خبر كل شيء قابل للانعكاس-يديعوت

الساعة 08:09 ص|05 سبتمبر 2012

بقلم: ياريف اوبنهايمر

الامين العام لـ "سلام الآن"

أخذ ينشأ في الاشهر الاخيرة حلف عقائدي هاذٍ خطير بين أجزاء من ممثلي المستوطنين وشخصيات بارزة في اليسار، يقوم في أساسه اليأس وعدم الايمان برؤيا "دولتين للشعبين". ان الشعور بالعجز في مواجهة حكومة الكين – دانون – ريغف، مع تقارير اخرى عن تعجيل البناء في المناطق، نجحت في جعل كثيرين يختارون الآن رفع العلم الابيض يقنطون وينذرون بانتصار المستوطنين. وبدل رفع الرأس والنضال عن الحل الوحيد الذي يُمكّن من إبقاء اسرائيل دولة يهودية وديمقراطية، يفضل كثيرون الاعتراف بالهزيمة والفشل وخسارة احتمال الانفصال عن الفلسطينيين في دولتين.

ان من نجح في التعرف على هذا الاتجاه والركوب عليه هو رئيس مجلس "يشع" داني ديان الذي يبحث في الاشهر الاخيرة عن كل منصة وكل سبيل لاعلان النصر وليقول ان المستوطنات أصبحت شيئا غير قابل للانعكاس وأنه لن يمكن أبدا اعادة العجلة الى الوراء. ويعلم ديان مثل مصارع جودو كيف يأخذ قوة الخصم ويوجهها عليه. فديان مثلا يعلم كيف يستغل جيدا تقارير "سلام الآن" المتواصلة عن البناء الذي أخذ يزداد في المناطق، وبدل ان يندد بالتقارير ويندب المصير المر للمستوطنين الذين يبنون القليل جدا، اختار ان يأخذ المعطيات وان يستعملها ليدفن احتمال التسوية من جهة الوعي.

لا يعوزنا يساريون مستعدون للقفز على عجلة اليأس التي يقودها ديان. ويمكن ان نفهم لماذا نجح التشاؤم في السيطرة على أذهان ونفوس كثيرين جدا. اجل ان الأنباء من المناطق غير مفرحة وقد تم تعجيل البناء في السنة الاخيرة حتى في المستوطنات المفرقة بصورة كبيرة، لكن المسافة طويلة من هنا الى تغيير استراتيجي للواقع.

ان عدد المستوطنين الذين يسكنون في المستوطنات المفرقة التي ستضطر اسرائيل الى اخلائها بتسوية دائمة يزيد لكنه لا يزيد زيادة كبيرة. ان أكثر الزيادة على السكان المستوطنين هي خصوصا في المستوطنتين الحريديتين، موديعين العليا وبيتار العليا الواقعتين قرب الخط الاخضر، ويكاد يكون احتمال إبقائهما في داخل اسرائيل بعد الاتفاق مؤكدا.

ان أكثر البناء في المستوطنات المفرقة هي لمبان ملاصقة للارض ولا تُبنى هناك مستوطنات جديدة. وعدد المستوطنين الذين ستُجليهم اسرائيل في اطار التسوية ما يزال يراوح حول 100 ألف هم نحو من 1.5 في المائة من سكان اسرائيل كلهم. وليس هذا عددا يستهان به، لكنه لا يختلف جوهريا عن العدد الذي تم الحديث عنه زمن التفاوض بين اولمرت وأبو مازن أو بين باراك وعرفات.

ان الواقع على الارض يتغير وقد أصبح أكثر تعقيدا، وما يزال ثمن الاتفاق يزداد، لكن من السابق لأوانه ان يؤبن، ان دولة اسرائيل التي نجحت في استيعاب مليون مهاجر اليها في عشر سنين، والتي نجحت في ان تُخلي في ست ساعات أكبر البؤر الاستيطانية في المناطق، ستنجح اذا أرادت بأن تُخلي 1.5 في المائة من سكانها كي تُنهي الصراع الاسرائيلي الفلسطيني تاريخيا.

ان مسائل كلفة الاخلاء وعدد المستوطنين الذين ستضطر اسرائيل الى اجلائهم عنصر مهم لكنه ليس وحيدا في مسألة امكانية الاتفاق. فدافع الجمهور الاسرائيلي الى انهاء الصراع والتوصل الى اتفاق أهم من كل عدد المستوطنين الذين ستضطر اسرائيل الى اجلائهم. وكلما قوي في اسرائيل الشعور بتعجل الوصول الى تسوية، وكلما زادت كلفة عدم احرازه واستمرار الاحتلال، ستصبح مسألة اخلاء المستوطنات قزما في نظر الجمهور وتصبح غير ذات موضوع في مقابل المصالح الاخرى.

اذا لم تُترجم فترة الهدوء النسبي التي نعيش فيها الى افعال فربما نبلغ الى طريق تغيير المواقف بعد جولة عنيفة ومؤلمة مع الفلسطينيين فقط – هي حتمية سواء أشئنا ذلك أم لا. ان التخلي والاستكانة للمستوطنين ليسا تخليا عن اخلاء المستوطنات فحسب بل تخليا ايضا عن كون اسرائيل دولة يهودية وديمقراطية تُعايش جاراتها بسلام.