خبر يوم غفران غير مُكفِّر.. هآرتس

الساعة 07:38 ص|21 سبتمبر 2012

بقلم: اسرائيل هرئيل

(المضمون: لا اختلاف بين العلمانيين والمتدينين في اسرائيل فهم ذوو طبيعة واحدة تأبى المصالحة - المصدر).

ان الحال بسيطة في ظاهر الامر بالنسبة ليهودي يحفظ الفرائض، فيوم الغفران و"المائدة المهيأة"، يُكفّران آثاماً بين الانسان وربه. وهما لا يُكفّران جنايات بين الانسان وأخيه إلا اذا أرضاه وصالحه. وقد سُنت سُنة للمتضرر ايضا، فاذا طلب أخوه الصفح منه فمن الواجب عليه ان يصالحه. وهذه صيغة فيها قدر من الرياء لا تواجه الطبيعة المركبة المعقدة للجنس البشري وهي تلائم، وفي هذا شك كبير ايضا، عالما قديما عاش اليهودي فيه في بيئة تراتبية ومحافظة ومقطوعة، كانت الخصومات الشخصية والمحلية هي التي تشغل الفرد والجماعة في الأساس.

ماذا نقول في أيامنا حيث إن تدفق المعلومات بلا حدود يجعل المُضر لا يعلم في مرات كثيرة أنه أضر بغيره ولا يعلم من المتضرر وبسبب ماذا.

من الواجب الديني على مقيم الفرائض ان يصالح أخاه. ويوجد في المجتمع الحريدي والحريدي القومي بل وفي المجتمع المتدين ايضا شخصية الحاخام. ويكتفي الحاخام احيانا بالتحليل وهو ينصح احيانا ويُفتي في أوضاع كثيرة ايضا. وماذا عن الانسان العلماني؟ إن الصفح والمصالحة عند شخص ذي طبيعة انسانية، على خلفية شخصية، هما جزء من الماهية وتوجد بدائل عن فريضة المائدة المهيأة، فهذا الانسان غير محتاج الى مواعيد ثابتة (كيوم الغفران) أو الى مراسم (الفرائض) الملزمة، والبديل عن الشريعة ولا سيما عن الفريضة بين الانسان وأخيه هو في أساسه اخلاقي حدسي. هذا الى أن من لا يحافظ على الفرائض ليست عليه سلطة عليا تأمره كيف يسلك في حالات شخصية لطيفة ومعقدة. والصديق والقريب والطبيب النفسي أو مستشار الزواج ليسوا بدائل عن السلطة.

لكن من العجب انه برغم ان الانسان المتدين مُثقل بفرائض "إفعل ولا تفعل" بين الانسان وأخيه، يصعب ان نجد فرقا جوهريا بين سلوكه وسلوك العلماني. فكراهية الاجانب مثلا تتعدى المعسكرات. بل إن حاخامين معينين لهم كثير من الطلاب يُفتون فتاوى كما في شأن تحريم ايجار الطلاب العرب شققا في صفد، وهو شيء لا يتحمله حتى الانسان المتدين الذي استدخل في نفسه قيما كونية.

إن برنامج عملنا المليء والعاصف والمشحون بالنزاعات الوجودية يدفع مواجهة المشكلات بين الانسان وأخيه الى أسفل برنامج العمل العام، ويصعب حتى حينما ترتفع بين الفينة والاخرى الى أعلى الوعي كما كان في الاحتجاج الاجتماعي، أن نلاحظ تغييرات جوهرية في سلوكنا في هذا الصعيد، وذلك في الأساس لأن اولئك الذين نجحوا في رفع النقاش الى أعلى برنامج العمل قد استعملوا الألاعيب التي عُرفت سريعا من اجل الدفع الى الأمام بأهداف سياسية في مجالات اخرى لا اتفاق عليها ومن اجل التنديد بالخصوم.

لكن سيوجد من يُنبهون الى أننا حتى لو قبلنا الافتراض شبه البديهي وهو أن فطرة الانسان شريرة من الحداثة – فان المجتمع الانساني ولا سيما في الأحقاب الاخيرة تقدم تقدما حادا. ولهذا ينبغي ان نتناول لقاءات المصالحة بين المتدينين والعلمانيين، وإزالة التوترات بين اليهود والعرب وبين اليمين واليسار على أنها أفعال رمزية في الحقيقة لها تأثير ايضا من خارج حلقة الناس القليلين الذين يطلبون المصالحة بطبيعتهم. وهذا ما يُقال ايضا في شأن التفضلات المؤثرة على اللاجئين ومهاجري العمل.

لكن توجد حاجة من اجل الدفع قدما بتغييرات عميقة جوهرية الى تغيير سير حياتنا أو طبيعتنا القومية اذا شئتم. وأخشى ان تكون النفس الاسرائيلية العادية سواء كانت متدينة أم علمانية غير ناضجة لذلك.