خبر الشعب العربي يريد- يديعوت

الساعة 09:05 ص|28 أغسطس 2012

الشعب العربي يريد- يديعوت

بقلم: اليكيم هعتسني

"الشعب يريد" – تحت هذا الشعار سارت الجماهير في "الربيع العربي"، واحتفلوا في معسكرنا المستنير والمتقدم. لكن كان يكفي نظر أولي يثير الفزع في أعماق هاوية هذه الرغبة، وبادر فرسان تقدمنا الى اغماض عيونهم وسد وعيهم أمام الواقع الذي يناقض صورة عالمهم ويضعضع القاعدة العقائدية تحت أرجلهم.

في مقالة سمدار بيري "الآن فهمتكم" تصف كيف تتكيء مصر الجديدة على ذكرى الجندي المصري سليمان خضر الذي قتل سبعة اشخاص منهم القاضي حمان شيلح وبضعة اولاد صغار. وقد خصصت "الاهرام" له تقريرا افتتاحيا وعبر عشرات المتصفحين في الانترنت عن اجلالهم له. ومن الظاهر للعيان ان عائلته التي ترى عمله الفظيع "رسالة سامية" تعبر عن ارادة الشعب كالجماهير في ميدان التحرير الذين أعلموا المراسلة الامريكية لوغان على أنها "يهودية" قبل ان ينقضوا عليها جنسيا ومثل الجماهير الهائجين الذين حاصروا السفارة في القاهرة بالقوة ومثل مفجري انبوب الغاز الى اسرائيل ومثل جميع اصحاب المهن الحرة الذين يقطعون مع اسرائيل منذ اول ايام اتفاق السلام.

يقولون ان الادارة المصرية اليوم والقيادة العسكرية محكومتان "من أسفل"، من الجماهير. ويعبر ادخال الدبابات والسلاح المضاد للطائرات الى سيناء بغرض انهاء اتفاق السلام، عن ارادة الشعب. ولا مخالف عن ان ارادة الشعب هي التي قالت قولها في ميدان التحرير وفي الانتخابات العامة التي كانت حرة حقا.

والاستنتاج ان اسرائيل تستطيع الحصول على "سلام" من مستبدين عرب فقط، والسؤال هو كيف يستوي هذا السلام مع تصور عام ليبرالي ومتقدم؟.

تنظر سمدار بيري الى الاردن ايضا، الى الجندي احمد دقامسة الذي قتل سبع طالبات يهوديات في نهرايم وله ايضا كتائب من المُجلين الذين يطلبون الافراج عنه، والشارع الاردني "يشتاق الى معانقة الجندي القاتل". وفيما يتعلق بـ "الشريك" الفلسطيني – لم يبق ميدان أو مؤسسة أو نادٍ لم يخلدوا فيها ارهابيا قتل يهودا.

ان ما دفعناه الى مصر مقابل اتفاقات السلام – كل الارض حتى آخر ذرة تراب – لن نستطيع أبدا اعطاءه للفلسطينيين، وهم الذين آخر ذرة تراب "لهم" يافا وحيفا. لا يقول أبو مازن هذا علنا لكن هذا ما يريده شعبه. فمن الحقائق ان ارادة الشعب هي المنتصرة آخر الامر من العراق الى تونس.

أحسن اهود باراك وصف هذه الصورة بأنها "دارة في غابة". لو وجد بلعام معاصر لرآنا "شعبا يسكن وحده" ولتلقى فورا مطر شتائم بسبب التصريح الظلامي والنخبوي والرجعي. فخلاصة صهيونية المستنيرين هي الجهد البطولي اليائس للخروج من هذه العزلة التي يعتبرونها "جلائية". ولسنا قد عُدنا الى بلدنا من اجل ذلك – كي نصبح "شعبا كسائر الشعوب" – أليس كذلك؟.

ليس كذلك في الحقيقة. لأنه يتبين الآن لكل من لم ير ذلك من قبل انه مثلما احترقت التجربة الجلائية للتحرر من أغلال "سكن الشعب وحده" بواسطة الاندماج والذوبان في الآخرين، في نار المحارق، كذلك ايضا جهد "الاندماج في المنطقة" بواسطة "السلام" وآلامه يناقض ارادة الشعب العربي، ولهذا لا أمل فيه.

ان الاسرائيليين الذين يقفون في الصف بانتظار جوازات السفر أمام سفارات اجنبية يقومون بتجربة انفعالية ليستبدلوا بالعزلة المخزية في اوروبا المعادية للسامية عزلة براقة في وطنهم الحر. لأن هذا هو الاختيار الحقيقي: "شعب يسكن وحده" – أاكليل شوك أم تاج ذهبي؟ أنفخر بتميزنا الذي هو وحدتنا ونقرأ مقولة بلعام باعتبارها إطراءا أم نخجل من كوننا مختلفين ومتميزين؟ ان الذين توهموا أنهم سينجحون هنا في بلدنا في ان يكونوا "شعبا كسائر الشعوب" في نهاية الامر، جاءت "ارادة الشعب" العربي ولطمتهم على وجوههم. وإني لأشفق عليهم.