خبر دفن الرأس في يهودا والسامرة -يديعوت

الساعة 07:51 ص|03 سبتمبر 2012

بقلم: يارون لندن

حدث كل ذلك في خلال ايام معدودات وذاك ان فتيانا يهودا هشموا جسد فتى عربي في ميدان صهيون. ورمت عصابة من الفتيان الحريديين نوافذ بيوت حي عربي في شمال القدس بالحجارة وأشعلت معركة حجارة كما كانت الحال في ايام الكتاب المقدس. وسوّت جرافات للجيش الاسرائيلي مباني بالارض وهدمت كهوفا للسكن في منطقة سوسية بزعم ان المنطقة ضرورية للتدريبات وان الفلسطينيين يستولون على اراض ليست لهم. وسمم فلسطيني من بيت فوريك ومعه فلسطينيان اسرائيليان عائلة يهودية، وأعطى المُسمم فعله تعليلا قاطعا بقوله: "أنا لا أتحمل اليهود". وأحرق اولاد من بلدة بات عاين سيارة عائلة فلسطينية. وجُرح أبناء العائلة الخمسة والوالد المحترق يحتضر بين الحياة والموت. واذا تبين وهم الشبهة واتضح ان الزجاجات الحارقة لم يركبها اولاد يهود موهوبون مختصون بكيمياء المواد المتفجرة، فستتجه الشبهة على يهود آخرين لأن الخبراء بالمؤامرة ايضا – ويوجد منهم الكثير في حلقات اليمين – لن يقولوا ان الفلسطينيين فعلوا هذا الفعل. ومهما يكن الامر فان الفرق بين هذه الجريمة وقتل أبناء عائلة بوغل في ايتمار كامن في القانون الجنائي الذي يُفرق بين القتل ومحاولة القتل، أما القصد فمتشابه.

واليكم شيئا آخر من أمراض الايام الاخيرة وهو: ميغرون. ان استيضاح القضية في المحاكم أبرز الشيء المعلوم وهو ان الكذب والخداع ليسا خطيئتي أفراد بل عادة الدولة. دولة لا تنجح في ان تقرر ماذا ستفعل بالمناطق المحتلة وسكانها قد أخذت تتورط وتورطت فأوجدت قوانين قبيحة واحكاما داحضة ونفذت وسائل قمع تجعلها تشبه دولة صديقة وجدت مدة عشرات من السنين ولم تعد موجودة، والقصد الى جنوب افريقية الفصل العنصري. اجل انني رفضت هذه المقارنة سنين طويلة الى ان اقتنعت بأن المعضلات متشابهة وبأن الحلول التي أوجدها البيض لا تختلف كثيرا.

ومع ذلك يسودنا ما يشبه الصمت المُخدِّر.  تتدفق على المنطقة التي تحكمها حماس حاجات بقدر يمنع ضيقا مفرطا وفي مقابل ذلك يهتم الحكام بمضاءلة اطلاق القذائف الصاروخية للمنظمات العاصية. ويحرص محمود عباس على الحفاظ على التعاون مع قوات الامن الاسرائيلية. يمكن السفر في أمن في المناطق المحتلة التي مزقناها الى أقسام منفصلة بجدران وأسوار وشوارع تلتف على الخطر. والمستوطنات تُبنى سريعا وقد رُدت بنجاح محاولة السلطة الفلسطينية ان تُقبل في الامم المتحدة ودفع "الربيع العربي" المشكلة الفلسطينية الى حاشية حواشي الوعي العربي والدولي. فالوضع حسن.

ومع ذلك ماذا سيكون من شأننا نحن أبناء الشعبين الموجودين بين النهر والبحر؟ ماذا سيكون بعد سنتين أو بعد خمس سنين أو في الجيل التالي؟ كم من الوقت سيُسلم الفلسطينيون لحالهم باعتبارهم رعايا مضطهدين؟ ومتى سيلاحظ الساسة ان الموهوبين من أبنائنا يغادرون هذا المكان؟ ومتى سيبدأون الحديث بجدية عن مستقبلنا؟.

هناك عدد من الامكانات البسيطة الصارمة التي لا حاجة للتوسع فيها: وهي الانتظار الى ان يأتي من يحل المعضلات، والتسليم لمقولة "العيش أبدا على السيف" والايمان بتخليص الله. والامكانات الاخرى هي أكثر تعقيدا وتُقسم الى اربعة أصناف. الاول الاصرار على مبادرة جنيف التي تعني تقاسم البلاد واجلاء عشرات آلاف اليهود. والثاني هو ضم المناطق المحتلة، وإفراد مناطق سكن للفلسطينيين واعطاء الحق في استيطان ارض اسرائيل الواسعة للفلسطينيين الذين سيكونون مواطني الاردن. والثالث دولة واحدة للشعبين. والرابع تقسيم البلاد الى دولتين ذواتي سيادة من غير اجلاء اليهود عن المناطق التي احتلت في 1967 ومن غير إبعاد العرب الذين بقوا في اسرائيل في 1948، أي دولتين يعيش فيهما ناس مواطنين متساوي الحقوق والواجبات ليسوا من أبناء سكان الأكثرية.

حان الوقت للحديث في كل شيء. ان الحديث المكشوف هو البديل الوحيد عن عدم الفعل.