خبر رومني في جانب واليهود في آخر.. يديعوت

الساعة 09:15 ص|21 سبتمبر 2012

 

بقلم: ناحوم برنياع

(المضمون: يشعر يهود كثيرون في الولايات المتحدة شعورا حارا نحو اسرائيل لكنهم غير راضين عن سياسة نتنياهو وحكومته - المصدر).

التقطت لمرشح الحزب الجمهوري للرئاسة ميت رومني صورة بالسر في لقاء مع متبرعين في فلوريدا في شهر أيار. وقد أُضيع الشريط المسجل هذا الاسبوع بواسطة المجلة اليسارية "مذر جونز"، وقد تناولت الجملة البائسة التي تلفظ بها 47 في المائة من الناخبين من اولئك الذين قد استقرت آراؤهم على التصويت لاوباما. وقد صورهم رومني على أنهم طُفيليون يعيشون على حساب الدولة وبهذا تعدى القاعدة الاولى في السياسة الانتخابية وهي أنك تستطيع ان تكذب على الناخبين وأن تحرضهم وأن تعدهم وعودا كاذبة، لكن لا يجوز لك ان تمس بكرامتهم. ولم يبق لرومني المسكين سوى ان يجري من مؤتمر الى مؤتمر ويعوج ويُسوغ ويتصبب عرقا، وما يزال يحتمل ان يفوز لكن ذهبت اللذة كلها.

اشتمل الشريط المسجل على عدد من الملاحظات في القضية الاسرائيلية الفلسطينية فهذا هو الامر المطلوب حينما يتم اللقاء مع متبرعين في فلوريدا. قدّر رومني انه لا احتمال لاتفاق – وهو تقدير معقول حينما يصدر عن محلل سياسي وهو محرج حينما يُقال في حملة انتخابية. وقد حاول ان يؤثر بوصف خريطة المنطقة ومع الكلام أوجد حدودا مشتركة بين سوريا والسلطة الفلسطينية وحول تل ابيب الى مدينة حدود على مبعدة عشرة كيلومترات عن الحدود. وقد برهن على جهل أكثر مما برهن على ولاء للمتبرعين الأثرياء المشتركين بينه وبين نتنياهو.

سألت ديفيد رمنيك، محرر الصحيفة الاسبوعية "نيويوركر" – ماذا ستكون سياسة رومني الخارجية اذا انتُخب؟.

كتب رمنيك ابن الرابعة والخمسين الذي فاز بجائزة بوليتسر سيرا ذاتية آسرة عن محمد علي وعن براك اوباما، ويحتفظ محبو الرياضة بتقريره الصحفي عن عودة نجم كرة السلة مايكل جوردان وهو قدوة للكتابة الصحفية. وهو يُكثر الاشتغال باسرائيل في مقالاته في "نيويوركر"، وقد نشرت واحدة منها وهي لاذعة بصورة خاصة في موقع الصحيفة الاسبوعية على الانترنت قبل عشرة أيام واتهم نتنياهو فيها بالتدخل في المعركة الانتخابية في الولايات المتحدة.

انه لبرالي أو ما يُسمى في اسرائيل مركز – يسار. وهو مثل يهود امريكيين كثيرين يحب اسرائيل أكثر مما يحب سياسة حكومتها.

قال رمنيك: "ان الشيء الواضح جدا بالنسبة لرومني انه لم يخصص قط زمنا للشؤون الخارجية، فقد اشتغل طول حياته بالشؤون الداخلية. وقضى أكثر حياته المهنية في عالم الاعمال. وكانت تجربته السياسية حينما كان حاكما لولاية ماساتشيسيتس. ويلتقي حاكم ولاية نيويورك قادة اجانب بين الفينة والاخرى ولا يحدث هذا في ماساتشيسيتس.

"انه يكشف عن جهله في الشؤون الخارجية طول الوقت. وكانت رحلته الى بريطانيا واسرائيل بمنزلة أداء واجب، وقد أثار الانتباه في امريكا بسبب زلات اللسان فقط.

"لا أعتقد ان لرومني فهما ما في مشكلات الشرق الاوسط – لا بمعنى السياسة ولا بمعنى الثقافة".

يعرض رومني نفسه على أنه صديق نتنياهو القديم، قلت.

قال رمنيك: "أعتقد ان هذا الامر مبالغ فيه جدا. فقد عملا قبل عشرات السنين في نفس الشركة في بوسطن، لا غير. ونتنياهو جزء من القسم اليميني من المحافظة الامريكية وهذا هو تصوره العام. وجاء رومني من المركز. وقد كان أكبر انجاز لرومني حينما كان حاكما تطبيق التأمين الصحي في ولايته. وهو الآن يهرب من هذا الانجاز ناجيا بنفسه. ولم يتبين أنه سياسي ناجح بصورة مميزة ايضا. ومن حسن حظه ان المرشحين الذين نافسوه في الترشح الجمهوري كانوا على حد الغموض. وقد استمد عدد منهم رسائلهم من الله مباشرة، فلم يكن من الصعب كثيرا الفوز في هذه الظروف".

