خبر الدولتان؟ تفضلوا -ديعوت

الساعة 10:23 ص|10 سبتمبر 2012

الدولتان؟ تفضلوا -ديعوت

بقلم: اليكيم هعتسني

مع ادراك ان حلم "الدولتين" قد طُوي، يرمي نيرون بندونستي في كتابه الجديد "حلم ابن البلاد الابيض" تحديا عند أقدام مؤيدي ارض اسرائيل الكاملة يقول لنرَ الآن كيف تأكلون العصيدة الثنائية القومية التي طبختموها. بيد ان هذه الايام التي هي ايام انتقاض البنية الاستعمارية القديمة في الشرق الاوسط، تُمكّن من الجواب عن هذا السؤال بصورة أسهل.

لم يعد قط في أي مكان شعب الى وطنه القديم بعد غياب آلاف السنين، وأثار ردا على ذلك بين السكان الذين وجدهم في ذلك المكان وعيا قوميا خاصا بهم مع صدام دامٍ يزيد عمره على 150 سنة تقريبا. لكن لماذا تعقدت "المشكلة الفلسطينية" بهذا القدر؟ بسبب تقاسم البلاد. ففي البداية وعدت القوى الكبرى في مؤتمر سان ريمو في سنة 1920 بأن تكون ارض اسرائيل الشرقية والغربية معا للشعب اليهودي بأن تكون "بيته القومي"، والى ذلك لم تعترف عصبة الأمم بأي شعب آخر في هذه المنطقة في كتاب الانتداب الذي منحته للبريطانيين في 1922. وسُمي عرب هذا المكان "طوائف" أو "مجموعات"، وضُمنت لهم حقوق دينية ومدنية لا قومية.

بعد ذلك قُسمت البلاد فاقتطعوا من الوطن القومي اليهودي ثلاثة أرباع كي تكون وطنا قوميا لعرب ارض اسرائيل الذين ارتدوا شخصية قومية جديدة "فلسطينية". لكن لم يحدث ذلك. فقد قام في الاردن كيان سياسي مستقل، "اردني"، في حين ما يزال "الشعب الفلسطيني" الجديد يطلب لنفسه غربي الاردن، أي ذلك الربع الذي بقي للشعب اليهودي، وكانت النتيجة ان اقترحت الامم المتحدة في 1947 تقسيما آخر غير ممكن، ومنذ ذلك الحين لم يكف اليهود والعرب عن النزف.  وسيبقون ينزفون ما لم تُتح لهم مرة اخرى المنطقة الأصلية عن ضفتي الاردن كي ينشئوا فيها هذه المرة "دولتين للشعبين".

كانت هذه الفكرة تبدو حتى الفترة الاخيرة هاذية. واليوم حينما تنتقض دول المنطقة الثلاث التي انشأها الاستعمار وهي العراق وسوريا ولبنان الى مركباتها وبدأت صدوع تظهر في الاردن ايضا، لا تبدو هذه الفكرة داحضة كثيرا. فـ "الفلسطينيون" أكثرية غالبة في المملكة الاردنية، وتقرير مصيرهم سيفضي الى مفارقة "دولتين لشعب (فلسطيني) واحد"، واحدة شرقي الاردني وواحدة غربيه. وليس الامر كذلك، فشرقي الاردن هو الوطن القومي للفلسطينيين جميعا وغربيه هو الوطن القومي لليهود الذي سيشمل منطقة حكم ذاتي للعرب الذين يسكنون المنطقتين أ و ب. سيكون لهم حكم داخلي في اطار سيادة اسرائيلية عليا يتمتعون بها  مع جنسية في فلسطين وراء النهر. فهنا سيقترعون لنظام الحكم الذاتي وفي عمان لاطارهم القومي.

ليس الخط الاخضر وحدود اوسلو مقدسة. فأم الفحم مثلا يمكنها في مجال السيادة الاسرائيلية ان تكون مشمولة في الحكم الذاتي في حين ان المنطقة ج التي تشمل الغور وصحراء يهودا والمستوطنات تُخرَج من مساحة الحكم الذاتي مع نحو من 50 ألفا من سكانها العرب، ويكون عرب القدس في جنوبيها أحرارا في اختيار جنسية اسرائيلية. وعلى كل حال فان خشية ان تتحول الدولة اليهودية الى ثنائية القومية داحضة لأن عرب الحكم الذاتي لن يقترعوا للكنيست.

في وضع مثالي سيحافظ اتفاق سياسي اسرائيلي فلسطيني على الحقوق الأساسية لرعايا فلسطين من مواطني الحكم الذاتي. وعلى كل حال فان هذه التسوية لا تظلم عرب يهودا والسامرة لأنهم سيأكلون عن مائدتين، وهكذا فان الحلم المثالي بدولتين للشعبين في ضفتي الاردن أكثر واقعية من الحلم الكاذب بدولتين في داخل المساحة الصغيرة لارض اسرائيل الغربية مع دولة فلسطينية اخرى في الشرق. ولا يجب ان يتحقق فورا لأن عرب يهودا والسامرة حتى في الوضع الموجود الآن يتمتعون بحكم ذاتي واسع، فهناك مجلس شعب وحكومة وقوات مسلحة وعلم ونشيد وطني وممثلون دبلوماسيون وادارة ذاتية في كل مجالات الحياة، وفي المقابل تهتم اسرائيل بحاجاتهم في مجالات الأمن والاستيطان الصهيوني. فلا حاجة الى التعجل، فهناك زمن لجعل هذه الاجراءات تنضج. ان الزمن في مصلحتنا بخلاف مخاوف اليسار.