خبر « إسرائيل » في خانة الـ « يك » بعد تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية

الساعة 01:16 م|01 سبتمبر 2012

وكالات

نشرت صحيفة "ذي انترناشونال هيرالد تربيون" الاميركية اليوم مقالا شارك في اعداده من مدينة القدس مراسلاها ديفيد سانغر وجودي روديرن تناولا فيه التقرير الذي اصدرته وكالة الطاقة الذرية الدولية بشأن زيادة ايران في الآونة الاخيرة جهودها لتخصيب اليورانيوم ومفعول العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية القاسية التي تؤذي ايران. وفي ما يلي نصه:

"بالنسبة الى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، فان وكالة الطاقة الذرية الدولية توصلت يوم الخميس الفائت الى ما يؤكد موقفه منذ زمن طويل القائل بانه بينما ادت العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية القاسية الى الحاق الضرر بايران، فانها فشلت في ابطاء مسيرة برنامج طهران النووي. وفي مختلف الاحوال، فان البرنامج يسير في تسارع.

الا ان تقرير الوكالة حشر اسرائيل في زاوية، اذ اكد ان ايران اقتربت من عبور ما ظلت اسرائيل تردد لفترة طويلة من الوقت انه خط أحمر: الا وهو القدرة على انتاج سلاح نووي في موقع أبعد من أن يكون عرضة لاي هجوم اسرائيلي.

ويقول مسؤولون وخبراء في اسرائيل انه الى جانب ما جاء في التقرير من ان ايران قامت بتركيب اكثر من 2100 جهاز للطرد المركزي داخل مختبر تحت الارض لا يمكن الوصول اليه وانها رفعت من انتاج الوقود النووي، فان النتائج قد تضطر اسرائيل الى استخدام القوة لضرب ايران او الاعتراف بانها ليست مستعدة للقيام بالعملية منفردة.

وسواء أدى ذلك في النهاية الى تغيير في الاستراتيجية، او الى هجوم أحادي، فان ذلك شيء ليس في مقدور حلقة المقربين من الاتفاق عليه بعد، رغم ما بدا من اتفاقهم في الرأي على ان البرنامج الايراني قد يصل قريبا الى مرحلة لا تصل اليها القدرة العسكرية الاسرائيلية.

وقال احد كبار الموظفين الرسميين ان "ذلك يتركنا عند هذه النقطة التي لا مخرج منها"، وقد تحدث بشرط عدم الكشف عن اسمه لانه معني في عملية اتخاذ القرار "وكلما مر مزيد من الوقت من دون تغيير على الارض في ما يتعلق بالسياسات الايرانية، كلما تحول الوضع الى نقطة الصفر".

ويوضح التقرير التوتر مع واشنطن خلال اجواء حامية في فترة انتخابات الرئاسة. اذ ان الرئيس الاميركي اوباما ورئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو يقولان في معظم الاحيان ان لديهما تقييما مشتركا للاستخبارات بشأن المسيرة الايرانية. الا ان ما لم يتمكنا من الاتفاق عليه هو الوقت المناسب.

حاول المسؤولون الاميركيون مرارا التاكيد للاسرائيليين ان الولايات المتحدة تساندهم، وتذكرهم بان ليس في مقدورهم بمفردهم تدمير المنشآت التي اقيمت تحت احد الجبال خارج مدينة قم. وتملك الولايات المتحدة اسلحة تعتقد ان بامكانها تدمير المختبر، الا ان قرار اوباما هو ان هناك ما يدعوه البيت الابيض بـ"وقت وفسحة" للعمل الدبلوماسي والعقوبات واعمال التخريب، وهي مزيج يقول الاسرائيليون انه ليس كافياً.

وقال مستشار سابق للرئيس اوباما قبل وقت قصير: "ليس في امكانهم ان يقوموا بالمهمة بصورة صحيحة من دون مساعدتنا لهم. نحاول ان نقنعهم ان هجوما يدفع البرنامج الى اعماق اكثر تحت الارض لا يمثل الحل، بل انه المشكلة الكبرى".

