خبر الأميركي المجرم .. الأميركي القدوة.. علي عقلة عرسان

الساعة 08:49 ص|14 سبتمبر 2012

من حق المرء أن يغضب ويثور حين تُجرح مشاعره، وتنتهك حرماته، وتمسُّ عقيدته وكرامته، أما حين يُعتدى عليه فالعين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم. وحالنا اليوم ينبئ عن حدوث هذا كله، وتكرار حدوثه بأشكال مختلفة منذ سنوات وسنوات في موجات استفزاز وكراهية تصدر عن جهات غربية تتلطى خلفها أو تدفعها أو تحرضها عناصر صهيونية عنصرية ويهودية متطرفة قد لا تكون صهيونية بل وارثة بكثافة لثقافة تاريخ حقد من قتلوا الأنبياء وأساؤوا للرسل وشوهوا المعتقدات والقيم والوقائع والتاريخ والسياسات. فمن باروخ غولدشتاين إلى نتنياهو إلى دانيال بايبس إلى سام باسيل في التاريخ الحديث للصهاينة، يسيل سيل عرم من الافتراء والعدوان والقتل والتشويه والمس بمشاعر المسلمين ومقدساتهم، وبالإسلام وتعاليمه ورموزه.. من القرآن إلى القدس الشريف إلى الرسول الأعظم الذي يُفترى عليه اليوم ممن هم لحمة العنصرية وسداها. ويلاحظ أن كل من قام أو يقوم بفعل من أولئك، على الأقل آخر ما ذكرت منهم، يحمل الجنسية الأميركية إلى جانب " الإسرائيلية، ويستظل بالسياسة الأميركية المعادية للعرب والمسلمين في أكثر مساراتها وممارسات إداراتها، ويلقى منها الرعاية والحماية، بل تلغ معه وبسببه ومن أجله في دماء العرب والمسلمين، وتحتل بلدانهم، وتدمير ما يبنون، وتهددهم بالأسوأ " كل ما دق الكوز بالجرة" كما يقول المثل.

اليوم نحن أمام حدث مركب، يشارك في صنعه متطرفون ومتعصبون غاية في التطرف والتعصب، كلهم يحملون الجنسية الأميركية، ويستظلون بالسياسة الأميركية، ويعملون انطلاقاً من الأرض الأميركية، ويوجهون سهامهم إلى لإسلام ورسوله، وإلى العرب والمسلمين، وآخر أفعالهم فعلٌ ذو أبعادٍ وأهداف عقدية - سياسية، لكنه يجرح مشاعر مليار ونصف مليار مسلم حول العالم، بحدة وعمق وهمجية وجهل وحقد، ويهدف إلى النيل من نبيهم ورموزهم ودينهم من خلال التشويه والافتراء والتزييف، ويوظَّف فعله ذاك لتحقيق أغراض دنيئة بوسائل وأساليب منحطة، من أجل الوصول إلى أهداف دينية وثقافية واجتماعية وسياسية، حسب ما صرح به من قاموا بذلك العمل المسيئ للرسول صلى الله عليه وسلم.. ومن بين أولئك من تبرأت منه جماعته وأصوله وكنيسته، أعني بعض نفر من الأقباط الأميركيين المساهمين في العمل مع الصهاينة العنصريين ومن في حكمهم، ومن بينهم يهود ومسيحيون درِبوا على الإساءة من دون أن يطالهم عقاب فتمادوا أكثر فأكثر.

ما أتكلم عنه هو ما يشغل المسلمين اليوم ويخرجهم إلى الشوارع، ويجعلهم يواجهون بكل ضراروة من يحاول أن ينال من الدين الإسلام، ومن الرسول محمد والشريعة والقيم والحقيقة، فيسقط منهم قتلى وجرحى، ويُوقع غضبُهم الساطع قتلى، ويحرق ويدمر مثلما حصل في بنغازي والقاهرة. شوارع وساحات في بلدان العالم الإسلامي تسيل بالبشر، وتعج اليوم وأمس وقبل أمس بالاحتجاج والتظاهر على إنتاج وعرض فيلم مسيء لنبينا، رسول الله، محمد بن عبد الله عبد الله صلى الله عليه وسلم، خاتم الأنبياء والمرسلين.

