خبر إخفاق فياض -هآرتس

الساعة 02:50 م|13 سبتمبر 2012

ترجمة خاصة

إخفاق فياض -هآرتس

بقلم: آري شبيط

(المضمون: كان تولي سلام فياض رئاسة الوزراء الفلسطينية أملا أضاعته اسرائيل بأنها لم تُتم سلاما معه يفضي الى تقاسم البلاد - المصدر).

كانت الأنباء التي صدرت عن الشرق الاوسط في السنين الاخيرة أنباءا سيئة في الأكثر، فقد سيطرت حماس على قطاع غزة، وسيطر الاخوان المسلمون على مصر، وتحولت تركيا الى قوة عثمانية جديدة عدوانية. وتم قمع التمرد الايراني وجُر العراق الى مجال التأثير الشيعي وأصبحت سوريا مذبحا مخيفا. بل انه في ليبيا التي أثارت أملا وقتا ما، قُتل أمس السفير الامريكي.

في أكثر أجزاء العالم العربي أصبح التطرف في ارتفاع والاعتدال في انحدار، وأصبح المستقبل يبدو أكثر ظلاما. وبرغم التوقعات التي أثارها الربيع العربي أصبح أكثر الدول في المنطقة أقل استنارة أو أقل استقرارا أو أقل هدوءا مما كانت من قبل.

كانت الامور تبدو مختلفة في بلد واحد فقط. فقد كان مكان واحد فقط في العالم العربي يُنتج في السنين الخمس الاخيرة أنباءا طيبة. فقد رأت الضفة الغربية تحت قيادة سلام فياض منذ 2007 فترة نماء لم يسبق لها مثيل. وقد عاد القانون والنظام الى ما كانا عليه ونما الاقتصاد بنسبة بلغت 10 في المائة كل سنة وانتشر التطبيع النسبي للحياة بالتدريج من رام الله الى الخليل وبيت لحم ونابلس وجنين وقلقيلية وطولكرم. وبعد سني فوضى الانتفاضة الاولى، وسني فساد ياسر عرفات، وسني كابوس الانتفاضة الثانية، ساد نوع ما من الهدوء في نهاية الامر. وتحول المتطرفون الى براغماتيين، وتحول الارهابيون الى أصحاب مشاريع، وعادت روح حب الحياة لتقوم في مركز الحياة. ونجح رئيس الوزراء الفلسطيني في ان يُحدث في الضفة الغربية معجزة اقتصادية ذات معان بعيدة المدى.

لم تكن أهمية مشروع فياض اقتصادية فقط ولم تكن نقطية فقط. فلم يحظ الفلسطينيون طول تاريخهم بزعامة وطنية أحسنت اليهم وحسنت حياتهم، فلم يهتم الحاج أمين الحسيني ولا احمد الشقيري ولا عرفات بالرفاه اليومي لأبناء شعبهم. وقد ناضلت حركتهم التحريرية البريطانيين والصهاينة والاسرائيليين بقوة لكنها لم تهتم بالفلسطينيين أنفسهم ولم تعمل من اجل جهاز التربية وجهاز الصحة ولم تبنِ بنى تحتية أساسية تُمكّن من العيش بكرامة.

وغيّر فياض ذلك. فقد أصبح الاقتصادي المولود في الضفة والذي تربى في تكساس وترعرع في صندوق النقد الدولي، أصبح الزعيم الفلسطيني الاول الذي يلتزم بالبناء والنماء. ولم يتخلَ عن أي هدف وطني لكنه أراد التوصل الى الهدف بتعظيم الحياة لا بالتضحية بها.

وهكذا كانت سني فياض الخمس الطيبة سني فرصة ذهبية. فكان يمكن ان نُحادث فياض. وكان يمكن إتمام أعمال مع فياض. وكان يمكن بناء دولة فلسطينية مع فياض.

صحيح ان رئيس وزراء السلطة كان يخضع بصورة رسمية لرافض السلام المحنك الرئيس محمود عباس. ولم تكن له السلطة القانونية أو الاخلاقية للتوقيع على اتفاق سلام. ولم تكن له القوة السياسية المطلوبة ليقود الى مصالحة تاريخية. لكن فياض كان يستطيع ان يكون شريكا مثاليا في مسيرة تدريجية حذرة لتقاسم البلاد. وكان فياض يستطيع ان يكون الشريك الهاديء الذي يتم تسليمه أجزاءا من الضفة الغربية كي يبني فيها كيانا فلسطينيا يطلب السلام. وكان فياض هو الفلسطيني الذي حلمنا به دائما والذي كان يمكن العمل معه بصورة عملية على تحقيق حلم التعايش.

لكن حكومة بنيامين نتنياهو أضاعت الفرصة الذهبية. وبرغم ان نتنياهو تحدث حديثا كثيرا عن السلام الاقتصادي فانه لم يوسع سلام فياض الاقتصادي ليصبح سلاما سياسيا ذا بقاء. وبرغم ان اهود باراك يلتزم بتقسيم البلاد فانه لم يدفع الى الأمام بمسيرة حقيقية لتقاسم البلاد مع فياض. وقد جعل الاسرائيليون طريق البناء والنماء التي عُبدت في رام الله في السنين الاخيرة طريقا بلا مخرج. ولهذا يُحشر فياض الآن أمام أعيننا في الزاوية. وقد يجتاز التمرد عليه وقد لا يجتازه. لكن خفق نور الأمل الذي كان كامنا في المبائي الفلسطيني الأول أخذ يخفت.