع أو من دون تنسيق مع الولايات المتحدة، وتارة بتدمير غزة ولبنان، وتارة أخرى بمهاجمة سوريا في حال “تم نقل أسلحة كيماوية إلى حزب الله أو تنظيمات أخرى” . هذه التهديدات جدية وحقيقية تضع المنطقة كلها على فوهة بركان يمكن أن ينفجر في أية لحظة . فمفاوضات “5+1” مع إيران بشأن برنامجها النووي تراوح مكانها ولا تنبئ بأية آفاق تخرجها من عنق الزجاجة، في حين أن “إسرائيل” ترفض المشاركة في مؤتمر مزمع في فيينا للبحث في مقترح عربي بإنشاء شرق أوسط خال من الأسلحة النووية . الذريعة بالنسبة إلى لبنان وغزة في عهدة “إسرائيل”، فهي بإمكانها أن تستغل أي حادث مهما يكن صغيراً في شن عدوان مبيت أصلاً، فهي عندما اجتاحت لبنان العام 1982 استغلت حادثة إطلاق نار على سفيرها في لندن، ولم يكن مقنعاً أن حرباً بذلك الحجم يمكن أن تكون “إسرائيل” اتخذت القرار بشأنها وأجرت الاستعدادات العسكرية لها في غضون فترة قصيرة . وعندما شنت العدوان ثانية في يوليو/تموز 2006 استغلت عملية أسر جنديين، علماً أن إيهود أولمرت اعترف للجنة فينوغراد بأن الحرب كان مخططاً لها من قبل . أما بالنسبة إلى نقل الأسلحة الكيماوية، فإن “إسرائيل” تمنح نفسها في أية لحظة، الادعاء بأنّ شيئاً من هذا القبيل قد حصل، ومادامت تعدّ ادعاءاتها بمرتبة المنزّلة وغير القابلة للنقاش، فإنها تستطيع في أية لحظة سوق هذا الإدعاء وشن العدوان على سوريا أو لبنان أو كليهما .

لا نعلم كيف سينتهي الجدل بين المستوى العسكري الصهيوني الرافض للحرب بالنظر إلى حسابات الجدوى والكلفة، والمستوى السياسي المتبني لها بالنظر إلى الحسابات الحزبية والانتخابية . لكن في مطلق الأحوال دائماً كان النزوع إلى الحرب هو الغالب في “إسرائيل”، رغم أن قيادتها السياسية في الفترة الأخيرة تغيب عنها الخبرة العسكرية، بعد اختفاء جيل الجنرالات والعسكريين من طينة إسحاق رابين وأرئيل شارون وموشي أرينز” .

قيادة كهذه، قد لا تستمع لرأي خبرائها العسكريين، وقد لا تعيد قراءة تقرير فينوغراد عن الهزيمة في لبنان، وبالتأكيد لن تعتبر حتى من الوثائق الأخيرة التي تؤكد الإخفاقات العسكرية والاستخبارية في حرب أكتوبر/تشرين الثاني ،1973 وبالتالي يمكن أن ترتكب حماقة العدوان على أي جبهة وفي أية لحظة . وهي في هذا الجموح المنفلت لا ترى ممّا يسمى المجتمع الدولي سوى الربت على كتفيها، ولا ترى في العالم العربي والإسلامي سوى الاستكانة والخنوع والانقسامات . فهل نصحو ذات يوم على هدير الطائرات وانفجارات الصواريخ، ونحن منشغلون بالانقسامات والمناكفات الطائفية والمذهبية البائسة والمشبوهة بامتياز؟