خبر « رئيس الموساد زمير، سمع، وعاد الى النوم ».. اسرائيل اليوم

الساعة 09:14 ص|21 سبتمبر 2012

بقلم: ليلاخ شوفال

(المضمون: أرشيف الجيش يبين مرة اخرى كيف فوتت اسرائيل على نحو أخرق للغاية اخطارا باندلاع حرب اكتوبر كان نقله عميلهم المصري باصرار وتكرار - المصدر).

ليس سرا أنه سبق حرب يوم الغفران قصور استخباري خطير، ولكن في كل مرة يسمح فيها ارشيف الجيش الاسرائيلي ووزارة الدفاع بنشر مزيد من التفاصيل عن الحرب، لا يمكن للمرء الا يبقى مفغور الفاه في ضوء سلوك القيادة الاسرائيلية.

هكذا كان امس أيضا حين سُمح بنشر الشهادات التي أدلى بها الى لجنة اغرانات وزير الخارجية حينذاك، أبا ايبان، قائد المنطقة الجنوبية شموئيل غونين (غورديش)، قائد المنطقة الشمالية، اسحق حوفي، مساعد رئيس الموساد، ألفرد عيني والسكرتير العسكري لرئيسة الوزراء اسحق ليئور.

في الشهادات التي سُمح بنشرها أمس يبدو أن القصور الاكبر نشأ حول الاخطار المركز والمصداق عن قرب الحرب والذي نقله المرة تلو الاخرى عميل الموساد الكبير، أشرف مروان، ولكن بشكل مذهل سقط بمواظبة بين الكراسي.

أحد أعضاء اللجنة، يغئال يدين، واجه السكرتير العسكري لغولدا مائير ببرقية نقلها مروان الى الموساد في 1 اكتوبر وجاء فيها "بعد اسبوع سيفتح المصريون حربا من خلال مناورة". وأُشعلت لدى رجال الموساد أضواء حمراء فسألوا مرة اخرى: "انت تتحدث عن مناورة أم حرب؟" فيوضح مروان: "أنا أتحدث عن حرب ولا أتحدث عن مناورة. الحرب ستندلع تحت غطاء مناورة". في الموساد لم يكتفوا، وسألوا مرة اخرى وفي 2 اكتوبر كرر مروان قوله: "النية للهجوم".

مقتطفات، نسيان، تفويت فرصة
رغم لغة الاخطار وتكراره، اعترف رئيس الموساد بأن الوثيقة لم ترسل الى رئيسة الورزاء مائير. والسبب: الاعتماد على رجال شعبة الاستخبارات العسكرية، انطلاقا من الافتراض بانهم سبق أن وزعوا المادة في الليل. بالمناسبة، علم السكرتير العسكري بالبرقية بعد الحرب فقط، في مداولات لجنة أغرانات. فقد سُئل في شهادته كيف يحتمل أن النبأ رغم ذلك لم يصل الى طاولة رئيسة الوزراء فأجاب: "لانه لم يُبرز في المقتطفات (لشعبة الاستخبارات)".

فووجه عيني بالامور وقدر بان النبأ ببساطة لم يدرج في المقتطفات. "الموساد ليس القناة لاطلاع رئيسة الوزراء على أمور معينة"، قال، "نحن انطلقنا من فرضية أن ما ننقله (يصل) الى رئيسة الوزراء".

ولكن يخيل أن في الموساد أيضا لم يولوا أهمية كبيرة جدا للاخطار. فقد روى ليئور بانه قبل يوم من تلقي النبأ عن خروج عائلات السوفييت من مصر ومن سوريا - أي في 4 اكتوبر – جرت جلسة استخبارات أوضح فيها ممثل شعبة الاستخبارات التقدير الذي نشأ عن المفهوم المغلوط: احتمال الحرب منخفض. وحسب ليئور فان "رئيس الموساد لم يغير، أو لم يتطرق الى هذا. وحتى في الساعات الاشد كان التقدير أو التفكير مبنيا على تقدير شعبة الاستخبارات".

