خبر فُتات معارضة .. هآرتس

الساعة 11:42 ص|07 سبتمبر 2012

 

بقلم: آفي يسسخروف

(المضمون: وإن كان النظام السوري يتفتت ببطء الا ان انقسام المعارضة يوخر سقوطه ويجعله أكثر ايلاما ومستقبل سوريا اكثر غموضا – المصدر).

نجح الجيش السوري الحر في تحقيق سيطرة في معظم أجزاء حلب، المدينة الثانية في حجمها في سوريا والعاصمة الاقتصادية في الدولة. ممثلو المعارضة السورية الذين بشروا بذلك يوم الثلاثاء من هذا الاسبوع، اضافوا بان في حلب لم يعد هناك تواجد بري للجيش السوري النظامي، ولكن القصف من الجو مستمر. وبالفعل، في الغداة نقلت تقارير عن عشرات القتلى في حلب جراء قصف سلاح الجو السوري. اذا كانت الادعاءات بشأن السيطرة على حلب صحيحة، فان المعارضة السورية تكون حققت انجازا غير مسبوق في المعركة ضد بشار الاسد ومؤيديه. معارضو الحاكم، في قوات مشتركة وفي ظل بعض التعاون بينهم، نجحوا في دفع الجيش السوري الى الانسحاب من احدى النقاط الاكثر اهمية لحكم الاسد، بعد العاصمة دمشق مباشرة.

ويعد احتلال حلب مؤشرا هاما على تفتت حكم بشار الاسد والضعف المتواصل للجيش النظامي، الذي لا يزال عدد جنوده أكبر بعدة اضعاف الجيش السوري الحر. وظاهرا على الاقل يعد هذا الانجاز الاكبر حتى من تصفية القيادة العسكرية للدولة في 18 تموز، في انفجار عبوة ناسفة كبيرة في مبنى مجلس الامن القومي في دمشق. وبينما كان قتل مقربي الاسد عملية عصابات كلاسيكية (الرئيس السوري اسماها عملية ارهابية)، فان المعركة على حلب كانت معركة عسكرية بكل معنى الكلمة. يبدو وكأن النصر الذي حققته قوات المعارضة هناك يقصر طريقها نحو دمشق.

ولكن المشاهد الخارجي، الذي يحاول أن يفهم ما الذي يجري حقا في سوريا، يجد صعوبة في أن يعرف من يصدق. فالمعارضة تتشكل من مجموعات عديدة جدا، كل واحدة منها تعمل باسم فكرة خاصة بها او تحقق مصلحة مميزة. مرات عديدة جدا، كانت بلاغات نشرت باسم مجموعة واحدة في مدينة معينة، أسمت نفسها "الجيش السوري الحر" لم تتطابق وادعاءات عصبة مسلحة اخرى، عملت في ذات المدينة بل وفي ذات الحي وعرفت نفسها بذات الاسم.

اضافة الى ذلك، لا يمكن التصديق حتى ولا لهيئة واحدة من جملة هيئات المعارضة. فعدد لا يحصى من المرات نشرت المعارضة تقارير بعد وقت قصير تبين انها كانت غير صحيحة، على أقل تقدير. ولكن النظام في دمشق ايضا لا يمكن تصديقه. فبينما الاسد يحاول اقناع الاسرة الدولية ورعاياه بان أكثر من 25 الف شخص قتلوا بقوة عليا، وليس بنار جنوده، تجتهد المعارضة للايضاح لماذا يوشك الحكم على الانهيار بعد لحظة حقا.

يوم الاثنين، مثلا، ادعى جنرال في الجيش السوري النظام بانه في غضون عشرة ايام سيستعيد النظام السيطرة في حلب. يبدو ان في هذا السياق يقترب معارضو الاسد من الحقيقة أكثر. في كل لحظة يمكن لسيارة متفجرة او اغتيال ما ان يضع حدا لحياة الرئيس السوري، أو على الاقل يقرب نهاية حكمه. بالمقابل، طالما لم تقع حادثة كهذه، يبدو أنه سيواصل ذبح أبناء شعبه. جيش الاسد لا يبدي مؤشرات انهيار. في أقصى الاحوال يشهد تفتتا بطيئا وطويلا.

بلا غطاء

        أحد قادة جيش المعارضة، الجنرال مصطفى الشيخ، قال هذا الاسبوع في مقابلة مع فضائية عربية ان معارضي النظام داخل سوريا يتحدون، بينما في أوساط اولئك العاملين من خارج الدولة يشتد الانقسام. وعلى حد قوله فان كل مجموعة تعمل من خارج سوريا تحث اجندة مختلفة. وبالمقابل، فان قوات المعارضة داخل سوريا آخذة في الاتحاد خلف رؤيا وطنية متجسدة.

        ووصف الشيخ نفسه في المقابلة بانه قائد الجيش السوري الحر. وحتى قبل بضعة اشهر كان يعتبر منافسا للعقيد رياض الاسعد، الذي يحمل هو ايضا لقب قائد الجيش السوري الحر.

        قبل بضعة أشهر كان يخيل أنه تحقق اتحاد تاريخي بين الرجلين. ولكن سرعان ما تبين بان الخلاف في موضوع قيادة الجيش السوري الحر بقي على حاله. وقد سبق للشيخ أن اثبت في الماضي بانه يجب التعاطي بحذر مع تصريحاته وتحليلاته. في بداية شباط من هذا العام قدر في مقابلة مع "الديلي تلغراف" البريطانية بان الجيش النظامي سينهار في غضون شهر. ولكن الجيش النظامي بقي لعدة اشهر اخرى. كما أن الانقسام بين الميليشيات التي تقاتل ضد بشار الاسد بقي على حاله.

