خبر صفعة كلينتون - هآرتس

الساعة 02:49 م|13 سبتمبر 2012

ترجمة خاصة

صفعة كلينتون - هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: لا ينبغي للمرء أن يكون خبيرا في اللغة الدبلوماسية الامريكية كي يفهم الى ماذا والى من موجهة تصريحات الوزيرة. كلام فظ، مباشر، بارد وقاطع هو السبيل الوحيد لحمل دولة مصابة بعلة السمع أن تفهم ماذا يراد منها – المصدر).

القصة عتيقة. وهي تروي عن طفل صرخ على أرضة السوبرماركت فأثار حتى اليأس اعصاب أمه وأعصاب المشترين. إلى أن جاء اليه الحارس وهمس شيئا في اذنه، وللعجب، اغلق الطفل فمه فورا. "ماذا قلت له؟"، سألت الام والمشترين حتى يتعلموا السحر. فشرح الحارس قائلا: "ببساطة، همست له بانه اذا لم يغلق فمه، ولكن فورا، فانه سيتلقى صفعة تحطم له وجهه".

هيلاري كلينتون لم تهمس هذا الاسبوع. فقد وجهت صفعة، كانت مرتقبة منذ زمن بعيد. "لا نضع جداول زمنية لايران"، أعلنت في مقابلة مع "بلومبرغ"، "نحن نقدر بان المفاوضات مع ايران هي السبيل الافضل لمنع ايران من تطوير سلاح نووي". لا ينبغي للمرء أن يكون خبيرا في اللغة الدبلوماسية الامريكية كي يفهم الى ماذا والى من موجهة تصريحات الوزيرة. كلام فظ، مباشر، بارد وقاطع هو السبيل الوحيد لحمل دولة مصابة بعلة السمع أن تفهم ماذا يراد منها.

كلينتون لم توجه أقوالها الى طهران، بل الى بنيامين نتنياهو. وتقصد: "اسرائيل لن تضع اي انذار نهائي للولايات المتحدة وهي لن تملي على واشنطن خطوطا حمراء أو زرقاء. حان الوقت، اوضحت كلينتون، لان تستوعب اسرائيل حقيقة أن للولايات المتحدة توجد أيضا سياسة مستقلة، مصلحة خاصة بها وجدول زمني، لشدة العجب، لا يتقرر في القدس.

نتنياهو لا ينبغي له أن يسأم. فهو الذي نجح فوق التصور في جعل النزاع مع ايران موضوعا اسرائيليا – ايرانيا، بدلا من أن يكون تهديد عالمي. فالجهود الدولية الهائلة لتجميد التأييد للعقوبات الشديدة للغاية التي لم يسبق لها أن فرضت على اي دولة، تساوي في نظره قشرة الثوم.

واذا كان هكذا، توضيح كلينتون، فلتتفضل اسرائيل وتقاتل حربها الخاصة مع ايران بنفسها، الولايات المتحدة لن تكون شريكا، حاليا على الاقل، في هذه السخافة. الولايات المتحدة، كما تحسم، لم تستنفد الاجراء الدبلوماسي، بل وهي تؤمن به.

اذاً ما الذي يقصده براك اوباما حين يقول ان الولايات المتحدة ملتزمة بأمن اسرائيل؟ فاذا كانت حتى غير مستعدة لان ترسم خطوطا حمراء، فاين الضمان في أن يطلق طائراته في الزمن الصحيح؟ وما هو على الاطلاق "الزمن الصحيح" دون نقاط زمنية محددة؟

الخلاف بين اسرائيل وواشنطن اعمق بكثير من مسألة تحديد الموعد المناسب للهجوم. أقوال كلينتون توضح بان الدولتين بعيدتان أيضا من حيث فهم التهديد الايراني. وهي على ما يبدو تقصد حقيقة أن واشنطن لا تؤمن بان في نية ايران تطوير سلاح نووي أيضا. في أقصى الاحوال تتبنى كلينتون النهج الذي يقول ان تخصيب اليورانيوم الى 20 في المائة هو مؤشر على  النية وليس على الفعل. وكما تقول كلينتون، "نحن نفحص بعناية ما يفعله الايرانيون، لان الاهتمام كان دوما ما يفعلوه وليس ما يقولوه".

هنا بالضبط تصاغ المعادلة الامريكية لمسألة الضمانة لامن اسرائيل. الولايات المتحدة تسعى الى حماية اسرائيل من نفسها، وللدقة من رئيس وزرائها. فهي لا تشتري التقديرات الاسرائيلية عن عدد الضحايا القليل نسبيا والذي تحاول الحكومة تسويقه، وهي تقدر بان اسرائيل لن تنجح في وقف البرنامج النووي الايراني، والاخطر من ذلك فان الهجوم على ايران سيصعد فقط قناعتها الذاتية في الحصول على سلاح نووي. وهي تتوقع معركة عنيفة في الشرق الاوسط، تكون اسرائيل فيها هي الهدف الاساس، وما يفزع واشنطن على نحو خاص هو أنها ستضطر الى القتال نيابة عن اسرائيل في هذه الحرب.

لقد نسي نتنياهو على ما يبدو أن الولايات المتحدة ليست مستعمرة اسرائيلية. اسرائيل هي المتعلقة بالولايات المتحدة، التي أخذت على عاتقها دور السيد رغم الثمن الهائل الذي تدفعه لقاء ذلك. الخلاف على التهديد الايراني من شأنه أن يقوض البنية التحتية لهذه العلاقات. الحارسة الامريكية في السوبرماركت تأمل في أن تكون صرختها على نتنياهو تكفي. وماذا اذا لم تكن تكفي؟ وماذا اذا ما صعد رغم ذلك النابليون لديه الى رأسه؟