خبر الأكثرية تريد إسراطين قطعا .. هآرتس

الساعة 11:41 ص|07 سبتمبر 2012

 

بقلم: كارلو شتيرنغر

(المضمون: تأييد حل دولة واحدة غربي الاردن تُسمى إسراطين أو عدا ذلك وتشتمل على اليهود والعرب برغم ما سيصاحب نشوءها من صراع طويل بين الشعبين - المصدر).

        أُخليت ميغرون، لكن هذا لن ينقذ حل الدولتين. وقد أُخليت لأنها بُنيت على ارض خاصة لا لأنها كانت واقعة في منطقة مخصصة لأن تكون جزءا من دولة فلسطين في المستقبل. ان عشرات المستوطنات تقف على حالها ويعيش اليوم شرقي الخط الاخضر أكثر من 300 ألف مستوطن من غير ان نشمل شرقي القدس.

        قامت هوية اليسار الاسرائيلي منذ عشرات السنين على التزامه بحل الدولتين. لكن حان وقت النظر الواعي الى الواقع والاعتراف بأننا خسرنا المعركة. وقد كتب سري نسيبة، الفيلسوف الفلسطيني، وهو نشيط السلام ورئيس جامعة القدس، عن ذلك في كتاب نشره في السنة الماضية، ودعا أبناء شعبه الفلسطينيين الى الاعتراف بأن الصدمة الفظيعة التي جربها اليهود طوال التاريخ أصعب من ان تجعلهم يوافقون على التخلي عن السيطرة الأمنية في الضفة الغربية، وأن الدولة الفلسطينية لا تُسوغ استمرار الصراع وسفك الدماء.

        لم أكن مستعدا للاستماع الى هذا في السنة الماضية، لكن لا داعي للاستمرار في إنكار الواقع. فأنا أتخلى عن حل الدولتين لاسباب عقائدية، فهو برغم مساوئه حل منطقي من جهة اخلاقية وسياسية وسكانية. وأنا أتخلى عنه لأنه لا يمكن ان يُنفذ بالفعل.

        يؤيد أكثر اعضاء الاحزاب الاعضاء في ائتلاف بنيامين نتنياهو بصورة واضحة حل الدولة الواحدة، وبقيت تصريحاته المتعلقة بانشاء دولة فلسطينية بمثابة ضريبة شفوية. فأعماله تثبت عكس ذلك. بل ان قادة المعارضة لا يكادون يذكرون حل الدولتين بعد ان علموا ان هذا الذكر يصاحبه خسارة اصوات كثيرة في صناديق الاقتراع.

        ويسود وضع مشابه الجانب الفلسطيني ايضا. فالنخب الفلسطينية تفضل دولة واحدة غربي الاردن، ومكانة محمود عباس ضعيفة ولا نعلم أيقوم بين الفلسطينيين زعيم آخر يؤيد حل الدولتين.

        ولهذا يجب علينا مع ما في ذلك من الأسى ان نفحص عن الخيارات. ان الحلفاء الطبيعيين لليسار هم اعضاء اليمين الذين يؤيدون القيم الجوهرية للديمقراطية الليبرالية، مثل موشيه آرنس ورؤوبين ريفلين، فكلاهما يعتقد انه يجب على اسرائيل ان تضم الضفة وان تمنح الفلسطينيين حقوق مواطنة كاملة لمنع تحولها الى دولة فصل عنصري.

        ينبغي ألا نوهم أنفسنا لأن حل الدولة الواحدة غربي الاردن يثير مشكلات صعبة: فكيف سينجح شعبان تصارعا صراعا مأساويا أكثر من مائة سنة في ادارة دولة واحدة معا؟ ولن يكون لدولة تنشأ غربي الاردن روح جامعة وطنية مشتركة. ويتوقع ان يجري سكانها مدة عشرات السنين صراعا لاحراز تفوق عرقي. وستكون الوسيلة المركزية في هذا الصراع بحسب ما يقول عالم الجغرافيا أرنون سوفير، أرحام النساء. وسيصارع اليهود الفلسطينيين بانجاب أكبر عدد من الاولاد بغرض احراز أكثرية سكانية.

        ومع ذلك قد لا يكون الواقع في دولة واحدة غربي الاردن مختلفا جدا عن الواقع الذي نعيش فيه اليوم. فاسرائيل في حرب ثقافية عن طابعها في المستقبل. ويجري منذ عشرات السنين صراع سكاني بين الجمهور العلماني والجمهور المتدين – القومي والجمهور الحريدي في وقت يعتمد فيه هؤلاء الآخِرون على أنهم سيتحولون بواسطة الانجاب الى أكثرية في الدولة. ويأمل كثيرون منهم لحظة تتحول فيها الديمقراطية الاسرائيلية الى حكم ديني بكامل ما يحمل من معنى. انه لا يوجد منذ زمن بعيد مجتمع اسرائيلي في واقع الامر بل عدة قبائل لا يتصل بعضها ببعض وليست لها قيم مشتركة سوى الأمن. ويسود اسرائيل منذ زمن وضع غير طبيعي توجد فيه اربعة اجهزة تربية مختلفة جنبا الى جنب: علماني وديني – قومي وحريدي وعربي.

        ان حل الدولة الواحدة سيجعل انحلال المجتمع الاسرائيلي الفعلي الى واقع نظري. وسيضطر المجتمع الجديد الى ان يؤدي عمله مثل اتحاد كونفيدرالي والى منح دول اللواء أو المحابس التي سيؤلف منها حقوقا في الحكم الذاتي كبيرة. وسيكون من الواجب علينا ان نفحص فحصا عميقا عن نماذج قائمة كما في سويسرا وكندا وبلجيكا وان نتابع من قريب تقدم الاتحاد الاوروبي في جهوده لانشاء حكم مركزي قوي يؤلف بين ثقافات ولغات مختلفة جدا.

        لست أكتب هذا الكلام فرِحا به ولست أرعى وهم أن الدولة الجديدة إسراطين (أو كما سيُسمونها) ستنشأ بغير مخاض أو صراع طويل. لكن هذا هو القرار الحاسم الذي اتخذه أكثر الجمهور الاسرائيلي بعمله واقتراعه في صناديق الاقتراع والذي قاد اليه الفلسطينيون بسلسلة أخطاء تاريخية صنعوها. فعلينا ان نستخرج الحلاوة من الشوك.