خبر « نيويورك تايمز »: وثائق سرية تشير إلى تورط واشنطن في مجزرة صبرا وشاتيلا

الساعة 02:53 م|19 سبتمبر 2012

وكالات

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن وثائق سرية ترجح تورط جهات أمريكية في مجزرة صبرا وشاتيلا، التي وقعت عام 1982 في لبنان، وأسفرت عن مقتل ما بين 3500 و5000 شخص أعزل، معظمهم من الفلسطينيين.

ونُشرت الوثائق في مقال تحت عنوان "المجزرة التي كان يمكن تفاديها"، كتبها سيث إنزيسكا، وهو باحث أمريكي في جامعة كولومبيا، تمكن من العثور على مستندات تاريخية اسرائيلية  توثق أحاديثا وقعت بين مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين قبل وخلال وقوع المجزرة.

وبحسب وثيقة تعود لتاريخ 17 أيلول/سبتمبر 1982، فإن اجتماعاً كان بين وزير الحرب الاسرائيلي أريئيل شارون، ومبعوث الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط ، مورس داربر، طمأن فيه شارون من عدم توريط أمريكا في الجريمة قائلاً: "إذا كنت متخوفًا من أن تتورط معنا، فلا مشكلة، يمكن لأمريكا بكل بساطة أن تنكر الأمر أو علمها به، ونحن بدورنا سننكر ذلك أيضًا."

وهو ما يؤكد أن الإسرائيليين كانوا على علم بأن حلفاءهم  اللبنانيين دخلوا المخيم، وأن عمليات تصفية عشوائية قد بدأت.

وفي أحد اللقاءات التي جرت بين الموفد الأمريكي وشارون بحضور السفير الأمريكي، سام لويس، ورئيس الأركان الإسرائيلي رافائيل إيتان، ورئيس الاستخبارات العسكرية يهوشوا ساغي، ذكّر درابر بموقف بلاده المطالب بانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من بيروت؛ فما كان من شارون إلا أن رد قائلاً: "إن الإرهابيين لا يزالون في العاصمة، ولدينا أسماؤهم، وعددهم يتراوح ما بين 2000 و3000"، متسائلا: "من سيتولى أمن المخيمات؟"، وجاء رد داربر بأن الجيش وقوى الأمن اللبناني ستفعل.

وبعد مفاوضات توصل الطرفان إلى اتفاق يقضي بانسحاب إسرائيل من لبنان، لكن بعد 48 ساعة، حيث سيكونون طهروا المخيمات.

ولم يترك شارون  طاولة الاجتماع إلا بعد أن تأكد من خلو الاتفاق من أي التباس، شارحا بالاسم المخيمات التي سيدخلها لتصفية "الإرهابيين"، وهي صبرا وشاتيلا، برج البراجنة،  والفكهاني، وعندها بادره درابر بالقول: "لكن البعض سيزعم بأن الجيش الإسرائيلي باق في بيروت لكي يسمح للبنانيين بقتل الفلسطينيين."

فما كان من شارون إلا أن رد قائلاً: "سنقتلهم نحن إذاً، لن نبقي أحداً منهم، لن نسمح لكم - ويقصد للولايات المتحدة - بإنقاذ هؤلاء الإرهابيين"، وبسرعة رد داربر قائلاً: "لسنا مهتمين بإنقاذ أحد من هؤلاء"، فكرر شارون ثانية: "إن كنتم لا تريدون أن يقتلهم اللبنانيون فسنقتلهم بأنفسنا"، فأعاد عندها السفير درابر موقف الحكومة الأمريكية قائلاً: "نود منكم الرحيل.. دعوا اللبنانيين يتصرفون".

بعد هذه المحادثة بثلاث أيام بدأ الانسحاب الإسرائيلي نهار الجمعة، 17 أيلول/سبتمبر، وشهد هذا النهار أسوء لحظات المذبحة؛ قوات منظمة التحرير الفلسطينية كانت بالفعل قد أخلت بيروت، وبعد ليلة ثانية من الرعب، الكتائب انسحبت من المخيمات في صباح السبت، وفق ما جاء في المقالة.

وبعد أن أعلمه موفده بفظاعة ما جرى في المخيمات، كتب السفير درابر إلى أريئيل شارون قائلاً: "هذا رهيب، لدي ممثل في المخيمات وهو يعد الجثث، يجب عليكم أن تخجلوا"، ومن جانبه وبخ الرئيس الأمريكي ريغان رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغين بعبارات قاسية غير معتادة.

وفي مذكراته، كان وزير الخارجية الأمريكي جورج شولتز الأكثر قسوة فكتب: "الإسرائيليون قالوا لنا إنهم يدخلون بيروت لتفادي حمام دم، لكنه تبين أنهم سهلوا هذا الأمر وربما أيضا تسببوا به". وأضاف أنه: "وبسبب أن واشنطن وثقت بحلفائها، وصلت إلى نتيجة عنيفة وهي أننا أصبحنا مسؤولين جزئيًّا عن المذبحة."

وفي ختام مقاله، كتب سيث أنزيسكا: "الدرس واضح، حينما يتصرف حليف مقرب بغير ما نؤمن به من مبادئ وقيم أمريكية فإننا لا نقوم بما يلزم لوقفه، وهو ما يقودنا إلى تحمل مسؤولية نتائج كارثية تؤثر على مواقفنا الأخلاقية، والأهم تأثيرها على الشعوب التي دفعت الثمن."