خبر لعبة مباعة- معاريف

الساعة 08:10 ص|05 سبتمبر 2012

بقلم: عوفر شيلح

(المضمون: عمليا كل الاطراف تعرف بان اللعبة مباعة. اخلاء ميغرون ليس سوى مسرحية، من يعيش واقع الامس هو وحده من يـتأثر بها. وذلك لان حل الدولتين انتهى وبدل البيت في ميغرون ينشأ اثنان أو ثلاثة في المستوطنات – المصدر).

لاشهر ونحن نسمع عما سيحصل اذا ما اخليت ميغرون حقا. البلاد ستهتز، المواجهة بين المستوطنين والشرطة ستكون الآخرة، الحكومة ستسقط. وشرح سياسيون مجربون بالاشارات والنماذج بان هذه الصدمة لن يتمكن نتنياهو وحكومته من اجتيازها بسلام. تماما مثلما سمعنا عن تل الاولبانه، ومع سنسمعه على نحو شبه مؤكد في الاخلاءات التالية.

بعد ذلك جاء الاخلاء نفسه: هادىء، منظم، بمقاومة طفيفة، معظمها إن لم يكن كلها من اناس من خارج البلدة. أم البؤر الاستيطانية، رمز الرموز، لم تعد – وبعد يومين من ذلك لم يعد هذا حتى عنوان رئيس في الصحيفة. ولم يتحرك أي حجر في الائتلاف من مكانه، ولم يمزق أحد ثيابه بل ولم يكلف احد نفسه عناء التشهير بالمحكمة العليا، التي ردت بشكل قاطع كل الالتماسات ضد الاخلاء. وبرامج الحوار لم تكلف نفسها عناء حتى دعوة المتجادلين الدائمين الذين يصرخان بحماسة عن "سلطة القانون" مقابل "قدسية البلاد".

ماذا يوجد هنا؟ يمكن الافتراض بانه يوجد قليل من كل شيء. قبل الاخلاء تهتم كل الاطراف برفع النبرة، وكأن ما يوجد على كفة الميزان هو مصيري حقا. بالنسبة لليمين فان هذه دعوة الى المعركة، فرصة لرفع الاعلام القديمة للكفاح العادل. وبالنسبة لقوافل اليسار كما أسلفنا: فانهم يشعرون بان ها هم، مرة اخرى مطالبون بان يدافعوا عن الديمقراطية ضد أسياد البلاد. أما عمليا فالطرفان يعرفان بان اللعبة مباعة. اخلاء ميغرون ليس سوى مسرحية، من يعيش واقع الامس هو وحده من يـتأثر بها.

فهي مباعة لان الصراع حسم. امام ناظرينا خيار الدولتين تحول من حل متفق عليه مبدئيا، لا يخرج الى حيز التنفيذ أساسا لان كل طرف لا يثق حقا بنظيره، الى هذيان هو من نصيب الاقلية. فالمستوطنون والفلسطينيون، الذين يعرفون الواقع على الارض، يعرفون بان ما يحصل فيه يبعد كل يوم الامكانية العملية لتقسيم البلاد. في الساحة السياسية تعد الدعوة الى هذا الحل مخلولة جدا، غير عملية جدا بحيث أن الجميع يمكن أن يتمسك بها. فلا يوجد اليوم أي فارق بين نتنياهو، باراك، موفاز أو يحيموفتش: كلهم يتحدثون عن شيء ما ليس لهم اي نية في تحقيقه عمليا. كلهم يتظاهرون بانه يوجد بينهم جدال، ولا سيما من أجل الحفاظ على الاحساس القبلي الذي يسمح لهم بالارتباط في القاسم المشترك الادنى بينهم.

اللعبة مباعة لانه ليس لليمين السياسي حكومة أفضل من هذه، وليس له بديل أفضل حتى لو كانت انتخابات. ليبرمان أو الاحزاب الدينية – القومية لا يريدون حقا سلطة اخرى. وهم يلعبون مع نتنياهو اللعبة: هو يحمي ظاهرا سلطة القانون، ولكن عن كل بيت يخلى، يقوم اثنان أو ثلاثة. عمليا، الاستيطان في المناطق يزدهر أكثر من أي وقت مضى. مخلو ميغرون يوجدون في الطريق الى بلدة جديدة، أكبر من السابقة. إذن فعلى ماذا سيخوضون حربا؟

وعليه، مخطئون اولئك الذين يرون في اخلاء ميغرون انتصارا لسلطة القانون وسيادة المملكة. من انتصر هنا انتصارا واضحا، حاسما وذا آثار تاريخية هم المستوطنون. فهم لم يعودوا يحتاجون الى فرض ارادتهم على الحكومة، المناورة عليها أو سرقة الجياد مع بعض من اعضائها. فبينهم وبين السلطة الحالية بل وأكثر من ذلك، بينهم وبين الاغلبية المتبلورة في الرأي العام – انطلاقا من الايديولوجيا او من اليأس، ماذا يهم – نشأ حلف: مرة كل بضعة أوقات نجري هنا مسرحية صراع، بل وربما مسرحية خضوع. اما عمليا فالجميع يعرف الحقيقة.