خبر العنصر الثالث.. هآرتس

الساعة 09:19 ص|21 سبتمبر 2012

بقلم: آفي يسسخروف

(المضمون: هكذا يجد نفسه نصر الله، الذي حاول في العشرين سنة الاخيرة اضفاء صورة لبنانية مستقلة على منظمته، مطوقا من جانب ايران. مع 50 ألف صاروخ جاهزة للاطلاق، نصر الله هو الذي سيقرر كيف ستبدو المواجهة بين اسرائيل وايران - المصدر).

يوم الاثنين الماضي شذ الامين العام لحزب الله حسن نصر الله عن عادته وظهر في المهرجان الجماهيري الاحتجاجي في بيروت، ضد الفيلم الذي سخر من النبي محمد وأثار عاصفة في العالم. الاقوال التي ألقاها أمام الجمهور لم تكن مفاجئة على نحو خاص: فقد اتهم اسرائيل والولايات المتحدة بالمسؤولية عن نشر الفيلم، وحذر الامريكيين من ان المظاهرات ضدهم ستستمر بقوة أكبر اذا لم يعملوا ضده.

"على العالم ان يعرف ان غضبنا لن يهدأ، وان هذه مجرد بداية الاحتجاج العالمي لكل الشعوب الاسلامية، التي ستواصل الدفاع عن اسم محمد"، قال نصر الله للجماهير التي سارت في الضاحية الجنوبية من بيروت، والتي تخضع لسيطرة حزب الله. "عليهم ان يفهموا بأننا مستعدون لأن نضحي بدمائنا   من اجل محمد".

بطريقة رمزية ما، اختار الامين العام لحزب الله التظاهر باستعداده للتضحية بنفسه من اجل النبي بمجرد ظهوره الحي في المهرجان الجماهيري. ففي السنوات الاخيرة امتنع عن الظهور على الملأ خوفا من اغتياله. وبقدر ما، ما ان قرر عقد مظاهرة الاحتجاج هذه وطرح "التزامه بالنبي"، لم يتبق لنصر الله غير ان يخرج من القبو. وهو يعرف بأنه اذا قال أمورا كهذه وهو في مخبئه، فسيكون موضع سخرية من منتقديه في لبنان.

هذه هي احدى المشاكل الكبرى التي يتعين على نصر الله ان يتصدى لها في السنة القريبة القادمة: حملة نزع الشرعية التي شهدها حزب الله في لبنان، لأول مرة منذ تسلمه مهام منصبه في العام 1992.

لقد بدأ نصر الله يؤدي منصبه كأمين عام حين كان ابن 32. الزعيم الأعلى لايران، علي خامنئي، فضله على مرشحين آخرين في حزب الله، كخليفة لعباس موسوي الذي صفته اسرائيل. ولكن في الاسابيع الاخيرة واجه امين عام المنظمة الشيعية انتقادا لم يسبق ان وجه له حتى الآن في لبنان، يُشكك بمكانة المنظمة السياسية ورئيسها.

لقد أصبح حزب الله منذ العام 1992 عنصر القوة المركزي والأكثر أهمية في الدولة. فقد نجح نصر الله في ان يجعل المنظمة برئاسته جزءا لا يتجزأ من مؤسسات الدولة، وليس مجرد منظمة تمثل الطائفة المستضعفة – الشيعة. وتوجد المنظمة الشيعية اليوم في البرلمان وفي الحكومة، تسيطر على التعيينات الأساسية في الجيش وتقرر هوية رئيس الوزراء.

مشكلة نصر الله هي ان الحليف والسيد الثاني في أهميته لحزب الله، الرئيس الاسد، كفيل بأن يفقد حكمه قريبا. آثار الثورة في سوريا وإن كانت غير واضحة بعد، إلا أنه يبدو منذ الآن ان الخوف اللبناني من سوريا ومن حزب الله قل. يحتمل ان يختفي بعد سقوط الاسد.

المؤشرات على ذلك تبدو واضحة في لبنان منذ هذه الايام: معسكر 14 آذار مثلا يحث كل المحافل السياسية في الدولة على طلب نزع سلاح حزب الله. كما يسعى 14 آذار في نفس الوقت الى العمل لدى الرئيس ميشيل سليمان كي يتوجه الى مجلس الامن في الامم المتحدة بطلب ارسال قوات حفظ سلام الى الحدود الشرقية والشمالية من لبنان لاغلاقها. وسيكون لمثل هذه المبادرة تأثير دراماتيكي على حزب الله، الذي يتلقى معظم وسائله القتالية عبر هذه الحدود.

مشاكل نصر الله لا ترتبط كلها بنظام الاسد. فالامين العام لحزب الله تُعد هذه سنة حرجة وذلك ايضا بسبب تعلقه بايران وبزعيمها خامنئي. وسارع مسؤولون ايرانيون كبار الى التطوع بحزب الله للحرب ضد اسرائيل، اذا ما تعرضت ايران للهجوم، وشددوا على ان المنظمة الشيعية ستطلق نحوها صواريخها. وفي نفس الوقت اعترف قائد الحرس الثوري في ايران، محمد علي الجعفري، بأن رجال جيش القدس يعملون على الاراضي اللبنانية. هكذا يجد نفسه نصر الله، الذي حاول في العشرين سنة الاخيرة اضفاء صورة لبنانية مستقلة على منظمته، مطوقا من جانب ايران. مع 50 ألف صاروخ جاهزة للاطلاق، نصر الله هو الذي سيقرر كيف ستبدو المواجهة بين اسرائيل وايران.

صحيح ان هجوم اسرائيلي قد يوقع خرابا على حزب الله وزعيمه، ولكن بعد الامور الواضحة التي تنطلق من ايران وفي ضوء تعلقه الاقتصادي المطلق بطهران، لن يكون لنصر الله مفر، فهو سيضطر الى مهاجمة اسرائيل اذا ما هاجمت هذه ايران، الخطوة التي ستعرض للخطر مجرد وجود المنظمة وتجر لبنان الى حرب قاسية وطويلة قد تدفعه الى الانهيار.

في هذه الاثناء يبدو واضحا ان الضغط على نصر الله يفعل فعله: فهو يُكثر من الخطابة، الظهور، التهديد، الاختفاء – وكله كي يؤكد أهميته كـ "حامٍ للدولة" للجمهور اللبناني (غير الشيعي) الذي بات منذ زمن بعيد يرى فيه مبعوثا لايران. وستكون خطابات اخرى كهذه في الفترة القريبة القادمة، وسيخرج نصر الله فيها "للدفاع عن النبي محمد" أو "لحماية لبنان"، فقط كي يبرر وجود المنظمة. ولكن في المدى البعيد ستزداد العدائية اللفظية لمعارضي المنظمة وقد تؤدي الى مواجهة مسلحة مع قوات من السنة المتطرفين.

في الماضي، أحد حلول نصر الله لمصاعبه داخل لبنان كان خلق توتر مع اسرائيل، بخطابات حماسية أو بعمليات عسكرية (مثل اختطاف الجنديين اهود غولد فاسر والداد ريغف في تموز 2006).

هذه السنة ايضا قد يحاول نصر الله، مع أو بدون صلة بايران، توجيه العداء العام الموجه لمنظمته في لبنان نحو "الكيان الصهيوني". وسيكون نصر الله الرجل الذي يقرر هذه السنة ايضا مصير لبنان – نحو الحرب أم نحو الهدوء.