خبر القدس والسياسة الامريكية.. اسرائيل اليوم

الساعة 09:05 ص|14 سبتمبر 2012

 

بقلم: دوري غولد

(المضمون: ما يزال يهود الولايات المتحدة يرون ان للقدس الموحدة تحت سيادة اسرائيل أهمية كبيرة وعلى ذلك اخطأ الحزب الديمقراطي حينما حذف من برنامجه الأصلي التطرق الى القدس باعتبارها عاصمة اسرائيل - المصدر).

سُلط ضوء المصابيح في الاسبوع الماضي على مؤتمر الحزب الديمقراطي في شارلوت في كارولاينا الشمالية وبين يديه الجدل الذي نشب في مسألة صوغ برنامج الحزب بشأن مكانة القدس. بخلاف البرنامج في ثلاث معارك انتخابية سابقة للرئاسة حُذف في الصيغة الأصلية من البرنامج الذي صيغ هذه السنة على عمد التطرق الى القدس باعتبارها عاصمة اسرائيل. ووجه السناتور من نيويورك تشارلز شومير انتقادا على صيغة البرنامج.

وفي مقابل ذلك قال متحدثون آخرون من الحزب الديمقراطي ان الحذف ينبع من "خطأ تقني" وأرادوا ضمنا ان يُحدثوا انطباع ان التغيير لم يتم على عمد.

وفي نهاية الامر تم اصلاح البرنامج وأُعيد اليه التطرق التقليدي للقدس باعتبارها عاصمة اسرائيل عن ادراك ان الصيغة الجديدة تُعرض الرئيس براك اوباما لانتقاد شديد من المرشح الجمهوري للرئاسة ميت رومني على الطريقة التي تختارها الادارة لابعاد نفسها عن اسرائيل.

يحسن ان ننتبه الى صورة اصلاح البرنامج الذي أثار اختلافا في داخل الحزب الديمقراطي نفسه. عرض رئيس المؤتمر الديمقراطي، رئيس بلدية لوس انجلوس انطونيو فيارإغوسا الاصلاح لتجيزه الجلسة العامة واحتيج الى ثلاثة تصويتات متتابعة لاحراز أكثرية الثلثين المطلوبة لاجازته. وقيست الأكثرية بحسب تقدير قوة صوت المصوتين تأييدا أو معارضة. وعادت آلات تصوير التلفاز وتركزت على واحد من نواب الحزب الديمقراطي لبس قميصا عليه كتابة باللغة العربية وكان يلاحظ عليه الغضب لقرار فيارإغوسا.

لم يسأل أحد من المراسلين لماذا اختار الحزب الديمقراطي ان يغير من البدء صيغة المادة في برنامجه التي تتناول مكانة القدس؛ وهل كان في أساس ذلك تقدير ان قضية القدس لن يكون لها تأثير كبير في اثناء فترة الانتخابات بازاء حقيقة ان حكومات اسرائيل في الماضي كانت مستعدة لتقسيم المدينة في اطار تسوية دائمة.

كان يفترض ان يعرف شيوخ الحزب الديمقراطي صورة الوضع جيدا. فقد أثرت قضية القدس تأثيرا كبيرا في معركة الانتخابات حينما نافس الرئيس كارتر في الترشح للحزب الديمقراطي لولاية رئاسية ثانية. في الاول من آذار 1980 أجاز مجلس الامن القرار 465 الذي ندد بشدة بالبناء في المستوطنات، ودعا الى حلها واشتمل بصراحة في هذا السياق وبصورة شاذة ايضا على الأحياء اليهودية التي بُنيت في القدس.

اعتادت الولايات المتحدة بصورة تقليدية على استعمال النقض لقرارات من طرف واحد كهذه، لكن السفير الامريكي في الامم المتحدة دونالد مكهنري رفع يده هذه المرة مؤيدا القرار وأجازته اعضاء مجلس الامن واستتبع عاصفة في الجهاز السياسي في الولايات المتحدة.