"زمير نصف نائم"

وكانت هذه مجرد المرحلة الاولى من المهزلة. فلمفاجأته على ما يبدو من عدم الاكتراث الاسرائيلي من المعلومة التي نقلها، يبعث مروان ببرقية "عاجلة" الى مقر الموساد في الليلة بين 4 و 5 اكتوبر. موظفة في مقر الموساد تتلو على الفرد عيني مضمونها: للمركز توجد معلومة هامة في موضوع الاخطار وهو يطلب من رئيس الموساد الوصول على عجل الى لندن للقائه في موضوع هام جدا. "بدت لي هذه كبرقية هامة جدا في حينه. ولم يبدو لي هذا بانه إخطار بشن حرب"، شهد عيني. "لم تكن لنا برقية من هذا النوع".

يقرر عيني بانه يجب ايقاظ رئيس الموساد زمير وألا ينتظر الصباح. "هاتفته على الفور... قال: حسن، سأسافر لرؤيته في الصباح"".

وفي الغداة روى له رئيس الموساد بانه تحدث مع رئيس شعبة الاستخبارات، ايلي زعيرا، وهذا روى له بان السوفييت يخططون لمغادرة سوريا. "قلت لرئيس الموساد ان ما قاله له رئيس شعبة الاستخبارات ينسجم تماما مع ما بلغته اياه"، شهد عيني، "وعندها تبين لي بان رئيس الموساد لم يفهم بلاغي الاول بما يكفي. بمعنى، كان نصف نائم على ما يبدو، ولم يدرك بان نقلته له يعني حقا اخطارا بالحرب. وقال لي اذا كان كذلك، فانه سيهاتف مرة اخرى رئيس شعبة الاستخبارات وينقل له الامر".

"هذا ليس ضمن النظام"

ولاحقا، سُئل عيني لماذا لم ينقل مضمون البرقية أيضا الى السكرتير العسكري لغولدا مائير، العميد ليئور. فأجاب عيني بان هذا لم يكن ضمن النظام. "كان نظاما دائما في أنه في كل البلاغات من العميل الكبير تنقل الى رئيس الوزراء ولكن يمكن لهذا أن يجد تعبيره في عدة ساعات... أنا، بكل الاحوال، لم أفكر بايقاظ اسرائيل ليئور في الليل كي أنقل له بلاغا من هذا النوع، حيث أني أعرف بان ليس هو القناة التي تعالج هذا البلاغ".

"اليوم بالذات"

في الصباح اتصل عيني بالفعل بليئور، ولكن هذا كان في جلسة. عيني من جهته اكتفى بابقاء طلب بان يهاتفه بعد أن ينهي جلسته. "ليئور اتصل قبل الظهر وروى بانه كان نقاش في الحكومة وضمن أمور اخرى سمعت رئيسة الوزراء من وزير الدفاع بان رئيس الموساد سافر الى الخارج. في حديث بيني وبين ليئور ذكر ليئور بانه كان من الافضل لو أني أخرجته من جلسة الحكومة ولم أنتظر الى أن يتفرغ". أحد أعضاء اللجنة، رئيس الاركان الاسبق يغئال يدين، شدد على عيني وسأله لماذا لم يوقظ ليئور في الليل، واذا لم يكن خلل في هذا. عيني، من جهته، إدعى بان في نظره، "تقديم مادة الى رئيسة الوزراء... لا يكون لاغراض عملياتية، وعليه لم يبدو لي أنه من الطبيعي ان اوقظ اسرائيل ليئور كي أروي له".

في هذه الاثناء، كان رئيس الموساد قد أصبح في لندن والتقى بمروان. وفي شهادته فصل عيني عن اللقاء بين الرجلين، وكيف هاتفه زمير عند الساعة الثانية من ليلة 6 اكتوبر، وروى له بكلمات سرية التفاصيل الدقيقة التي سلمها المصدر في لندن. وكانت رسالته لا لُبس فيها: الحرب ستنشب "اليوم بالذات".

عند الساعة 14:00 في ذات اليوم، شن الجيشان السوري والمصري هجوما مشتركا على اسرائيل.