ويصدر التقرير في لحظة حرجة من لحظات الحملة الاسرائيلية الواسعة لبناء تأييد الغرب لوقف ايران عن تطوير سلاح نووي، وهو ما يعتبر كل فرد في اسرائيل انه تهديد للبقاء بالنسبة اليهم. ويقر مهنيون عسكريون ان الفاعلية المحتملة لضربة اسرائيلية اخذة في التقهقر فيما تتحرك العمليات الايرانية تحت الارض بصورة اسرع. (ويقولون الان ان افضل ما يمكن للقوة الاسرائيلية ان تحققه هو اقفال مداخل الانفاق حول منشآة "فوردو" وليس تدمير ما في الداخل).

ومن الناحية السياسية، فان القادة الاسرائيليين يشعرون بالقلق من انهم سيفقدون النفوذ بعد انتخابات الرئاسة في تشرين الثاني (نوفمبر)، مهما كانت نتائجها، كما انهم يشعرون بالقلق من ان ضربة تسبق الانتخابات ستثير غضب واشنطن اذ ان دعمها سيكون اكثر أهمية بعد الفعل.

ثم انه بعد شهر من الزيارات المتواترة من قبل مسؤولين امنيين اميركيين على مستوى عال، هدأت حمى النقاش العام في اسرائيل حول القيام بهجوم لا مفر منه، مع عودة الاسرائيليين من اجازاتهم الصيفية والبدء في الاعداد للايام الدينية المقدسة. غير ان عددا من كبار المسؤولين في الحكومة قالوا ان البحث والنقاش والضغوط ازدادت كثافة داخل دوائر مغلقة لصنع القرار، وان اسرائيل اتخذت خطوات لتأمين الجبهة الداخلية واعداد مواطنيها.

ويقول كثير من المحللين، من كان منهم داخل اروقة الحكومة او من المستقلين، ان الوضع الراهن لا يمكن ان يظل على ما هو عليه. وما لم يجد المجتمع الدولي اساليب جديدة لتطبيق الضغط الدبلوماسي، او ما لم تصدر الولايات المتحدة انذارا نهائيا واضحا لايران بشأن نواياها باتخاذ اجراء عسكري، فان فرص اسرائيل للهجوم هذا العام ستأخذ في التصاعد، حسب قولهم.

وقال احد كبار المسؤولين الاسرائيليين "اذا اوضحت الولايات المتحدة للايرانيين انها قد تشعل نار الحرب، فانه لن تكون هناك حاجة لاي طرف آخر ان يعلن الحرب".

وقال جاي كارني، الناطق بلسان اوباما، لدى سؤاله عن التقرير ان "الرئيس اوضح مرارا انه مصمم على منع ايران من الحصول على سلاح نووي". لكنه لم يحدد موعدا نهائيا، وقال مسؤولون ان من غير المحتمل ان يعمد اوباما الى تحديد موعد او يضع جملة شروط تحدو الى القيام بعمل عسكري.

ويعقد العديد من القادة والمحللين في اسرائيل امالهم على احتمال لقاء اوباما ونتنياهو عندما يسافر الاخير لحضور اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة في أواخر ايلول (سبتمبر).

وقال آري شافيت، الكاتب في صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية، ان "المأساة تكمن في فشل الاثنين في التغلب على الاختلاف وفورات الدماء وان يعملا بطريقة ودية وجادة. وبدلا من عمل الديمقراطية العظمى والديمقراطية الصغرى مع بعضهما البعض، فانه يبدو انهما يعملان وعوامل الشك عميقة في نفسيهما".

والخلاف الحرج بين وجهتي النظر الاميركية والاسرائيلية بالنسبة الى الوضع ظل لفترة طويلة يركز على التوقيت. ففي اسرائيل، تسير ساعة الزمن بدقاتها، وحسب قول احد كبار المسؤولين الاسرائيليين "فانها جميعا تدق بسرعة اكبر".

وقال هذا المسؤول متحدثا بشرط عدم الكشف عن هويته لانه معني ايضا بمباحثات على مستوى عال "انهم يقتربون من بعضهم كل اسبوع. ففي الوقت الذي يبدو فيه ان فريقنا يقف كل اسبوع في المكان ذاته، فان جانبهم يسير كل اسبوع مقتربا اكثر من الهدف". (وتصر ايران على ان انشطتها النووية هي لاغراض سلمية).

