خبر تحت اطارات الحافلة .. هآرتس

الساعة 11:39 ص|07 سبتمبر 2012


بقلم: أري شبيط

        (المضمون: كان يجب على الرئيس الامريكي اوباما ورئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو ان يعملا معا على مواجهة الخطر الايراني لا ان يتشاجرا ليفشلا آخر الامر وتسوء سمعتهما في التاريخ - المصدر).

        يقول ميت رومني ان براك اوباما طرح اسرائيل تحت اطارات الحافلة. ورومني مخطيء. فقد طرح اوباما اوباما تحت اطارات الحافلة. ولماذا؟ لأن رئيس الولايات المتحدة المنتخب واجه في 2009 تحديا واضحا وهو وقف برنامج ايران الذري من غير هجوم على ايران.

        لم يكن اوباما يستطيع من جهة ان يسمح لنفسه بأن تكون ايران ذرية. فايران الذرية تعني ان يصبح الشرق الاوسط ذريا والعالم ذريا وتعني الفوضى الدولية. ولم يكن اوباما يستطيع السماح لنفسه من جهة اخرى بحرب ايران. فعلى حسب تصوره العام واذا أُخذت في الحسبان صدمتا افغانستان والعراق، فان المواجهة المسلحة مع القوة الشيعية الكبيرة لا تؤخذ في الحسبان ببساطة.

        لهذا كان يجب على اوباما في أول ربع له في البيت الابيض ان يناضل السرطان الايراني بالعلاج الكيميائي: بالحصار السياسي الاقتصادي القوي والعقوبات التي تصيب بالشلل. لكن اوباما لم يفعل ذلك بل حاول ان يعالج السرطان بعلاج انساني أسماه التحادث، وأوصى في نفس الوقت بدروس يوغا وغذاء طبيعي وفصول من المزامير.

        وحينما غير الرئيس نهجه في نهاية الامر كان ما يزال يعمل في حذر شديد وبطء مفرط. ولما كان لم يشأ ان ترتفع اسعار النفط ارتفاعا كبيرا قبل انتخابات 2012 امتنع عن دخول مواجهة غير عسكرية كاملة مع ايران. وقد كشفت عن نتيجة الاخفاق صورة "ام.آر.آي" التي عرضتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الاسبوع الماضي وأظهرت الورم السرطاني للذرة الايرانية قد انتشر ومد توابعه في كل اتجاه.

        يبدو الآن ان العلاج الكيميائي لن يكون كافيا، والخيار الذي تواجهه الولايات المتحدة الآن هو بالضبط الخيار الذي كان يفترض ان تمتنع عنه وهو إما القنبلة الذرية وإما القصف. وإما الاستسلام المطلق للسرطان وإما مواجهة السرطان بجراحة عنيفة مشحونة بالأخطار يصاحبها سفك دماء.

        يعتقد بنيامين نتنياهو ان اوباما طرحه تحت اطارات الحافلة. ونتنياهو مخطيء. فنتنياهو هو الذي طرح نتنياهو تحت اطارات الحافلة. ولماذا؟ لأن رئيس الوزراء الاسرائيلي المنتخب واجهه في 2009 تحد واضح وهو وقف البرنامج الذري الايراني بتعاون وثيق مع الولايات المتحدة.

        فهم نتنياهو من جهة التحدي الايراني أفضل كثيرا من كل سياسي آخر في العالم، ونتنياهو من جهة اخرى يعرف الولايات المتحدة أفضل من كل زعيم آخر في اسرائيل. ولهذا كان نتنياهو هو الرجل المناسب في المكان المناسب وفي الوقت المناسب. وكان يستطيع ان يقلب العوالم ليعقد حلفا امريكيا اسرائيليا وثيقا في مواجهة ايران. لكن عند نتنياهو نقطتا ضعف هما الشك والشُح. ويؤدي الشك الى ان يُدفع مرة بعد اخرى الى ليّ يد الخصوم بدل بناء علاقات ثقة مع الشركاء. ويؤدي الشُح الى ألا يكون قادرا على دفع دفعات قليلة ليشتري ممتلكات حيوية، فهو لا يعرف كيف يضحي بجنود الشطرنج لحماية الملك.

        لهذا لم يدفع نتنياهو المستوطنات ثمنا ليوقف آلات الطرد المركزي. ولهذا لم يبنِ شرعية دولية لاسرائيل. ولم يجد رئيس الوزراء طريقا الى قلب رئيس الولايات المتحدة بل جعل نفسه كريها اليه. وأفضى الى ألا تكون ايران تُرى الآن أنها تهدد سلام العالم بل اسرائيل. وأفضى الى ان تكون علاقة امريكا باسرائيل في هذا الوقت الحاسم الذي لا مثيل له في ذلك في حضيض لم يسبق له مثيل.

        بين اوباما ونتنياهو القليل جدا من المشترك. فاوباما هو رئيس قوة من القوى العظمى الشمالية، امريكية. ونتنياهو ورئيس الوزراء لدولة صغيرة في الشرق الاوسط. واوباما ليبرالي يحاول ان يجعل امريكا مثل فرنسا، ونتنياهو محافظ يحلم بجعل اسرائيل كامريكا. ومع كل ذلك يقف اوباما ونتنياهو الآن أمام فشل مشترك. فاذا لم يصحوا قريبا فسيُكتبان في التاريخ بأنهما تشاجرا كطفلين بدل ان يعملا معا لمواجهة خطر مشترك. وقد يُداسان آخر الامر تحت اطارات الحافلة نفسها.