خبر الاندماج أم الانعزال- معاريف

الساعة 09:39 ص|09 سبتمبر 2012

بقلم: روبيك روزنتال

 (المضمون: وطالما لا تصعد من داخل الاسلام قوى قيادة ترغب في الاختلاط حقا وفي اغناء الثقافة الاوروبية بدلا من مكافحتها، فان المستقبل يبدو أسود - المصدر).

        في احتفال التتويج للمؤتمر الديمقراطي بدأوا يتحدثون عن خوليان كاسترو الهسباني كخليفة محتمل لبراك اوباما بعد أربع سنوات. اوباما نفسه يبذل جهودا كبيرة لتقريب الهسبانيين. لا ريب أبدا في أن انتصاره في الانتخابات القادمة سيكون انتصارا لامريكا الجديدة على أمريكا البيضاء والمحافظة. في هذه الانتخابات ايضا ثمة لهذا تأثير شديد، وذلك لان فشل اوباما في ان ينتخب مرة اخرى سيشهد أيضا على فشل امريكا الجديدة في تحدي القديمة.

        ويشير العديد من المحللين الى أن نقطة ضعف الجمهوريين هي في الوصول الى الجمهور الاسود، الهسباني وغيرهم من الأقليات. ولعمل ذلك سيتعين عليهم ان يتحللوا من الافكار ومصادر القوة الاعمق في داخلهم. وسيكون من السذاجة بمكان بل والكذب القول ان الولايات المتحدة، بما في ذلك تلك الخاصة باوباما، هي دولة متساوية في معاملتها مع جماعات المهاجرين غير البيض، وان كان مهاجرو شرق آسيا قد حطموا بضعة أسقف زجاجية.

        ومع ذلك، فان ميل الاندماج فيها يتعزز. فمقابل ذلك يعرض "الله الاسلام"، المسلسل الشائع لتسفي يحزقيلي ودافيد درعي في القناة 10، صورة مختلفة بالنسبة لما يجري في اوروبا. كل من يعرف قليلا عن اوروبا في العقد الماضي يعرف الظواهر التي يتحدث عنها المسلسل. ما يقلق ويشغل البال هو أنها لا تصعد الى مسار الحل والاصلاح بل تتفاقم. فأصدقاء الحياة في فرنسا يدعون بثقة وبألم بأن اوروبا بالفعل ستكون إسلامية في غضون جيل أو إثنين أو على الاقل ستكف عن أن تكون اوروبا المثقفة والحديثة التي نعرفها. وحتى لو كان هذا تخمينا مبالغا فيه، فانه ليس مدحوضا.

        القاسم المشترك بين الولايات المتحدة واوروبا هو هيمنة الرجل الابيض المتآكلة. هذه الظاهرة تخيف الاوروبيين، كما تخيف قسما هاما من الامريكيين. فهي تغير العالم كما عرفناه، وهي ليست بالضرورة موضوعا سيئا. عالم تختلط فيه الاجناس والاديان يمكن له أن يكون اكثر غنىً وثمرا. ولكن الأمر منوط بالرغبة الحقيقية لدى الاطراف في الاختلاط. هذا يحصل بشكل جزئي في الولايات المتحدة ولكنه لا يحصل في اوروبا.

        الحقيقة الحزينة الناشئة عن الفيلم بالنسبة لاوروبا، هي أنه في أوساط المسلمين يتعاظم ميل الانعزال، وثمة في الثقافات الاسلامية المختلفة، وليس فيها كلها، أرضية مريحة لنمو بذور العنف والارهاب. موقفهم من الديمقراطية مختلط. فمن جهة، استقبل الربيع العربي الديمقراطية كنموذج مفضل. بالمقابل، القيادة الاسلامية تعارض مظاهر تفضيل الديمقراطية على أحكام الشريعة. وطالما لا تصعد من داخل الاسلام قوى قيادة ترغب في الاختلاط حقا وفي اغناء الثقافة الاوروبية بدلا من مكافحتها، فان المستقبل يبدو أسود. وبالتالي، فان الجواب على الانعزال ليس بسيطا، وهنا الامريكيون ليسوا نموذجا كافيا، وذلك لان المسلمين في الولايات المتحدة هم أقلية غير كبيرة تختلط بجملة الالوان والاجناس التي تجعل الامة الامريكية. في كل الاحوال، يفترض بالاوروبيين أن يستيقظوا من سبات مجتمع الرفاه في اليوبيل الاخير ليس فقط في الجانب الاقتصادي بل وايضا في المبنى الاجتماعي وأنماط الديمقراطية. الماضي الابيض مات، والان تقف أمام اوروبا القديمة وكذا أمام الزعماء الجدد معضلة صعبة واحدة: الاندماج، حتى وان كانت ذات طابع متعدد الثقافات، أو انعزالية تقضم من شخصية المجتمع وتمزقه.