ورغم ان نتنياهو ووزير دفاعه ايهود باراك هما الاساس في اعلان القرار النهائي، الا ان الاهتمام تحول الى مجموعة الـ14 وزيرا الذين يطلق عليهم لقب الوزارة المصغرة او الوزارة الامنية. وقال يوسي ميلمان، مؤلف كتاب "جواسيس ضد ارماغيدون" الذي يؤرخ للاستخبارات الاسرائيلية، ان الاجراءات العسكرية تحتاج عادة الى "غالبية مؤكدة" من 12 او 13 عضوا في هذه المجموعة، المنقسمة حاليا على ذاتها.

وهناك ثلاثة او اربعة من الوزراء الذين يعتقد انهم يعارضون ضربة اسرائيلية منفردة، بينما يؤيدها في ما يبدو ستة منهم. وهناك اثنان مهمان يظلان مجهولي النوايا هما نائب رئيس الوزراء موشيه يعلون ووزير الخارجية افيغدور ليبرمان اللذان رفضا اجراء لقاء.

وقد تحدث نتنياهو بصوت خفيض الى يعلون خلال مأدبة عشاء صغيرة حضرتها وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون في تموز (يوليو). وكان يعلون قد حذر على "تويتر" من ان "التاريخ سيحكم على ما اذا كانت الولايات المتحدة ستواجه التهديد الشيعي في وقت مناسب لمنع ايران من الحصول على السلاح النووي العسكري". لكن ما نشر في ما بعد المح الى وجود مكان للمراوحة "اي شخص يريد منع القيام باستخدام القوة العسكرية عليه ان يتأكد من تطبيق مزيد من العقوبات المؤلمة".

اما ليبرمان الذي يختلف مرارا في مواقفه عن نتنياهو فقال في لقاء تلفزيوني الاسبوع الفائت: "ليس هناك وضع يمكن لاسرائيل ان تقبل فيه بوجود ايران نووية".

ان الانقسام في صفوف الحكومة الاسرائيلية، بشكل اوسع في اسرائيل، لا تسير وفق الخطوط المعتادة لليمين – اليسار او الصقور. فالخلافات اساسا تتركز على افضل الطرق للمشاركة الاميركية.

وقال ميلمان: "لا بد ان نتذكر ان المسألة هل نهاجم الان ام في وقت لاحق. وليست بين دعاة السلام ودعاة الحرب. والنقاش ضد ذلك لا يسيء الى العلاقات مع الولايات المتحدة، ولا يعرض العلاقات للمخاطرمع الرئيس لمجرد الاسترضاء للقيام بهجوم قبل الانتخابات".

وقال ديفيد ماكوفسكي من معهد واشنطن لدراسة سياسات الشرق الادنى الذي امضى اكثر من عقد من الزمن في اسرائيل "يمكن لمركز الجاذبية السياسية ان يتغير بسرعة كبيرة"، اذا لم تقم ادارة اوباما بمزيد من الافعال.

قال مارتن انديك، وهو سفير اميركي سابق لدى اسرائيل هو الآن مدير السياسة الخارجية في معهد بروكينغز انه صدم بان اسرائيل بدأت في الاسابيع الاخيرة توزيع اقنعة غاز، وفحص الملاجيء من القنابل وتطبيق نظام تحذير بالرسائل النصية القصيرة.

وتذكر عوزي اراد، وهو مستشار امن قومي اسرائيلي سابق، انه رافق نتنياهو – الذي كان آنذاك زعيم المعارضة - الى اجتماع مع نائب الرئيس ديك تشيني في 2007. جادل الاسرائيليون، كما قال اراد، بان الشيء الوحيد "ذا القوة الكافية" لمنع ايران من تطوير سلاح (نووي) كان (فرض) عقوبات تسبب الشلل، بما في ذلك اجراءات ضد قطاع الطاقة "مصحوب بخيار عسكري موجود وواضح وذي مصداقية يحذر من ان مواصلة البرنامج لن تنجح لانها ستجلب بصورة لا مفر منها عملاً عسكرياً".

بعد خمس سنوات على ذلك يقول الناس المحيطون بنتنياهو الشيء نفسه الى حد كبير وربما كانوا قد تعبوا من الانتظار".