خبر كم وطنا لكم؟.. هآرتس

الساعة 07:39 ص|21 سبتمبر 2012

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: تريد اسرائيل من الدول العربية ان تعوض لاجئيها اليهود عن أملاكهم الباقية في الدول العربية في حين تتعامى عن أملاك الفلسطينيين التي طُردوا عنها في 1948 و1967 - المصدر).

في حين أصبح التفاوض المكثف مع الفلسطينيين في ذروته ويفترض ان يُحل كل شيء، قدمت اسرائيل فجأة طلبا جديدا وهو أنها لن توافق على اعلان نهاية الصراع من غير تعويض اللاجئين اليهود من الدول العربية.

حُل كل شيء وأصبحنا في نهاية الصراع حقا، فتعالوا الآن ننقض على هدف صغير آخر في الطريق الى السلام العادل الذي نضج وأصبح قريبا. وقد أصبحت توجد ورقة موقف من هذا الشأن من قبل مجلس الامن القومي نشرها براك ربيد في صحيفة "هآرتس" وحملة دعائية بدأها نائب وزير الخارجية داني أيلون الذي يملك حق أبوة هذا الشأن (فأبوه ولد في الجزائر). وبعد ان علمونا أزمانا متطاولة أن الهجرة من الدول العربية كانت صهيونية تبين فجأة ان الحديث عن موجة لاجئين وبعد ان كنا نعتقد ان اسرائيل قد حطمت جميع الأرقام القياسية الممكنة للوقاحة جاءت هذه الحملة وبينت أنه توجد أرقام قياسية اخرى هي قادرة على تحطيمها.

يصعب ان نعلم بماذا نبدأ لدحض المقارنة السخيفة بين مصير اللاجئين الفلسطينيين ومصير اللاجئين اليهود، لكن يمكن ان نصرف القلق لأن ورقة موقف مجلس الامن القومي لا ترى أي مكان للمقارنة. فهي تُسمي مصير اللاجئين "مأساة" وتُسمي مصير اللاجئين الفلسطينيين "قضية". وذروة ذلك أن الذنب فيهما مُلقى على الدول العربية. يصعب ان نصدق فليس لاسرائيل أية صلة بمشكلة اللاجئين الفلسطينيين.

ابتعدت اسرائيل وبحق منذ ان نشأت عن اثارة هذا الموضوع مدركة ان الارض تشتعل تحت قدميها الى ان تجرأت حكومة بنيامين نتنياهو على مد يدها الى النار. وقد فكروا في القدس أنه يمكن ربما الآن حينما لا يوجد احتمال لأي شيء ان يُثار هذا الشأن ايضا، فربما تستطيع اسرائيل بفضله ان تحصد شيئا من الأرباح في كُنس المهاجرين من الدول العربية في امريكا.

تطلب اسرائيل تعويضات عن أملاك 800 ألف لاجيء من الدول العربية. وهي لا تعرض أي تعويض عن الأملاك الضائعة لنحو من 650 ألف لاجيء فلسطيني بُنيت دولة على أنقاضهم. يجب على العالم ان يدفع ذلك لا على اسرائيل. وستكون النسبة 3: 2 لصالح اسرائيل كما احتسب مجلس الامن القومي. ماذا عن 1948 وعن 1967 وكل ما حدث منذ ذلك الحين؟ وماذا عن البيوت التي هُدمت والاراضي التي سُلبت والمقالع التي تم حفرها والموارد التي تم استغلالها؟ هل توافق اسرائيل على التعويض عن كل ذلك؟ أضحكتم كل ذي لُب.

يتجاهل مجلس الامن القومي ايضا الفرق الحاسم بين مصيري مجموعتي اللاجئين: فاليهود هاجروا طوعا أو قسرا، ويجب على اسرائيل ان تقرر – الى دولة يعدونها وطنهم، وطُرد الفلسطينيون أو هربوا مرغمين الى مخيمات والى اراضي شتات. وقد حُكم على اولئك بحياة حرية وكرامة في دولتهم وحُكم على هؤلاء بحياة احتلال وجلاء؛ واولئك لا يريدون العودة وهؤلاء يريدون، فجِدوا الفروق.

كما لا تخجل اسرائيل من ان تُعيد أملاكا يهودية منذ قبل 1948 الى أصحابها، من الخليل الى الشيخ جراح، مع طرد الفلسطينيين من بيوتهم، لم تفكر قط في فعل ذلك فيما يتعلق بالأملاك الفلسطينية. بفضل ماذا؟ ينبغي عدم السؤال، فهي لن تفعل هذا أبدا، واذا وافقت الآن على البحث في ذلك فالحديث عن انجاز ضخم للفلسطينيين. سيعود الفلسطينيون الى بيوتهم كاليهود في الخليل أو يتم تعويضهم عن معاناتهم على الأقل كما يطلب اليهود، وإلا فان الحديث عن حيلة اخرى ترمي فقط الى إزالة مشكلة اللاجئين الفلسطينيين عن برنامج العمل أو عن خطوة قومية اخرى لا تعترف بتساوي الحقوق بين الفلسطينيين واليهود.

يقوم في أساس القضية السؤال المبدئي الذي أحسن عضو الكنيست احمد الطيبي صوغه وهو كم وطنا لكم؟ سأل أيلون بالتلفاز وبقي سؤاله معلقا. هل اسرائيل هي الوطن أم العراق؟ بل ان اللغة العبرية يصعب عليها ان تتلفظ بكلمة "مولدوت" (أوطان) بالجمع. تريد اسرائيل العدل للاجئيها فهلم نأتِ بالعدل للجميع لكل لاجئي هذا الصراع الفظيع من بغداد الى يافا. ويحسن الى ذلك الحين ان نكتفي بانهاء مصائب من يعانون من سياسة بدأت في 1948 ولم تنقطع لحظة حتى هذا اليوم.