قلت: اذا كان رومني قد جاء الى المنافسة بلا تصور عام حقيقي فربما يوجد في ذلك وعد بتغيير. فقد جاء لندون جونسون من الجنوب العنصري وأحدث الثورة الكبيرة بتقديمه حقوق المواطن الى الأمام.

قال رمنيك: "ان حالة جونسون مركبة، أما قصة رومني فأكثر بساطة".

سألته: هل المواجهة بين نتنياهو واوباما تُفرق الجماعة اليهودية.

قال: "الجمهور اليهودي في امريكا بعيد عن ان يكون ذا لون واحد. حينما يفكر بيبي في الجماعة اليهودية فانه يفكر في يهود أثرياء ومحافظين ومتقدمين في السن من اولئك الذين يتناولون وجبات الافطار في أغلى الاماكن في نيويورك".

قلت: فندق "ريجنسي" مثلا، وهو الفندق الذي يحبه رؤساء حكومات اسرائيل. في أيام الاحد يمتليء مطعم الفندق بيهود أثرياء، يشتهون بيض – بنديكت مع ليكس والبيغلة في الصباح.

قال رمنيك: "هذا مثال ممتاز. لكن أكثر اليهود ليسوا كذلك.

"سيحصل اوباما في نهاية الامر على 70 في المائة من اصوات اليهود، وليس لهذا أي علاقة تقريبا باسرائيل. ما يزال عند يهود كثيرين شعور حار نحو اسرائيل، لكنهم يصوتون كما يصوتون لاسباب اخرى.

"عند يهود كثيرين انتقاد على سياسة نتنياهو، فهي تغضبهم وتُبعدهم عن اسرائيل".

قلت: لكن لماذا، ان الذرة الايرانية تقيم مشكلة حقيقية. أفلا يخشى اليهود الامريكيون على مصير اخوتهم في اسرائيل؟ ألا تخشى أنتَ؟.

قال: "أنا أتناول موضوع ايران بجدية كبيرة. وأنا أعتقد مع ذلك أن أكبر تهديد لوجود اسرائيل هو تأخير علاج الشأن الفلسطيني. هذه أزمان صعبة. والمسارات التي بدأت في الربيع العربي لا يمكن التنبؤ بها وتكمن فيها أخطار. وأشك في أنه يمكن ضمان ان يستطيع نظام الحكم في العربية السعودية مثلا الثبات.

"ان طريقة علاج القيادة الاسرائيلية لهذا الوضع عجيبة. ولا أرى كيف تأتي اسرائيل بفائدة".

ساد صمت قصير ثم قال رمنيك: "أتعلم ما هو العجيب حقا؟ النقص في السياسة في اسرائيل. ان الجميع يُسلمون للوضع القائم ولا ينافس أحد سوى نتنياهو في رئاسة الوزراء، وهذا عجيب جدا في رأيي".

أردت ان أقول له انها الأعياد وسيتغير كل شيء بعد الأعياد وستنقضي غفوة الصيف ويكون جدل وتكون منافسة، فالمنافسة في نفوسنا. اعتاد شارون ان يقول انه في كل مرة يفكر فيها بالاعتزال يرى الصف الطويل من اولئك الذين يطلبون وراثته فتهدأ نفسه. ماذا سيكون من شأن بيبي (نا) اذا لم يوجد من ورائه صف انتظار يراقبه؟.

قلت لرمنيك: كتابة جيدة. وحددنا ان نتناول الطعام في نيويورك في واحد من الاماكن الاخرى.

إظهار قوة

وُضعت في المكتب الاسرائيلي للقوة المتعددة الجنسيات خريطة ملونة لشبه جزيرة سيناء مقسمة بحسب مناطق تأثير القبائل البدوية. يسكن في سيناء بين 350 ألفا الى 400 ألف بدوي، وقبيلة الطرابين هي القبيلة الأبرز وهي تسكن في شمال شبه الجزيرة وفي الغرب والجنوب ايضا على طول ساحل خليج سليمان.

وُلدت القوة المتعددة الجنسيات من اتفاق السلام بين اسرائيل ومصر. لم يشأ الاتحاد السوفييتي الذي كان متورطا في الحرب في افغانستان مع متطرفين اسلاميين دعمتهم الولايات المتحدة، ان يعطي الامريكيين هدايا، وهدد باستعمال النقض لقرار انشاء قوة الامم المتحدة في سيناء. وأُنشئت قوة خاصة للالتفاف على الامم المتحدة.