        قبل يوم من المقابلة مع الشيخ أعلن العقيد فاتح حسون، عضو الجيش السوري الحر بانه تشكل في حمص مجلس عسكري ثوري. وعلى حد قوله، فان الهيئة الجديدة ستعمل على توحيد كل الالوية العاملة في المدينة تحت اسم الجيش السوري الحر. اعضاء في الجيش السوري الحر سبق ان نشروا في الشهر الماضي بيانا عن اقامة المجلس الثوري الانتقالي في حلب. وكان يفترض بالمجلس ان يوحد نشاط كل الهيئات المسلحة في المدينة. ولكن التوحيد لم يتم في حلب ومشكوك أن يكون ممكنا اخراجه الى حيز التنفيذ في حمص.

        في محاولة لمواجهة الانقسام في صفوفها أعلنت المعارضة أول أمس عن اقامة هيئة جديدة – الجيش الوطني السوري – الذي يفترض أن يوحد كل الجماعات المسلحة العامة ضد الاسد. ولرئاسة الجيش الجديد للمعارضة عين الجنرال محمد حسين الحاج علي. الذي اصبح عمليا "رئيس أركان" معارضي الاسد. في مقابلة نشرت أمس قال الحاج علي لصحيفة "الشرق الاوسط" ان توحيد المعارضة السورية المسلحة في الخارج وفي داخل الدولة تحت قيادة قائد واحد يستهدف منع الحرب الاهلية او الحرب الطائفية، التي يوجد تخوف من أن تقع بعد سقوط النظام.

        تحييد متبادل

ولكن الانقسام داخل المعارضة اكبر بكثير مما يبلغ المراقبون في وسائل الاعلام. فعضو كبير في المعارضة السورية، يسكن في اوروبا قال لـ "هآرتس" ان الخصومة بين جملة الجماعات في اوساط معارضي الاسد تمنع المعارضة من احداث اسقاط اسرع للرئيس. "اسباب ذلك عديدة. في الصراع في سوريا تختلط الكثير جدا من المصالح الاجنبية للدول التي تؤثر على المعارضة. خذ فرنسا مثلا. ليس واضحا اذا كانت باريس تؤيد المعارضة المسلحة أم ضدها. توجد دول تؤيد الجيش السوري الحر. واخرى تقاطعه.

"ومع ذلك، فاني أعدك بان الشعب السوري سينتصر. الثورة آتية آتية، حتى لو كان الثمن ان يصبح كل الشعب عاجزا وتكون الاعدامات جماعية اكثر".

وكان لرجل المعارضة، الذي تحدث مع "هآرتس" هاتفيا قبل وقت غير بعيد علاقات وثيقة مع العقيد رياض الاسعد. وعلى حد قوله فان الجدال بين الاسعد والمجلس السوري الوطني، الهيئة السياسية التي تقود المعارضة ظاهرا، حيد العقيد. "اليوم لم يعد للاسعد قدرة حقيقية على التأثير. فقد عمل المجلس الوطني السوري ضده منذ اللحظة الاولى. فهم لم يستطيبوا فكرة المعارضة المسلحة ووقفوا ضده واتهموه، بل واتهموني أنا ايضا بالخيانة. بعد ذلك انزلوا بالمظلة الشيخ، كيف يضعف الاسعد. كان لهذا تأثير دراماتيكي على قدرة الجيش السوري الحر. خذ مثلا الوضع في حمص. توجد هناك على الاقل أربع كتائب، كل واحدة تعمل على حده ولا توجد مظلة قيادة واحدة يستظل تحتها الجميع".

ويضيف المصدر المعارض بان برهان غليون، الذي كان على رأس المجلس الوطني، يواصل السيطرة عليه. "لديه اليوم عشرين مقعدا في قيادة المجلس ولكل باقي المجموعات يوجد 20 مقعد. وهو لا يمثل احدا غير نفسه. وبالتالي فليس للمجلس الوطني ايضا اي قدرة على التأثير".

لجملة الخصومات بين فصائل المعارضة ينبغي أن يضاف عنصر انضم الى معارضي الاسد في الاشهر الاخيرة: الاسلاميون المتطرفون من مدرسة القاعدة. الالاف منهم يعملون اليوم في سوريا ويقاتلون ضد الجيش النظامي. بعضهم يعمل بالتنسيق مع كتائب معينة في الجيش السوري الحر. مجرد وجودهم يثير التوتر الشديد في اوساط معارضي النظام، الذين جزء منهم على الاقل يرفض فكرة دمج رجال القاعدة في المعارك ضد رجال الاسد.

وعندما يطلب اليه قول رأي في موقف اسرائيل من التطورات في سوريا، يفضل الكبير في المعارضة أخذ جانب الحذر. "موقفكم ليس واضحا. عليكم أن تقرروا اذا كنتم مع نشطاء حقوق الانسان في سوريا وفي كل مكان آخر أم انكم مع الطغاة"، يقول. "ليس للشعب السوري أي مشكلة للعيش بسلام مع اسرائيل اذا اعدتم الجولان. نحن لا نبحث عن حرب وعليه فيمكن الوصول الى اتفاق سلام. نحن نفهم جيدا كيف استغل الدكتاتوريون والحكام في المنطقة النزاع مع اسرائيل لمواصلة السيطرة والمس بحقوق الشعب. ولكن في نهاية الامر عليكم أن تحترمونا وتحترموا احتياجاتنا".