والفيلم المسمى "براءة المسلمين" The Innocence of Muslims - ولا ندري براءتهم من ماذا؟ - المسيء للرسول مدته ساعتان، وهو من إنتاج مطور عقارات إسرائيلي -أمريكي، يدعى سام باسيل يبلغ من العمر ٥٦ عامًا، قام بجمع خمسة ملايين دولار من ١٠٠ متبرع يهودي لإنجاز العمل، وجري تصوير الفيلم في ولاية كاليفورينا في مدة 3 أشهر خلال العام الماضي.. وأوضح المخرج المنتج أنه عمل مع 60 ممثلًا وفريق من 45 شخصًا، وقال «إنه فيلم سياسي وليس فيلمًا دينيًّا»؟!. ومن مخبئه، بعد موجة الاحتجاج، في

جنوب كاليفورونيا قال باسيل منتج ومخرج وكاتب سيناريو الفيلم، "إنه قام بإنتاج العمل من أجل مساعدة موطنه الأصلي "إسرائيل" في كشف حقيقة الدين الإسلامي، وأنه جهد سياسي من أجل لفت الأنظار إلي ما سماه "النفاق في الإسلام".. وأنه يؤمن بأن فيلمه سيساعد إسرائيل على كشف عيوب الإسلام للعالم فـ "الإسلام هو السرطان" – على حد قوله - وأنه قرر إنتاج الفيلم لإظهار أن الإسلام دين كراهية.."، وذلك حسب ما نقلت عنه صحيفة وول ستريت جورنال التي قالت إن القس المتطرف تيري جونز، وهو المعروف عنه في السابق قيامه بحرق نسخ من القرآن الكريم أمام الكاميرات، وهو ما أثار في حينه موجة غضب عارمة في العالم الإسلامي.. قد قام بالترويج للفيلم.. ولم يكن باسيل وجونز وحدهما، فقد تمت هذه المرة شراكة عجيبة غريبة في هذا العمل المنحط المثير للاشمئزاز، شراكة بين اليهود والقس جونز وبعض الأقباط الأميركيين الذين تخلت عنهم كنيستُهم، حيث ذُكر "أن الفيلم من إنتاج الهيئة العليا للدولة القبطية المزعومة التى يترأسها كل من عصمت زقلمة، وموريس صادق.."، وأن دولة عربية ساهمت في دفع تكاليف الإنتاج تبرعاً، ربما من دون أن تعرف مضمون الفيلم واكتفت بمعرفة العنوان اللافت " براءة المسلمين".؟!

ليست هذه هي المرة الأولى التي تتم فيها الإساءة للإسلام ورموزه، فنحن نذكر أنه في عام 2005 نشرت صحيفة دانماركية 12 رسماً كاريكاتورياً مسيئاً للنبي محمد "ص" وصوَّرته إرهابياً، وكان من بين المحرضين لرسام الكاريكاتير الدانمركي على فعل ذلك الصهيوني المتطرف ذو الجنسية المزدوجة، أميركي - إسرائيلي، دانيال بايبس، لسان نتنياهو والعنصرية والتطرف الصهيوني وأحد المستشارين السابقين في البيت الأبيض.. وقد أثارت تلك الرسوم في حينه موجة غضب عارمة في أنحاء الإسلامية، وبعد ذلك نُشرت هذه الرسوم وأعيد نشرها في صحف أوربية بذريعة " حرية التعبير"، وكان ذلك افتراء صُراحاً فتلك حرية تشهير وحرية التعبير منها براء؟! وتلتها رسومٌ مسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام صممت ونشرت في " إسرائيل"، ولم يتم التركيز الإعلامي عليها بشكل كاف لأمر ما وسبب ما لا نعرفهما.