تشارك في القوة الولايات المتحدة وكندا وكولومبيا واورغواي وفيجي واستراليا ونيوزلندة الجديدة وايطاليا وهنغاريا وجمهورية التشيك والنرويج وفرنسا. وتدفع امريكا واسرائيل ومصر الحساب. في تشرين الاول ستحتفل القوة بمرور ثلاثين سنة على انشائها وسيكون ذلك احتفالا مركبا لأن قادة القوة من جهة على ثقة بأنها حيوية الآن أكثر مما كانت دائما؛ ومن جهة ثانية هناك شك في ان تستطيع البقاء زمنا طويلا، فهي تواجه مصر مختلفة وسيناء مختلفة. للقوة 27 موقعا على طول حدود مصر مع اسرائيل و1660 جنديا. وهم يقومون بدوريات في سائر أجزاء سيناء الى قناة السويس. وهم يراقبون الفوضى حولهم ويعجزون عن التخليص.

في الاسبوع الماضي هاجم بضع عشرات من البدو القاعدة الشمالية للقوة التي تمكث في المكان الذي كان فيه المطار العسكري "ايتام" حتى انسحاب الجيش الاسرائيلي، وتم احتلال برج مراقبة. وجُرح جنديان من كولومبيا جرحا طفيفا بشظايا قنبلة يدوية. وما أُبلغ في البدء انه معركة من اجل الحياة والموت سقط فيها ثلاثة قتلى على الأقل انتهى الى ان يكون بضع رشقات رصاص في الهواء، ومنذ ذلك الحين تحيط بالقاعدة صبح مساء مركبات مدرعة للجيش المصري.

ان سلطة القوة هي ان تراقب تجريد سيناء من السلاح وتسهيل الاتصالات بين الجيش الاسرائيلي والجيش المصري. وليست لها سلطة تطبيق القانون والنظام في داخل سيناء؛ وليست لها سلطة الحديث الى السكان البدو إلا بواسطة ضباط مصريين؛ وليست لها سلطة وقف اعمال التهريب الى اسرائيل وقطاع غزة بل تستطيع فقط ان تتابع وتُبلغ.

خلص قادة القوة قبل سنين الى استنتاج أنه تجري في سيناء اعمال تعرض مصر واسرائيل معا للخطر، فألحوا على الجيش الاسرائيلي ان ينشيء جدارا على طول الحدود، ولم تبادر اسرائيل الى ذلك لأنه كانت عندها تفضيلات اخرى.

عملية سيناء

أكثروا في المظاهرات في ميدان التحرير الحديثة اعتراضا على اتفاق السلام وعلى التزويد بالغاز وعلى التزامات مصر الاخرى لاسرائيل ومنها نزع السلاح من سيناء، ولم يتحدثوا عن القوة المتعددة الجنسيات لأن وجودها قد يكون غاب عن أعينهم: فقد كانت النظرة لسيناء في مصر دائما متوترة، فهم يتحدثون عنها في الخطب باعتبارها ارضا مصرية، لكنهم ينظرون الى سكانها نظرهم الى غرباء.

ان السكان البدو عالقون لحكومات مصر كعظم في الحنجرة. لا يوجد تطوير ولا خدمات، وفي عهد مبارك خصص الامريكيون مالا لمساعدة البدو. وكان مبارك مستعدا لأخذ المال لكنه لم يكن مستعدا لانفاقه في سيناء. ولا يُستعمل البدو في الحكومة ولا في الفنادق على طول الخليج، فعمال الفنادق يأتون من مصر.

ان الفرع الذي يقوم عليه الاقتصاد البدوي هو التهريب. وتُقدر حكومات غربية حجم سوق التهريب بشيء بين 300 مليون دولار الى 500 مليون دولار كل سنة. وتتجاوز هذه الصناعة حدود القبائل والحمولات. وهي تتعدى التقاليد في داخل العائلات. ويتحدث دبلوماسي غربي عن سائح لقي فتى بدويا في السابعة عشرة من عمره. وأراد الفتى ان يُريه الشيء الجديد الذي اشتراه وهو سيارة تندر فخمة وعليها رشاش. قال الدبلوماسي: "لم يكن والد هذا الفتى يستطيع ان يحلم بأن يتوصل في يوم ما الى سيارة تخصه. يسهل ان نُخمن ماذا يعتقد هذا الفتى في سلطة أبيه".

وصل المال الذي تجمعه صناعة التهريب الى الجنود والمواطنين المصريين الذين كان يفترض ان يهتموا بالقانون والنظام. وقد ملأ الفراغ السلفيون والقاعدة والجهاد العالمي وحزب الله وايران.

