خبر في الساحة الخلفية -معاريف

الساعة 08:39 ص|02 سبتمبر 2012

 

في الساحة الخلفية -معاريف

بقلم: حافا شورتس

مديرة النشاط الجماهيري في جمعية "عير عميم"

        (المضمون: في شرقي القدس تحول قانون التعليم الالزامي الى مجرد توصية، وأحد لا يحرص على مصلحة التلاميذ الفلسطينيين. هذه سياسة تحت صيغة "السيادة – نعم، المسؤولية – لا - المصدر).

        عن شرقي القدس قيل غير مرة انها الساحة الخلفية للقدس. التعليم في شرقي القدس هو تابوت هذه الساحة، الذي يفضل رئيس بلدية القدس ووزير التعليم الا يدخلونا اليه والا يعرضوه في مؤتمر التعليم القادم خشية أن يتبين ان هذا مؤتمر تعليم في العالم الثالث.

        في شرقي القدس، ذاك الجزء الذي لا يتجزأ من القدس الموحدة حسب اعلانات الحكومة ورؤسائها، نشأ هرم وحشي على نحو خاص لظروف التعليم، الذي يشكل فيه قانون التعليم الالزامي مجرد توصية. فمن بين التلاميذ الفلسطينيين في المدينة فان 47 في المائة فقط يتعلمون في التعليم البلدي، الذي يستحقونه حسب القانون، بسبب نقص نحو 1.100 صف تعليمي. وحسب معطيات مديرية التعليم في القدس، فنحو نصف الصفوف البلدية التي بنيت ليست حسب المواصفات. قسم من المدارس تضم عددا شبه مضاعف للتلاميذ عن العدد الذي تستطيع استيعابه، وفي بعضها يمكن أن نرى أقبية وشرفات جُعلت صفوف تعليم، ونقص خطير في غرف الخدمات. غياب المدارس خلق في شرقي القدس سوقا خاصة من المؤسسات التي تحل محل تلك التي لا تديرها البلدية.

        دليل على ذلك يوجد في الارتفاع الهائل في عدد التلاميذ الذين يتعلمون في المدارس المعروفة بانها غير رسمية، تلك التي تعترف بها الدولة، ولكن ليست في ملكيتها بل في ملكية جهات خاصة. وحسب التقرير الجديد لجمعية "عير عميم" وجمعية حقوق المواطن الذي نشر هذا الاسبوع، فان عدد الاطفال الذين يتعلمون في هذه المدارس ارتفع من 2.000 تلميذ في 2010 الى 28.280 اليوم.  والى جانب مدارس الاوقاف ووكالة الامم المتحدة، فان قسما كبيرا من هذه المؤسسات تعود الى جمعيات خاصة، بغياب رقابة عملية تعرض برامج تعليمية بالحد الادنى، تشغل معلمين ينقصهم التأهيل ولا تقبل التلاميذ الذين لا يدفعون رسوم التعليم. وهكذا فان بلدية القدس تخصخص مسؤوليتها وتسيبها في أيدي جهات ذات مصالح  غريبة على ظهر الاطفال الذين لا يحظون بالتعليم المناسب.

        المنافسة على مكان في المدارس البلدية وأسعار المدارس الخاصة تبقي الكثيرين في الخلف. فمعدل التساقط من جهاز التعليم للتلاميذ حتى الصف الثاني عشر يبلغ 40 في المائة  - وهذا هو معدل التساقط الاعلى في البلاد. كما يكشف التقرير النقاب عن أنه حسب معطيات البلدية ليس معروفا لمديرية التعليم البلدي اين وهل يتعلم أكثر من 20 الف طفل يعيشون في القدس الشرقية. هذه المرة ليست البيروقراطية هي المذنبة – بالذات في أروقة البلدية يوجد من يريدون التغيير. على مدى أكثر من عقد، بين أعوام 2001 و 2012، استكمل بناء 314 صف تعليم في القدس الشرقية. ولكن كما أسلفنا عدد الصفوف الناقص اكثر بثلاثة اضعاف، وبناء مزيد من الصفوف لا يدرك الفارق.

        الرغبة في التغيير هي أيضا التي تملي نشاط منظمات الاهالي في شرقي القدس. ولكن النوايا الطيبة لن تجسر هوة التعليم في شرقي القدس، وذلك لان هذه الهوة ليست نتيجة خطأ؛ فهي نتيجة سياسة. هذه سياسة اللعبة المزدوجة تحت الصيغة: "السيادة – نعم، المسؤولية – لا"، التي يطبقها وزير التعليم ورئيس بلدية القدس باخلاص. حث خطة لاستغلال الاراضي العامة في سلوان في صالح مركز الزوار الجديد أمام مدينة داود، حيث سيزور تلاميذ اسرائيل ويطلون على القرية غير المرئية، بدلا من بنية تحتية تعليمية مناسبة في المكان؛ مال طائل لبرامج تعزيز القومية اليهودية المتطرفة تحت غطاء "التراث" بدلا من شروط اساسية وانسانية لتلاميذ القدس. التنكر للمسؤولية تجاه تعليم أطفال شرقي القدس، وفي نفس الوقت مراقبة كتب التعليم في المدارس التي تفتح في الفراغ الذي خلفته البلدية. وبالفعل، ليس خطأ بل سياسة. السياسة هي سياسة حكومة اسرائيل التي تفوت كل امكانية لتسوية سياسية في القدس "الموحدة" وتنتج مدينة ثنائية القومية تدار من قبل أجندة احادية القومية. وفقا لبرنامج العمل هذا فان موطيء القدم المخمن للملك داود يفوق رفاهية ومستقبل أطفال مدينته. برنامج العمل هذا يمنع عن عشرات الاف الاطفال في شرقي القدس التعليم المناسب، عن الاف الاطفال اي أطر تعليمية، ويساهم مباشرة في التدهور الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع الذي يشكل اكثر من ثلاث سكان القدس. المسؤولية عن مستقبل هؤلاء الاطفال والاثار التي ستكون لذلك على عموم سكان المدينة ملقاة على كاهل ساعر وبركات.