وبعد الضجة الكبيرة التي حدثت من جراء عرض الفيلم الأخير والتصريحات المرافقة والتحديات المثيرة التي برزت، وتحرك مسلمين غاضبين في القاهرة وبنغازي وصنعاء على الخصوص ضد ذلك، ووفاة السفير الأميركي كريس ستيفنز مختنقاً في القنصلية الأميركية في بنغازي مع ثلاثة أميركيين آخرين، بدأ الترويج لتشكيك في المعلومات حول الفيلم وإنتاجه وإخراجه في عملية تمويه مشبوهة، ونشر موقع مجلة "ذي اتنلانتيك" أنه توصل لشخص يدعى ستيف كلين عمل مستشاراً إعلامياً للفيلم، "وأن كلين نفى علاقة باسيل وجونز بالموضوع، مؤكدا أن الفيلم شارك في تحضيره مصريون وسوريون ومن باكستان وتركيا."؟! وبدأت بعض الفضائيات العربية الترويج لهذا التمويه – التشويه، بالكلام عن " قضية ما زالت غامضة"؟! واستمر هذا التوجه المريب في فضائيات غير عربية أيضاً تبث بالعربية، والهدف طمس الأصل و" تضييع الطاسة"، وخلق بلبلة في الرأي العام، في توجه غايته القول "إن الغموض يكتنف إنتاج الفيلم المسيء للرسول والإسلام.. من كتبه وأنتجه وأخرجه وموَّله..إلخ، وأن الحكم على مجهول من الأمور التي لا تجوز"؟! والغاية هنا واضحة تماماً.. في الوقت الذي يوجد فيه فيلم، وهناك تصريحات للمعنيين بالأمر مبثوثة، وأمور أخرى مبيتة؟! ولا أعرف كيف يساهم "إعلام عربي" بمثل هذا التضليل والتستر المقصود على فعل شنيع، وإساءة بالغة، وكراهية متأصلة.. ضد العرب والمسلمين والإسلام والرسول الأعظم؟! والرابط الغريب مثير، حيث بدأ التمويه والتشكيك بعد أشيع بأن دولة عربية موَّلت الفليلم أو ساهمت في تمويله؟! وتلك محاولة إعلامية مكشوفة لتمييع الأمور.. وأياً كان الهدف من ورائها فإنها فعل مرفوض، لأنه عمل يهدف إلى تبرئة اليهود والمتطرفين الأقباط والأميركيين ومن معهم وفي حكمهم من هذا الفعل الذي لا يمكن قبوله أو تبريره أو السكوت عليه..؟!

وفي خضم الحدث وتطوره وتصاعد ردود الفعل عليه، شعبياً وسياسياً، برزت معالم مخطط صهيوني لأزمة تستهدف مصر بفتنة طائفية وعملية تقسيم لا تقف عند حدودها، بل تتعداها إلى بلدان عربية أخرى، ويشارك في ذلك المخطط الصهيونية من يريدون صراعاً طائفياً في مصر واستدراج تدخل في شؤونها باسم حماية الأقليات لتقسيمها.. ممن يعملون على هذا المشروع منذ سنوات وسنوات. وقد أشير في الإعلام المصري، وفي إدانات رجال الكنائس المسيحية في مصر عبر بيانات، بكل الوضوح - وهنا أنقل بعض ما نشر وتمت الإشارة إليه في بيانات متعددة – أشير إلى "دعاة تقسيم مصر وإقامة دولة قبطية، وأبرزهم موريس صادق، الذى أُسقطت عنه الجنسية المصرية، وعصمت زقلمة، المعروف برئيس الهيئة العليا للدولة القبطية، المزعومة وغيرهم.".. وهما ممن تبرأت منهم الكنيسة القبطية في مصر. وترافق ذلك مع مسارات لأحداث مواكبة أو سياقات مرافقة لها، من ذلك:

اشتراك أشخاص، منهم القس الأمريكى المتطرف تيرى جونز صاحب دعوى إحراق المصحف الشريف، في ما سموه «اليوم العالمى لمحاكمة محمد» - جل عن ذلك وسما - داخل كنيسة القس جونز فى ولاية فلوريدا، وتتشكل المحكمة من: القس وايتنى ساب وتيد جيت وأسامة دقدوق، ويشترك فيها كمراقبين موريس صادق، وإيليا باسيلى، وإيهاب يعقوب، وتسعى لتحميل الرسول عليه الصلاة والسلام مسئولية هجمات سبتمبر، والتشكيك فى الإسلام، وأنه ليس رسالة سماوية بل هو اختراع بشرى، وأنه لا يحمل سلاماً للأرض بل يحرّض على كراهية البشر وسفك الدماء"؟!، وقد ذكرت ذلك الإعلامية حنان البدري برسالة إعلامية من الولايات المتحدة الأميركية. ومن الأهداف المبتغاة إثارة انفعالية بالغة تصل حدود تهييج الرأي العام المصري ضد الأقباط خاصة والمسيحيين عامة، ليقال إن هناك "اضطهاداً ضد المسيحيين" فيؤخذ ذريعة لفرض حماية، كما ينادي به ويعمل له أقباط المهجر على الخصوص، وهو ما أكد مصريون واعون أنه "لن يحدث أبدا"‏، كما أكد مسؤولون في الكنيسة القبطية على رأسهم الأب باخوميوس أن منظمى المحاكمة وممولى الفيلم المسىء هم «أقباط خارجون عن الكنيسة الأرثوذكسية التى سبق وتبرأت منهم».

ولم يخل الحدث من توظيف سياسي في الحملة الانتخابية الأميركية، حيث تدخل ميت رومني ليستغل وفاة السفير الأميركي في بنغازي لأغراض حملته الانتخابية ضد أوباما، وناصره يهود وصهاينة ومتطرفون من اليمين الأميركي والمحافظين الجدد يعملون لصالح رومني وضد أوباما، لأنه حسب قولهم: "مسلم وكان يصلي في أندونيسيا مع زوج والدته المسلم."؟!، مع أنه خدم الصهيونية وإسرائيل بما لا يُقدَّر، وسحب كل الكلام الذي قاله في جامعة القاهرة حول "دولة فلسطينية مستقلة، وتعاون منصف مع العالم الإسلامي"، وقام بالكثير مما يعبر عن انحياز مطلق لإسرائيل، وما لا يمكن أن يخدم المسلمين أو ينصفهم.

وفي غمرة هذا الحدث وما اثاره من ضجيج وأدى إليه من مضاعفات حتى الآن، أدان الرئيس أوباما مقتل السفير الأميركي في ليبيا، والاعتداء على السفارات الأميركية في القاهرة وصنعاء، ولم يكد يتطرق إلى ما/ ومن أسس للحدث وأساء لرسول الإسلام واستثار مشاعر الناس. وفعل الشيء ذاته تقريباً مسؤول الاتحاد الأوربي في مؤتمر صحفي مع الرئيس محمد مرسي في بروكسل، ومثله ما فعله الرئيس مرسي والمسؤولون اليمنيون.. إلخ، وفي تعليقها على مقتل السفير الأميركي وثلاثة أميركيين آخرين في القنصلية الأميركية في بنغازين، خلال مظاهرة احتجاجاً على إنتاج وعرض الفيلم، قالت وزيرة الخارجية هيلاري كلنتون : " كيف يمكن أن يحدث هذا في بلد حررناه، وفي مدينة ساهمنا في تجنيبها الدمار؟!".. واعتذر المسؤولون الليبيون رسمياً لما حدث، وتكلم بعض سفرائهم في سياق متصل، عن الأميركيين المحرِّرين، وعن الصداقة الأميركية الليبية، وعن عرفان الليبيين بالجميل للدور الأميركي في تحقيقهم لانتصارهم.. ولم يذكروا

شيئاً يستحق الإشارة إليه عن الإساءة الكبرى للإسلام ورسوله، ولا عن بوارج أميركية وجنود من المارينز يتوجهون إلى الشواطئ الليبية.؟!.