ظن الرئيس كارتر، كما زعم، ان ذكر القدس الذي ظهر في مسودة الاقتراح قد حُذف زمن تقديمه ليُجيزه مجلس الامن، ولهذا أمر بتأييده. وكان خلل في الاتصال بين وزارة الخارجية والمفوضية في الامم المتحدة، ويبدو أنه أسهم في التصويت المؤيد للقرار. ولم يثق زعماء يهود في الولايات المتحدة ومنهم مسؤولون كبار في الحزب الديمقراطي بتفسيرات كارتر. وهاجم آرثر غولدبرغ الذي عينه الرئيس كنيدي للمحكمة العليا وخدم بعد ذلك سفيرا في الامم المتحدة، هاجم سياسة ادارة كارتر في قضية القدس برسالة أرسلها الى محرر صحيفة "نيويورك تايمز".

بعد اسبوعين من "الخلل" في مجلس الامن هزم السناتور ادوارد كنيدي خصم كارتر الرئيس الذي يتولى عمله في الانتخابات التمهيدية في نيويورك وكونتكت. ولم تنس الجماعة اليهودية تصويت كارتر في قضية القدس في اطار مجلس الامن، وفي انتخابات الرئاسة في شهر تشرين الثاني من تلك السنة فاز مرشح الحزب الجمهوري رونالد ريغان، أما كارتر فحصل كما تعلمون على أقل نسبة من اصوات اليهود قياسا بمرشحين ديمقراطيين آخرين. فالرسالة عن أهمية القدس للجماعة اليهودية واضحة اذا للناس ذوي الخبرة بالسياسة الامريكية.

لا تشبه انتخابات هذه السنة بالطبع انتخابات سنة 1980، وربما يوجد امكان ان تكون جهات رفيعة في الحزب الديمقراطي قد ظنت انه لم يعد الآن للقدس أهمية في نظر يهود الولايات المتحدة كما كانت في الماضي. فهل صحيح هذا حقا؟ فحص البروفيسور مارفن فيربت في المدة الاخيرة عن مواقف يهود الولايات المتحدة من القضايا المركزية للمسيرة السياسية اعتمادا على استطلاعات الرأي العام للجنة الامريكية اليهودية (إي.جي.سي).

وكانت استنتاجاته التي نشرت في مقالة آسرة. عرضت استطلاعات الرأي العام للجنة اليهودية الامريكية في كل سنة سؤالا متشابها: "هل يجب على اسرائيل في اطار تسوية دائمة مع الفلسطينيين ان تهادن على مكانة القدس باعتبارها مدينة موحدة تحت سيادة اسرائيلية؟". في سنة 2001 أيدت نسبة عالية بلغت 44 في المائة من المستطلعة آراؤهم تقسيم القدس من جديد وعبر 50 في المائة في المقابل عن معارضة. وأشارت نتائج استطلاع الرأي في سنة 2010 الى تغير موقف الجماعة اليهودية. فقد أيد 35 في المائة فقط من المستطلعة آراؤهم تقسيم القدس من جديد وعارض 60 في المائة كل مصالحة. وتدل هذه المعطيات على ان القدس الموحدة ما تزال مهمة عند يهود الولايات المتحدة وأن من ظن خلاف ذلك لم يُحضر دروسه المنزلية جيدا.

حظيت فكرة القدس الموحدة بصورة تقليدية بتأييد الديمقراطيين والجمهوريين على السواء. وقد قُدم قانون "السفارة في القدس" في تسعينيات القرن الماضي، الذي اعترف بوحدة القدس تحت سيادة اسرائيل وبأنها عاصمة اسرائيل، قُدم بصورة مشتركة ليُجيزه مجلس الشيوخ، على يد زعيم الحزب الديمقراطي السناتور توم داتشل وزعيم الحزب الجمهوري السناتور بوب دول. ان ضعف تأييد الولايات المتحدة للقدس الموحدة هو انحراف حاد للموقف الامريكي عن تراث الحزبين الذي كان موجودا سنين كثيرة. وقد انتهت القضية الحالية بلا "هدف ذاتي" بالنسبة لاولئك الذين حاولوا الدفع بهذه الأجندة الى الأمام.