يرجو النظام الجديد في مصر اعادة البناء الاقتصادي، فالاقتصاد المصري مهدوم. حينما التقى وزير الدفاع الامريكي ليون بانيتا مع الرئيس مرسي في القاهرة في زيارته الاخيرة هناك سأله ما هي أهم ثلاثة اشياء لحكومته فأجاب مرسي: "الاقتصاد ثم الاقتصاد ثم الاقتصاد".

والاستقرار. ان القوة المتعددة الجنسيات ترمز الى استقرار ولهذا يمتنع النظام الجديد في مصر من الاعتراض على وجودها. والاتصالات بالقوة المتعددة الجنسيات كالاتصالات مع اسرائيل تمر بمصفاة الجيش. وهكذا يستطيع الاخوان المسلمون الاحتفاظ بكراهيتهم لاسرائيل والغرب والاجانب وان يتعاونوا في نفس الوقت. والاتصالات بين الثلاثة، الجيش الاسرائيلي وجيش مصر والقوة المتعددة الجنسيات، أجدى مما كانت دائما، وهناك من يقولون انه لم تكن قط علاقات ثقة كهذه.

يُثني دبلوماسيون اجانب على علاج اسرائيل للازمة في سيناء. وقد فهموا في القيادة العليا لجهاز الامن ان الجيش المصري يريد ادخال دبابات الى سيناء لا لينكث اتفاق السلام بل ليُظهر قوة مقابل البدو، ووافقت اسرائيل. وفي اللحظة التي تم فيها فهم الرسالة أُعيدت الدبابات الى مصر.

لو كانت القوة في سيناء فرعا عن الامم المتحدة فلربما أفضت الحادثة العنيفة في القاعدة العسكرية الشمالية الى انطواء. فلا توجد دولة تهب لتعريض حياة جنودها للخطر خدمة للامم المتحدة، لكن للقوة المتعددة الجنسيات أربابا آخرين. ولم تطلب الى اليوم أي واحدة من الدول المشاركة اخراج جنودها، فهي ستبقى في سيناء ما بقيت مصر واسرائيل تريدان استمرار وجودها.

قانون وعدم نظام

بعد أقل من اسبوعين، في الثالث من تشرين الاول، ستنتهي مهلة الاشهر الثلاثة التي منحتها الكنيست بقانون خاص لمراقب الدولة السابق ميخا لندنشتراوس، وكانت المهلة ترمي الى تمكينه من انهاء العمل في تقرير قضية وثيقة هرباز. وكان القانون مريحا بسبعة أخطاء: فقد اعتمد على عدم فهم العمل الذي يقوم به المراقب، وعلى توقعات مبالغ فيها لساسة من التقرير، وعلى دعاوى باطلة لاعضاء كنيست. انه قانون فاضح غير دستوري.

أُرسلت المسودة الثانية الاخيرة من التقرير الى من تقع عليهم الرقابة في الاسبوع الماضي. وفي الرسالة المصاحبة التي أرسلها اليهم مكتب المراقب ورد أنهم يستطيعون الاعتراض على ما جاء في المسودة اذا كانت عندهم حقائق أو دعاوى جديدة فقط. وطلب محامو العقيد ايرز فينر، المساعد العسكري لرئيس هيئة الاركان اشكنازي، طلبوا الحصول على مواد، وقد لا يكونون وحدهم. فالنظر في المادة سينتج عنه يقينا تراسل بين المحامين والمراقب، بل قد تكون مساءلة. وستُمكّن معجزة فقط لندنشتراوس وعاملي المكتب من انهاء العمل في موعده. والتقدير الآن هو أنهم سيحتاجون الى اسبوع آخر على الأقل.

ماذا يفعلون؟ اذا تبنوا القانون حرفيا فيجب ان ينتقل ملف القضية الى المراقب الحالي القاضي يوسي شبيرا، وسيتوقف المسار كله في ظاهر الامر وينتقل للنظر فيه من جديد.

يجب اذا فضلوا العقل السديد البحث تحت الارض عن اختراع يُطيل حياة القانون بعد موته. كعيد العرش مثلا. فعيد العرش عيد مقدس ومكاتب الحكومة تخرج في عطلة مركزة. فيمكن استعمال العطلة مثل حبة دواء تُطيل الحياة؛ ويمكن في مقابلة ذلك تعيين لندنشتراوس عاملا متطوعا. فتحت هذا الاختراع يعمل في الاشهر الاخيرة رئيس اللواء الامني في المكتب الجنرال (احتياط) مندي أور. فليتطوع لندنشتراوس اسبوعا والقرار متروك للقاضي شبيرا. ان الكنيست قد وسخت وفُرضت عليه عقوبة ان يُنظف وراءه.

يقول مكتب مراقب الدولة في جواب عن اسئلتي: "من السابق لأوانه الآن في هذه المرحلة تقدير هل توجد حاجة الى مهلة اخرى. وتتضح الصورة في الايام القريبة".