والغريب العجيب أن "الأميركي المحرِّر" في العراق وليبيا وغيرهما من البلدان العربية، هو أكبر مجرم ولغ في دماء العرب والمسلمين ودمر ديارهم وحياتهم وما زال، فقد دمر العراق وألحق به أكبر كارثة وساهم في تدمير غزة وحصارها، وما زال يدمر أفغانستان بعد أن احتلها، وحاول وما زال تخريب سورية واليمن ومصر.. وكل ذلك.. من أجل الطاقة والهيمنة والنهب والمصالح، ومن أجل "أسرائيل" ومصلحتها أولاً وأخيراً، ودائماً وأبداً.. والأميركي الذي يتشدق بقيم ومثل وحريات وديمقراطية وحقوق إنسان..إلخ، لا يملك فعلياً أية قيم أخلاقية وإنسانية من أي نوع يعتدّ به، نراها تنعكس عملياً في سياساته وممارساته، منذ تأسيس الدولة على جثث ملايين الهنود الحمر والأفارقة السود ومعاناتهم واضطهادهم واستعبادهم وحتى آخر الحروب المدمرة التي شنها ويشنها في مناطق مختلفة من العالم ، وما أكثرها وأمرَّها؟! إنه هو صاحب المعايير المزدوجة المخزية، ومَن يحتل ويقتل ويدمر باسم ملاحقة الإرهاب، وفي الوقت ذاته يدعم إرهاب الدولة الصهيونية ويمارس إرهاب الإمبراطور، ويوظف كل إرهاب إذا كان في مصلحته، وينسق معه ويطلقه من أقفاصه.. ودائماً هو متعجرف يرى أنه يحقق خدمة بشرية وإنسانية، لا سيما في سياساته وأهدافه وبرامجه لخدمة مصالح حليفته إسرائيل وإرهابها ومتطرفيها وعنصرييها؟!.. هذا نفاق نعم، هذه ازدواجية معايير مخجلة نعم، هذا وجه وقناع.. نعم.. ولكنه أيضاً تضارب وتناقض وتضاد في العمق الأخلاقي للشخصية ينم عن عنصرية واستباحة مطلقة لكل العقائد ولحقوق الشعوب وللقيم والأساليب والأدوات التي توصله إلى ما يريد، على الطريقة الميكيافلية بل الأبعد والأقذر والأشنع منها. والطامة الكبرى أن هذه السياسات المجنونة أو المجرمة بالأحرى، تدفع أصحابها إلى الكلام المستمر عن حقوق الإنسان والحرية والقيم ونبذ الكراهية.. وما أظن ذلك سوى أقنعة يعي من يضعها على وجهه ماذا يفعل ولماذا يفعل!؟. ويبدو أن هناك فهماً عجيباً لدى الأميركيين لمواقفهم ومماراساتهم وانحيازهم وسياساتهم التي تتنافى مع العادل والحقاني والأخلاقي والإنساني، بالمفهوم العلمي والمنهجي للأخلاقي والعادل والسليم من تلك المفاهيم؟ إن تصرفات أشخاص من نوع سام باسيل والقس جونز وجورج بوش الإبن وضباط غوانتانمو وأبو غريب.. و.. و.. إلخ، تنم عن تركيب ثقافي وعقائدي واجتماعي عجيب وغريب، لا تلبث أن تزول غرابته وعُجبته عندما نستعيد تاريخ نشأة الولايات المتحدة الأميركية التي قامت على إبادة الهنود الحمر واستعباد الأفارقة والتمييز العنصري والعدوان الصارخ باستخدام الأسلحة الذرية واليكمياوية وكل ما هو محرم من أساليب وأسلحة في القوانين والشرائع البشرية.. وعليه فإن من يرفع نفسه منهم قدوة هو المجرم الذي لا يصلح إلا أن يكون آخر التابعين، لا سيما في المجالين الأخلاقي والإنساني.

لن يتأثر الإسلام، ولا رسول الإسلام بما يفعلون، ولن تتأثير قيم المسلمين وأخلاقهم بأفعال وأعمال تبلغ الدرك الأسفل من الانحطاط، ولن يثنيه عن مساره أشخاص يأكلهم الحق ويعشش فيهم الجهل وينشرون الكراهية وتسيِّرهم العنصرية البغيضة والكراهية للآخرين والغطرسة البشعة.. ومن المؤكد أنه لن يصبح القتلة والمنحلون والمجرمون قدوة إلا في مجتمع يرفع المجرم قدوة.. وسيبقى محمد بن عبد الله " ص"، رسول الرحمة، وذو الخلق العظيم، والمقام الرفيع، أعظم الرسل وخاتم النبيين، والقوة الإنسانية الرفيعة المؤثرة في ملايين ملايين الناس، وخير قدوة للناس.. وسيبقى الملسمون على قيمهم وتعاليم دينهم الحنيف، يرددون قول الله تعالى ويعملون به: ﭽ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﭼ البقرة: ٢٨٥ - صدق الله العظيم.