خبر فشل نتنياهو الامريكيُ.. هآرتس

الساعة 07:39 ص|21 سبتمبر 2012

بقلم: آري شبيط

(المضمون: لم يكن بيبي نتنياهو حكيما في سياسته تجاه الادارة الامريكية الحالية التي حاول ان يحرجها وان يتآمر عليها خدمة للحزب الجمهوري - المصدر).

كان يفترض ان يكون بنيامين نتنياهو لواءا في امريكا. فقد نشأ في امريكا ورُبي في امريكا وعمل في امريكا. وهو ذو خبرة في التاريخ الامريكي ويفهم الاقتصاد الامريكي ومتمكن من السياسة الامريكية. واللغة التي يفكر بها انجليزية امريكية والشيء الذي يؤمن به حقا هو التميز الامريكي. وأكثر الناس الذين يُقدرهم ايضا هم أرباب مال ومفكرون امريكيون. فرئيس وزراء اسرائيل يشعر في واشنطن بأنه في بيته أكثر من شعوره بذلك في بيته في القدس. ومع كل ذلك أخذ يتبين بعد ثلاث سنوات ونصف في الحكم أن أكبر فشل له هو الفشل الامريكي على الخصوص. فالذي كان يفترض ان ينشيء تحالفا امريكيا اسرائيليا وثيقا أحدث ازمة امريكية اسرائيلية عميقة.

ماذا حدث؟ حدث شيء بسيط. لما كان نتنياهو شديد الاطلاع على السياسة الامريكية أُصيب بالبلبلة فنسي أنه رئيس وزراء دولة صغيرة في الشرق الاوسط وبدأ يعتقد أنه الزعيم الذي سينقذ امريكا من نفسها. ولما كان نتنياهو شديد النشاط في السياسة الامريكية أُصيب براك اوباما ايضا بالبلبلة فنسي ان نتنياهو هو رئيس حكومة دولة صغيرة في الشرق الاوسط وبدأ يعامله على أنه خصم امريكي داخلي.

تعلق رئيس الوزراء والرئيس الامريكي ايضا بنفس الفكرة الباطلة فقد نظرا الى نتنياهو على أنه الزعيم القوي الذي لم يُنشئه الحزب الجمهوري حتى الآن. وتآمر نتنياهو على اوباما كما يستطيع ان يتآمر عليه جمهوري امريكي فقط. وحارب اوباما نتنياهو كما يحارب رئيس ديمقراطي فقط جمهوريا امريكيا. وقد تجاوزوا الحدود في القدس وواشنطن ايضا وحطموا الأدوات وخرجوا عن أطوارهم. وأصبحت ملاكمة نتنياهو لاوباما أكثر المعارك غرائزية في المدينة.

لكنه لا تناسب بين اوباما ونتنياهو، فأحدهما يرأس قوة من القوى العظمى والثاني يرأس دولة متعلقة تماما بالقوة العظمى. صحيح ان رؤساء الوزراء الاسرائيليين الناجحين هم الذين لا يستكينون لواشنطن ولا يتحولون الى حملة أدواتها. فقد سعى ليفي أشكول في شجاعة الى انشاء ديمونة برغم معارضة جون كنيدي ولندن جونسون. وهاجم مناحيم بيغن أوزيراك برغم تحذيرات رونالد ريغان. ودمر اهود اولمرت بحسب مصادر اجنبية المفاعل الذري السوري من غير ان يحصل على موافقة جورج بوش.

لكن كل رؤساء الوزراء الاسرائيليين الذين أصروا على آرائهم في مواجهة البيت الابيض فعلوا ذلك من غير ان يتحدوه، وقد اهتموا بأن يكون التأييد الامريكي لاسرائيل من الحزبين. وبذلوا أقصى ما يستطيعون كي يقف الى جانبنا الليبراليون من الشمال الشرقي والمحافظون من الجنوب الغربي ايضا. وحافظوا دائما على كرامة الرئيس المتولي لعمله. وبرغم أنهم لم يدرسوا في "إم.آي.تي"، عرفوا كيف يُديرون منظومة العلاقات الحيوية مع امريكا بصورة حكيمة ومسؤولة.

سلك نتنياهو سلوكا مختلفا، فكانت استراتيجيته الامريكية تستعمل القوة. وقد حاول ان يُجند الرأي العام الامريكي ومجلس النواب الامريكي لمضادة الرئيس. واعتمد على قاعدة التأييد القوية للانجيليين وعلى قاعدة التأييد القوية للايباك وتجاهل امريكا المتقدمة. وهكذا انشأ مواجهة مباشرة هي الاولى في نوعها بين الحكومة الاسرائيلية والحزب الديمقراطي والنخب الليبرالية. ولم يُشاجر نتنياهو اوباما وحده بل حول نفسه الى العدو المعلن لفريق كبير من اصدقاء اسرائيل في الولايات المتحدة. وحشر نفسه الى الزاوية اليمينية المتطرفة في امريكا وحشرنا جميعا الى هذه الزاوية.

والمفارقة هي ان رئيس الوزراء على حق في الشأن الرئيس الذي يشغله ألا وهو ايران. ان نتنياهو يفهم جيدا التحدي الايراني الذي يرفض كثيرون من الليبراليين الامريكيين فهمه. لكن ليس عمل رئيس وزراء اسرائيل ان يكون مُحقا بل ان يكون حكيما. وفيما يتعلق بالولايات المتحدة لم يكن حكيما.