خبر حظ من السماء -يديعوت

الساعة 09:59 ص|11 سبتمبر 2012

بقلم: رونين بيرغمن

        (المضمون: كان لاسرائيل الحظ من السماء في أن تكتشف ما يجريه السوريون بسرية مطلقة من اعداد لقنبلة نووية. فبادرت الى تدمير المفاعل بضوء أخضر صامت من أمريكا - المصدر).

        إذاً  كيف عرفت اسرائيل أن سوريا تحاول تطوير سلاح نووي؟ هل كان هذا في عملية اقتحام ذكية الى غرفة في فندق فاخر في لندن حين أشغلت عميلة ممتلئة في البار موظفا سوريا كبيرا بينما سحب زملاؤها مضمون القرص الصلب خاصته، كما كتب كبيرا مراسلي "دير شبيغل" أريك بولاط وهولغر شتارك؟ أم ربما في اقتحام لمنزل رئيس الوكالة السورية للطاقة الذرية الذي جاء الى فيينا لعقد مداولات في مؤسسات الامم المتحدة كما نشر أمس دافيد هكوفسكي في "نيويوركر"؟

        مهما يكن من أمر، واضح انه كان لاسرائيل حظ من السماء. وحسب المنشورات، فان الاقتحام الذي وقع في بداية 2007، ولا يهم اي الروايتين هي الصحيحة، كشف لمقاتلي الموساد ومن خلالهم لقادة الدولة حقيقة أنه على مدى فترة طويلة يبني علماء وفنيون من كوريا الشمالية مفاعلا نوويا في دير الزور. وأحدث الكشف حرجا غير قليل. فكثيرون في الاستخبارات الاسرائيلية اعتقدوا بانه لا يحتمل تطور جدي في سوريا دون أن تعرف به اسرائيل. الرئيس الاسد هو الاخر آمن بأن الاستخبارات الاسرائيلية تعرف كل شيء عما يجري في بلاده ("في كل مرة يتصل فيها محمد بمصطفى، فان ميشلا يتنصت"، على حد قول واحد من الضالعين في الموضوع). ولهذا فقد اتخذت وسائل متطرفة لحصر العارفين بالمشروع. وكانت إقامة المفاعل سرية لدرجة أن حتى رئيس الاركان السوري علي حبيب لم يعرف بها.

        في نظرة اولى يبدو أن الكشف جاء متأخرا جدا. فالصور التي جمعت التقطت قبل سنة وثلاثة اشهر من ذلك، وهكذا فان المشروع كان على ما يبدو في وضع اكثر تقدما بكثير حين علم بوجوده. اللحظة التي بلغ فيها رئيس الموساد رئيس الوزراء بالكشف، هكذا حسب المنشورات، سيصفها لاحقا احد مقربي اولمرت بكلمات: "شعرنا وكأن السماء تسقط لنا على الرأس". وكان التخوف المركزي لدى أصحاب القرار في اسرائيل ليس من استخدام سوري لسلاح نووي، بل مجرد وجود مثل هذا السلاح في يد العدو المركزي لاسرائيل.

        تقرير مكوفسكي في "نيويوركر" يصف الجهد الاستخباري المركز الذي بذلته الولايات المتحدة واسرائيل للحصول على المعلومات، بل والخطر الشديد في ارسل مقاتلي وحدة مختارة لجمع عينات من أجل الحصول على صورة أوضح في اي مرحلة توجد فيه عملية اقامة المفاعل. واثبتت النتائج بان الحديث يدور عن مفاعل يشبه جدا المفاعل الكوري الشمالي، المخصص لهدف واحد: انتاج قنبلة نووية مع لُباب بلوتونيوم.

        وحسب النشر في "نيويوركر" لم يكن خلاف بين الولايات المتحدة واسرائيل حول معنى المعلومات، ولكن واشنطن امتنعت عن اتخاذ القرار الذي أملت اسرائيل في ان تتخذه: ان تدمر بنفسها المنشأة. في اسرائيل وفي الولايات المتحدة خشوا من أن يؤدي القصف الاسرائيلي الى حرب شاملة مع سوريا، ولكنهم قدروا بانه اذا فعل الامريكيون ذلك، فسيمتنع الاسد عن الرد. وكان نائب الرئيس تشيني مؤيدا. اما وزيرة الخارجية رايس فقد أقنعت بوش بان يدع ذلك. قبل نحو سنتين كشفنا هنا النقاب عن البقية السرية التي بعثت بها رايس الى عدد من سفرائها خلف البحار بعد القصف قالت فيه ان الولايات المتحدة لم تأذن لاسرائيل بالهجوم – ولكنها تفهمت هذه الخطوة. عمليا اعطى الامريكيون اسرائيل ضوء أخضر بالصمت.

        على هامش الامور من المهم أن نذكر بان "يديعوت احرونوت" تحاول منذ زمن ما نشر تفاصيل عديدة عن القضية، ولكن الرقابة العسكرية منعتها المرة تلو الاخرى. اما الان فيمكن للرقابة أن تفحص اذا كان نشر هذه التفاصيل، بل وفي وسيلة اعلام اعتبارية مثل "نيويوركر"، قد ألحق بالفعل الضرر الذي توقع ان يلحقه.