خبر معركة بورودينو في خدمة بوتين .. اسرائيل اليوم

الساعة 11:39 ص|07 سبتمبر 2012


بقلم: يعقوب أحيمئير

        (المضمون: استغل بوتين الاحتفاء بذكرى واقعة بورودينو التي وقعت قبل 200 سنة مع جيش نابليون لتعزيز مكانته الشخصية وتحصين مكانة روسيا في الداخل والخارج - المصدر).

        لا ترمي الانتصارات في الحروب الى الدفاع عن الوطن، كل وطن فقط. لأن الانتصار في المعركة يُستغل على مر الايام وعلى مر الحقب احيانا لتحصين ظروف الحاضر وتقويتها، ولتقوية روح الأمة ولا سيما اذا كانت منقسمة الى فصائل عرقية أو منقسمة من جهة عقائدية. ستحل غدا ذكرى مرور 200 سنة على معركة حاسمة يلاحظ تأثيرها في الأمة الى اليوم. وهي معركة بورودينو التي انتصرت فيها جيوش نابليون التي غزت روسيا على الجيوش الروسية بقيادة ميخائيل كوتوزوف. لكن انتصار نابليون كان انتصار تقهقر، فقد كان علامة على بدء التقهقر الفرنسي الكبير عن ارض روسيا حتى بعد ان احتلوا موسكو.

        ان بورودينو، وهي قرية تبعد بضع عشرات كيلومترات عن موسكو، هي اليوم رمز يستغله الرئيس بوتين لتعزيز مكانته في نظر شعبه كما هي عادة القادة. ان سلطة بوتين تحتاج في هذه الايام الى تعزيز حيال المعارضة على اختلاف فصائلها لقيادته المتسلطة. ان تذكر مرور 200 سنة على المعركة في السابع من ايلول 1812 أتاح لبوتين الساحة المناسبة للدعوة الى وحدة الأمة في اطار مراسم ذكرى عشرات آلاف الضحايا الروس الذين حاربوا آنذاك في ميدان بورودينو.

        تتحول معارضة بوتين على مر الايام الى معارضة ظاهرة. والواقعة الاخيرة التي حظيت بتنديد عالمي تقريبا هي الحكم بسنتي سجن على ثلاث عضوات فرقة "بوسي ريوت"، اللاتي وجهن انتقادا لسلطة بوتين في كاتدرائية موسكو المركزية. هناك معارضة ذات صبغة مختلفة تصدع سلامة الارض الروسية وهي الغليان الاسلامي الطاغي في شمال القفقاس الذي قد ينتشر ايضا في مناطق اخرى من الدولة بواسطة الأقلية المسلمة في روسيا.

        لم يدعُ بوتين في المراسم قبل بضعة ايام في بورودينو الى تذكر المقاتلين الروس الذي بذلوا مهجاتهم فقط بل دعا الى استغلال هذه الذكرى من اجل وحدة أكبر بين الأمم والدول. وكان من المفاجيء شيئا ما ان نسمع هذا على لسان بوتين الذي لا تُظهر روسيا التي يقودها في مجلس الامن التضامن مع سائر اعضاء المجلس. لكن لا يمكن ألا نُجل تضحية روسيا بالمواطنين والجنود في حروبها لا في بورودينو فقط قبل 200 سنة. ويدل على ذلك مراسم الذكرى البارزة التي تُتمها روسيا من اجل تضحيتها الضخمة لانقاذ اوروبا من النازيين في "الحرب الوطنية" الكبرى كما تُسمى مشاركة روسيا العظيمة في الحرب العالمية الثانية.

        أثمرت معركة بورودينو ايضا عملا فنيا من الاعمال الفنية المهمة جدا هو رواية "الحرب والسلام" لـ تولوستوي. وتستغل قيادة روسيا الحالية التي سبقتها وجوه الحرب الكثيرة للحفاظ على مكانتها في جميع الجوانب وللحفاظ على الدولة الروسية الكبيرة. وقد أرسلت العدوة السابقة فرنسا الى المراسم ذاك الذي كان رئيسها، جيسكار دي ستان، وأسهمت بذلك في المصالحة بين القوتين الكبيرتين وهي مصالحة أن تكون شعورية أكثر من ان تكون عملية أو تاريخية.

        استُغلت ساحة بورودينو هذا الاسبوع لا من اجل تحصين مكانة بوتين الزعيم بل من اجل تحصين روسيا باعتبارها قائدة في اوروبا.