خبر كليشيهات وأكاذيب في بريتوريا .. يديعوت

الساعة 11:38 ص|07 سبتمبر 2012

بقلم: يوسي شاين - بريتوريا

        (المضمون: يجب على اسرائيل ان تضع لنفسها ضوابط وان تعمل على تحقيق حل دولتين للشعبين كي لا يقوى التنديد بها والتشهير بسبب ما يُزعم من ممارستها للفصل العنصري - المصدر).

        يُرى النضال الفلسطيني للاحتلال الاسرائيلي في أروقة الحكم وفي وسائل الاعلام في جنوب افريقية انه استمرار مباشر لنضال التمييز العنصري في حين تُعرض اسرائيل هناك على أنها دولة عنصرية. وقد شاهدت هذا الاسبوع الأثر المدمر لخطابة الفصل العنصري حينما شاركت في مؤتمر نظمه المركز الافريقي – الشرق اوسطي في بريتوريا، عاصمة جنوب افريقية.

        أسس المدير العام السابق لقناة "الجزيرة" الفلسطيني، وضاح خنفر، المركز في يوهانسبورغ في 1998، والمركز اليوم ذو حضور مؤثر في وسائل الاعلام وفي السياسة في جنوب افريقية. كان خنفر المتحدث المركزي في المؤتمر والى جانبه وزراء من جنوب افريقية ونحو من 200 نشيط من العاملين في الادارة والباحثين العرب والمسلمين من أنحاء المعمورة كلها.

        خُصص النقاش هذه السنة للثورات وتغيير نظم الحكم في العالم العربي. وقد حضر نشطاء من المعارضة السورية حاولوا – بلا نجاح – الحصول على عطف على نضالهم، ومناضلة حرية شيعية شابة مؤثرة من البحرين تحدثت في شجاعة عن تلاعب السلطات بالقضية الفلسطينية من اجل القمع العنيف للمتظاهرين الشيعة في بلدها. وكان ايضا قادة اسلاميون كثيرون وقليل من "العلمانيين" من تونس والجزائر وليبيا. وبرز بروزا خاصا ممثلو "أبطال ميدان التحرير" وناس الرئيس مرسي – البطل العربي والاسلامي الجديد. وعُرضت ديمقراطية الاخوان المسلمين على أنها المستقبل السياسي للشرق الاوسط.

        كان من الصعب بالطبع ان نجد قاسما مشتركا بين الشيعة والسنة، وبين من جاءوا من شمال افريقية وجنوبها، وبين الاسلاميين والحداثيين، لكن الصيغة المُخلِّصة وهي التنديد بالصهيونية واسرائيل باعتبارها دولة فصل عنصري أنقذت الوضع. وقد دعا وزراء كبار من جنوب افريقية منهم نائب وزير الخارجية الى مقاطعة اسرائيل، وكرر المتحدثون العرب شعار "الكيان الصهيوني العنصري". وقد أعظم الصنع مؤيدوهم البيض المتطرفون ولا سيما يهود محليين وامريكيين هاجموا اسرائيل بكلام مسموم يزيد حتى على ما حدده المتحدثون الآخرون من سقف.

        واختفت سريعا مسائل المؤتمر المركزية المتعلقة بالاسلام والربيع العربي وسيطرت خطابة "الكارثة الصهيونية". واتفق أكثر المتحدثين على أنه لا مكان لفكرة "دولتين للشعبين" وتحدثوا في حماسة عن ضرورة انشاء دولة واحدة مشتركة – مثل جنوب افريقية تُنهي "الفكرة العنصرية" للصهيونية. وتبنى المندوب الفلسطيني موسى صالح الذي رفض الجلوس الى جانبي نهجا خطابيا متحمسا يؤلف بين الاسلام والقومية العربية كالتي كانت في ستينيات القرن الماضي.

        ان نظرية "دولة جميع مواطنيها" التي سيطرت على النقاش في المؤتمر حصلت على تعزيز بنشرات المركز في ما كتب باحثون اسرائيليون يؤيدون ما بعد الصهيونية كانوا هم الزينة الاكاديمية الرئيسة للمؤتمر.

        شعرت بضيق حقيقي حينما صعدت لأتكلم، فقد حاولت ان أواجه الكليشيهات والأكاذيب أمام جمهور مُعاد لكن مضجعي أقض عليّ بسبب الشعور القاسي بالفشل الاسرائيلي المستمر في فصل قضية الاحتلال عن خطاب الشرق الاوسط الجديد.

        من الواضح ان عداوة اسرائيل في العالم الاسلامي عميقة وجذرية. وليس الامر كذلك في جنوب افريقية حيث تبين لي ايضا مؤيدون كبار بين السود لمواقف رئيسة. لكن عدم وجود أفق سياسي وعمل حثيث لتحقيق مبدأ "دولتين للشعبين" هو برميل البارود الاسرائيلي وقوة الانفجار المركزية لخطابة الفصل العنصري المعادية للصهيونية التي سيطرت على العالم العام والاكاديمي في افريقية وفي اماكن اخرى.

        ان معادي السامية موجودون دائما لكن من أراد ان يسيطر الى الأبد على ملايين الناس من غير حقوق مواطنة ويُعلم العالم بذلك بواسطة مشروع الاستيطان، يقدم بذلك مساعدة حقيقية الى كل "مُحبينا"، على هيئة الكلام الذي وجدته في بريتوريا. اذا لم تنصب اسرائيل نفسها على أنها نموذج اخلاقي لدولة تحترم أقلياتها وهي نور للأغيار في قضايا حقوق المواطن والانسان فستستمر في التدهور في الداخل وتكون معرضة لخطابة وسياسة غير منضبطتين لكراهية تزداد تهدد وجودها.